تُظهِر هذه الصورة من مركبة الفضاء كبلر التابعة لوكالة ناسا أعضاء العنقود النجمي الثريا (pleiades) والتي أُخذت خلال الحملة الرابعة لمهمة K2، ويمتد العنقود النجمي عبر جهازين مُؤلَّفين من 42 جهازاً مقترنين بالشحن (CCDs) والتي تشكل 95 ميجا بيكسل من الكاميرا الخاصة بكبلر، وألمع النجوم في العنقود هي ألسيون (Alcyone)، وأطلس (Atlas)، وإلكترا(Electra)، ومايا(Maia)، وميروب (Merope)، وتايجيتا (Taygeta)، و بليون (Pleione) وهي مرئية للعين المجردة.
لم يتم تصميم كبلر للنظر إلى النجوم بمثل هذا السطوع، فهي تسبب تشبع الكاميرا، مما يؤدي إلى طفرات طويلة وغيرها من الخدع في الصورة، وعلى الرغم من هذا التدهور الخطير للصورة، فقد سمحت التقنية الجديدة للعلماء الفلكيين بقياس التغيرات في سطوع هذه النجوم بعناية كما رصدهم تلسكوب كبلر لمدة ثلاثة أشهر تقريباً.
حقوق الصورة: NASA / Aarhus University / T. White.
وفر علماء الفلك الدراسة الأكثر تفصيلاً حتى الآن لمجموعة نجوم الثريا باستخدام خوارزمية جديدة لتعزيز عمليات الرصد من تلسكوب كبلر الفضائي.
إن الشقيقات السبع - كما عُرفن عند الإغريق القدماء - يُعرفن الآن عند علماء الفلك الحديثين بالعنقود النجمي الثريا، وهي مجموعة من النجوم المرئية للعين المجردة وقد دُرِست منذ آلاف السنين من قِبَل الثقافات في جميع أنحاء العالم، وقد أظهر الآن الدكتور تيم وايت Tim White من مركز الفيزياء الفلكية النجمية في جامعة آرهوس وفريقه من علماء الفلك الدنماركيين والدوليين تقنية جديدة قوية لمراقبة النجوم مثل هذه التي عادة ما تكون ساطعة جداً للنظر إليها من خلال التلسكوبات عالية الأداء، ونُشِر عملهم في النشرات الشهرية للجمعية الملكية الفلكية.
و أجرى الفريق الدراسة الأكثر تفصيلاً حتى الآن لتغيرات هذه النجوم باستخدام خوارزمية جديدة لتعزيز عمليات الرصد من تلسكوب كبلر الفضائي في مهمته K2. صُمِّمت الأقمار الاصطناعية مثل كبلر للبحث عن الكواكب التي تدور حول النجوم البعيدة من خلال البحث عن انخفاض في السطوع كلما مرت الكواكب من أمامها، وأيضاً للقيام بعلم قياس الذبذبات الفلكية (asteroseismology) وهو دراسة بُنية وتطور النجوم المترافقة مع التغييرات في سطوعها.
ولأن بعثة كبلر مُصمَّمة للنظر إلى الآلاف من النجوم الباهتة في وقت واحد، فإن بعضاً من ألمع النجوم في الواقع ساطعة جداً وهذا ما يُصعِّب عملية رصدها، إن تصويب شعاع من الضوء من نجم ساطع عند نقطة على كاشف الكاميرا يجعل البيكسلات المركزية لصورة النجم مشبعة، مما يؤدي إلى خسارة كبيرة جداً للدقة في قياس السطوع الكلي للنجم، وهذه هي نفس العملية التي تسبب فقدان النطاق الديناميكي على الكاميرات الرقمية العادية، والتي لا يمكنها أن ترى التفاصيل الباهتة والساطعة بنفس التعرض.
ويقول الدكتور تيم وايت المؤلف الرئيسي: "تَبيَّن أن الحل لمراقبة النجوم الساطعة من خلال كبلر بسيط إلى حد ما"، وأضاف: "نحن مهتمون بشكل رئيسي حول التغيرات النسبية، وليست المطلقة في السطوع، إذ يُمكننا فقط قياس هذه التغييرات من بكسلات قريبة غير مشبعة وتجاهل المناطق المشبعة تماماً."
