دور

التاريخ: ٣٠ آذار ٢٠١٧.
المصدر: جامعة برينسيتون Princeton.
الخلاصة: يلعب جزءٌ من الدماغ والذي يكوِّن خرائط ذهنية لبيئة الفرد دورًا أوسع في الذاكرة والتعلم مما كان يُعتَقَد سابقًا وذلك بناءً على بحث جديد.

 

يلعب جزءٌ من الدماغ والذي يكوِّن خرائط ذهنية لبيئة الفرد دورًا أوسع في الذاكرة والتعلم مما كان يُعتَقَد سابقًا وذلك بناءً على بحث جديد نُشِرَ هذا الأسبوع في المجلة الدورية Nature من قبل باحثين من جامعة برينسيتون Princeton.

يقول دافيد تانك David Tank وهو بروفيسور في البيولوجيا الجزيئية في Princeton's Henry L. Hillman ومؤلف مُشارِك في معهد برينسيتون للعلوم العصبية: "أظهرت أربعين سنة تقريبًا من البحث أنّ منطقة مُحدَّدة من الدماغ مُخصَّصة للملاحة (التنقّل) المكانية. ووجدنا أنَّ هذه المنطقة تتفعل أيضًا عند التنقُّل ليس فقط في البيئات المكانية بل المعرفية أيضًا".

كشفت الدراسة أنّ منطقة من الدماغ تُدعى بالحُصين -والتي عُرِفَت منذ سبعينات القرن العشرين- تتفعّل عند تنقل الجرذان حول بيئاتهم.

 

دُرِّبَت جرذان على خفض مقبض وتحريره عندما يصل الصوت إلى تواتر معين. الصورة محفوظة ل Illustration by Julia Kuhl.
دُرِّبَت جرذان على خفض مقبض وتحريره عندما يصل الصوت إلى تواتر معين. الصورة محفوظة ل Illustration by Julia Kuhl.


أظهر البحث والعمل المرتبط به أنّ خلايا في القشرة الشمية الداخلية المُجاوِرة تتفعل عند وصول الحيوانات إلى مناطق محددة، ممّا أدى إلى الاستنتاج بأنّ الدماغ يُشكِّل تمثيل داخلي للعالم الخارجي (نوع من نظام مواقع ذهني) يُعلِم الحيوان عند وصوله إلى بيئته.


حاز ثلاثة علماء بسبب هذه النتائج على جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب عام ٢٠١٤.

وحاليًا وجد باحثون من جامعة برينسيتون أنّ ذات المناطق من الدماغ تتفعل عند اكتشاف الدماغ لنمط بيئة مختلف جدًا تتضمن إحداها الاستماع إلى الأصوات.

حيث راقب الباحثون الفعالية العصبية عند استماع الجرذان واستجابتهم لأصوات معينة ووجدوا نماذج تفعيل مُماثِلة لتلك التي وُجِدَت عند اكتشاف الجرذان لبيئاتهم.

قام هذا البحث بحل لغز طويل الأمد في علوم الأعصاب عن كيفية ارتباط الحُصين بكل من تشكيل الخرائط عن البيئة الخارجية وتشكيل ذكريات جديدة.


الأفراد ممن لديهم أذية في الحُصين (مثل مريض النسيان المعروف بـ H.M الذي شارك ضمن خمس عقود من الدراسات حتى وفاته في ٢٠٠٨) يفقدون القدرة على تكوين ذكريات جديدة.

في دراسات سابقة راقب العلماء الفعالية الكهربائية في خلايا ضمن الحُصين ووجدوا أنّ الخلايا تتفعل على شكل متواليات تُمَثِّل المكان الذي كان فيه الحيوان، الاتجاه الذي كان يتجه إليه رأسه، الاتجاه الذي كان ينتقل به وموقعه بالنسبة لحدود ما.

يقول المؤلّف الأول لهذا البحث دمتري أرونوف Dmitriy Aronov الذي قام بالعمل خلال مرحلة ما بعد الدكتوراه في معهد برينسيتون للعلوم العصبية والذي يعمل الآن بروفيسور مُساعِد في جامعة كولومبيا للعلوم العصبية: "تناول اللغز السؤال عن دور نماذج التفعيل هذه في الذاكرة".