ولكن لا تزال التغيرات في حركة الأقمار الاصطناعية والعيوب الطفيفة في الكاشف تستطيع أن تخفي إشارة التغيّر النجمي. وقد طوّر المؤلفون تقنية جديدة لوزن مساهمة كل بكسل للعثور على التوازن الصحيح للتغلب على هذا، إذ تم إلغاء الآثار الناتجة عن الآلات مما يكشف عن التقلبات النجمية الحقيقية، وقد سُمِّيت هذه الطريقة الجديدة باسم قياس شدة الهالة الضوئية (halo photometry)، وهي خوارزمية بسيطة وسريعة قد أطلقها المؤلفون كبرمجيات مجانية مفتوحة المصدر.
وتبين أن معظم النجوم السبعة تكون نجوماً بطيئة نابضة من الفئة ب، وهي فئة من النجوم المتغيرة التي يتغير فيها سطوع النجم خلال فترات طويلة، وإن ترددات هذه النبضات مفتاح لاستكشاف بعض العمليات الغير المفهومة في جوهر هذه النجوم.
إن النجم السابع مايا (Maia) مختلف، فهو يتغير كل فترة منتظمة مدتها عشرة أيام، وقد أظهرت الدراسات السابقة أن مايا ينتمي إلى فئة من النجوم ذات تركيزات سطحية غير طبيعية لبعض العناصر الكيميائية مثل المنغنيز، ولمعرفة ما إذا كانت هذه الأشياء ذات صلة، اتُّخِذت سلسلة من عمليات الرصد الطيفية من خلال تلسكوب سونغ هيرتزبرونغ (Hertzsprung song telescope).
تقول الدكتورة فيكتوريا أنتوسي Victoria Antoci المؤلفة المشاركة في العمل وأستاذة مساعدة في مركز الفيزياء الفلكية النجمية بجامعة آرهوس: "ما رأيناه هو أن التغيرات في السطوع التي شُوهِدت من خلال كبلر تسير جنباً إلى جنب مع التغيرات في قوة امتصاص المنغنيز في الغلاف الجوي لمايا"، وأضافت: "نستنتج أن التغيرات ناتجة عن بقعة كيميائية كبيرة على سطح النجم، والتي تدخل وتخرج منه بحيث يظهر أن النجم يدور لفترة عشرة أيام".
وقال وايت: " كان الفلكيون يعتقدون قبل ستين عاماً أن بإمكانهم رؤية التغيرات في مايا لفترات دورية من بضع ساعات، واقترحوا أن هذا هو النوع الجديد الأول لفئة جديدة كاملة من النجوم المتغيرة أطلقوا عليها "متغيرات مايا"، ولكن عمليات الرصد الجديدة تُظهِر أن النجم مايا بحد ذاته ليس متغيراً من نوع متغيرات مايا!".
لم يُكشَف عن أيّ علامات عن عبور الكواكب الخارجية في هذه الدراسة، ولكن أظهر المؤلفون أن الخوارزمية الجديدة الخاصة بهم يمكن أن تصل إلى الدقة التي ستحتاج إليها لكبلر والتلسكوبات الفضائية المستقبلية مثل ماسحُ عبور الكواكب الخارجية (Transiting Exoplanet Survey Satellite) أو اختصاراً (TESS) للكشف عن الكواكب التي تمر عبر النجوم التي سطوعها مثل النجم المجاور لنا ألفا قنطورس Alpha Centauri، وهذه النجوم الساطعة القريبة هي أفضل الأهداف للبعثات والمرافق المستقبلية مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي (James Webb Space Telescope) الذي من المقرر إطلاقه في أواخر عام 2018.
إن منظر عنقود الثريا جميل ومألوف، كما رأينا في هذه الصورة من المسح الثاني للسماء لمرصد بالومار (Palomar Observatory). تم تصميم تلسكوب كبلر الفضائي التابع لوكالة ناسا للنظر إلى النجوم الباهتة، لذلك تُظهِر الصور المأخوذة من الثريا طفرات طويلة بسبب تشبع الكاميرا بألمع النجوم. وعلى الرغم من تدهور الصورة، فقد سمحت عمليات الرصد المستمرة من قبل كبلر على مدى ما يقرب من ثلاثة أشهر للفلكيين للعثور على تقلبات في سطوع كل نجم.
حقوق الصورة: NASA / ESA / AURA / Caltech / Aarhus University / T. White