وضع الباحثون نظرية حول امكانية أن يكون الحُصين والقشرة الشمية الداخلية المُجاوِرة (والذان يعملان معًا لتشكيل هذه الخرائط الذهنية) غير متخصصين في الواقع بوضع الخرائط بحد ذاتها بل يرتبطان بمهام معرفية شاملة أكثر ووضع الخرائط هو إحدى مظاهر المهام المعرفية الأوسع التي تتضمن التعلم والذاكرة.

قد يكون السبب وراء كون الدراسات السابقة أظهرت مهام إيجاد المكان فقط بأن الجرذان تمضي معظم وقتها باكتشاف بيئاتها بغرض جمعها الطعام.

قد يجد الباحثون دليلًا على النشاطات المعرفية في دارة الحُصين -القشرة الشمية الداخلية وذلك بإعطاء الجرذان مهمة مختلفة مثل اكتشاف الأصوات.


اختار الباحثون الصوت كنظير للمكان لأنّ كل منهما قد يختلف على طول سلسلة مستمرة، تستطيع الجرذان استكشاف الترددات المتزايدة باستمرار بالطريقة ذاتها التي ستتحرك بها إلى الأمام على امتداد ممر طويل.

لاختبار صحة النظرية، راقب الباحثون الفعالية الكهربائية للخلايا العصبية في مناطق الحصين والقشرة الشمية الداخلية أثناء معالجة الجرذان للأصوات وتعلمها ربط تواترات صوتية معينة مع جوائز.

شكل Tank و Aronov مع رينو نيفيرز Rhino Nevers (طالب من دفعة ٢٠١٨) فريقًا لتنفيذ العمل.


في البداية علّم الباحثون الجرذان كيف يخفضون مقبض لزيادة درجة أو تواتر نغمة تصدر عن مكبر للصوت. تعلم الجرذان أنهم إن حرّروا المقبض عند وصول النغمة إلى مجال تواتر مُحدَّد مسبقًا سيحصلوا على جائزة. اكتشف الفريق أنّ نماذج التفعيل العصبية تتوافق مع سلوك الجرذان أثناء المهمة.


أُصدِرَ تسلسل من النشاط العصبي عند تقدُّم الجرذان بالتواترات مُشابِه للتسلسل الصادر خلال التنقل عبر عدة أماكن في مساحة ما.
كان هناك نماذج تتوافق مع تواترات صوتية معينة.

الخلايا العصبية المُتضَمَّنة في نماذج التفعيل هذه مماثلة لتلك المُرتبطة بوضع الخرائط والملاحة (التنقل). تتضمن هذه الخلايا الخلايا الحصينية الموقعية (وسميت بذلك لأنها تتفعل عند وجود الجرذ في مكان معيّن) وخلايا الشبكة الشمية الداخلية التي تتفعل عند مرور الجرذان عبر أماكن معينة.

تقترح النتائج وجود آليات منتشرة في نظام الحُصين- القشرة الشمية الداخلية تمثّل نماذج متعددة من المهام.

يقول تانك Tank وهو أيضاً مدير Simons Collaboration في Global Brain: "النتيجة من عملنا هي أن مناطق الدماغ هذه لا تمثل الموقع بشكل خاص فهي قد تمثّل مظاهر أخرى ذات صلة بتجربة الحيوان. عندما تختلف هذه المظاهر بطريقة مستمرة تُنتَج سلاسل من الفعالية العصبية".

ويتناسب هذا الاكتشاف مع كيفية تفكيرنا في رسم خرائط لبيئتنا أثناء تعرفنا على أماكن جديدة وتشكيلنا ذكريات من تجارب ما.

يقول Aronov: "عندما تزور مكانًا جديدًا فإنك لا تكوِّن خريطة ذهنية فقط بل تشكّل أيضًا ذكريات عن مكانك. نشعر بأن هذه الدراسة حلت لغز تمثيل الحُصين للذاكرة والمكان، إذ يوجد ضمن هذه الخلايا العصبية الشاملة خلايا مخصصة قادرة على تمثيل أي معلومات ذات صلة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات