توقعات بمعاناة المدن القاحلة من موجات حرارة شديدة أكثر من المدن معتدلة المناخ بحلول 2100

بتاريخ: 13 شباط/فبراير 2018. المصدر: جامعة برنستون، كلية وودرو ويلسون للشؤون العالمية والعامة (Princeton University, Woodrow Wilson School of Public and International Affairs).

 
ملخص: ستصبح بعض المدن القاحلة كمدينة فونيكس Phoenix مستنبتاً لموجات الحر في عام 2100 مقارنةً مع المناطق الريفية المحيطة بها، بينما ستكون المدن الواقعة على الساحل الشرقي أقل تأثراً بتلك الموجات مقارنةً مع المناطق المحيطة بها، وتبرز النتائج أهمية الاستراتيجيات والمرافق التي تُخفِّف الحرارة كالأسطح الخضراء. المصدر: Egan Jimenez, Woodrow Wilson School.
 
القصة كاملة
تُعتبَر موجات الحر واحدة من التغيرات البيئية الشديدة الأكثر خطورةً وشيوعاً، فبينما تستمر الأرض بالسخونة نتيجة ارتفاع نسبة غازات الاحتباس الحراري، يُتوقَّع أن تصبح موجات الحرارة أكثر شدةً، خصوصاً على المدن حيث يؤدي انتشار الأبنية وشح الأشجار إلى ما يسمى بظاهرة الجزر الحرارية داخل المدن.
 
بالاعتماد على نموذج للمناخ العالمي، قام فريق بقيادة باحثين من جامعة برنستون Princeton University بقياس شدة تفاعل موجات الحر مع الجزر الحرارية في المدن الآن، وفي المستقبل، وفي 50 مدينة أمريكيّة عبر ثلاث مناطق مناخية.
 
تتأثر اليوم المدن الشرقية والجنوب شرقية بتلك الموجات بشكلٍ أقسى وأشد من المدن الغربية القاحلة ونصف القاحلة، وذلك من ناحية ارتفاع درجات الحرارة النسبية، ويعود ذلك للعدد الكبير من المساحات المنيعة والباطونية فيها ولقلة الرطوبة في المدن الشرقية والجنوب شرقية مقارنةً مع المناطق الريفية المجاورة لها.
 
وبالعكس، فإن البيئات الجافة الريفية والمدنية تتعرض لازدياد مشابه بدرجات الحرارة، ولدى كلتيها هطول مطري سنوي أقل من نظيراتها الشرقية والجنوب شرقية.
 
على أي حال، من المتوقع أن ينعكس هذا عام 2100، حيث ستصبح مدن قاحلة كمدينة فونيكس Phoenix مستنبتاً لموجات الحر مقارنة مع محيطها الريفي، بينما ستكون المدن الواقعة على الساحل الشرقي أقل تأثراً بتلك الموجات بالمقارنة مع ما يحيط بها.
 
كل هذا نتيجةً لمحافظة المدن القاحلة مستقبلاً على مستوى الماء المحدود بسبب افتقار المدن للمساحات النفّاذة، بينما من المتوقع لجاراتها الريفية ألّا تبقى "جافة" بعد ذلك نتيجة ارتفاع مستوى الهطول المطري فيها، كما يعد الاستخدام المفرط لمكيفات الهواء مصدراً لانبعاث الحرارة للجزر الحرارية داخل المدن أيضاً، وهو ما يلعب دوراً بارزاً.
 
ترتبط النتائج بالنمو الريفي- المدني، حيث تملي وفرة مياه مدينةٍ ما، سواء من خلال هطول الأمطار أو من الري، تأثيراتها التبريدية التبخّرية على الحرارة، فتقوم بذلك بالتقليل من شدة موجات الحر. بعبارةٍ أُخرى، المدن ذات الرطوبة الأعلى تبرد بسرعة أكبر.
 
قال لَي جاو Lei Zhao زميل بحث بدرجة ما بعد الدكتوراه في برنامج برنستون في العلوم والتكنولوجيا والسياسة البيئيةPrinceton's Program in Science, Technology, and Environmental Policy “STEP” المرتكز في كلية وودرو ويلسون للشؤون العالمية والعامة Woodrow Wilson School of Public and International Affairs: "هناك حاجة مُلحّة لفهم مدى تأثير موجات الحر على المدن والمناظر الطبيعية، لأن نسبة 50% من سكان العالم تعيش بالمدن حالياً، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 70 بالمئة عام 2050، وتشرح دراستنا سبب معاناة المدن بشكل أكبر خلال حوادث الحرارة الشديدة، وتلقي الضوء على المخاطر الحرارية التي يواجهها سكان المدن حالياً وفي المستقبل المرسوم".
 
نُشِرت النتائج في Environmental Research Letters مبرزةً أهمية استراتيجيات ومرافق تخفيف الحرارة كالسقوف الخضراء، حيث ينقل فيها النبات الرطوبة من الأرض إلى الهواء عن طريق تبخر الماء ونتح النباتات.
 
كما استخدم فريق البحث نموذجاً للمناخ العالمي لقياس الظروف المناخية في أيامنا الحالية (من 1975 حتى 2004) والسيناريوهات المستقبلية (من 2071 حتى 2100) نهاراً وليلاً، واقتصر تحليلهم النهاري على كل يوم من شهر حزيران/ يونيو وآب/أغسطس فقط بين الواحدة والثالثة مساءً حين تصل درجات الحرارة للذروة، أما بالنسبة للتقييمات الليلية، فاستخدموا وقت منتصف الليل حين تصل الحرارة لأدنى درجاتها.
 
وكان من ضمن الـ 50 مدينة المنتقاة للدراسة، 21 مدينة ضمن المناخ المعتدل و14 مدينة في المناخ القاري و15 مدينة في المناخ الجاف.
 
تمر مناطق المناخ المعتدل بالفصول الأربعة كلها مع تباين درجات الحرارة خلال العام، أما مناطق المناخ القاري حيث تقع مدينة شيكاغو Chicago مثلاً، فهي معروفة بجفافها النسبي وصيفها الحار جداً وشتائها البارد جداً، وأما بالنسبة لمناطق المناخ الجاف والقاحل فهي عادةً شبيهة بالصحاري بتساقط أمطارها المنخفض وتأرجح درجات حرارتها الشاسع يومياً وفصلياً.
 
وقد ركز الباحثون على كِلا المنطقتين المعتدلة والجافة ليصوّروا تباين نسب الرطوبة بين كِلا المنطقتين المتمايزتين، كما أنهم قاموا بدراسة مناطق المناخ القاري لأنها تعاني من الحرارة الفتّاكة على الرغم من وقوعها ضمن مناخ أبرد.
 
أظهر الباحثون فيما يخص نتائج النهار، أن المدن معتدلة المناخ الحالية محدودة المياه، بينما يكون لدى نظيراتها الريفية وفرة في المياه من خلال فترة الهطول المطري الوفير، وبالتالي تعاني المدن الواقعة ضمن المناخ المعتدل من موجات حرارة شديدة أكثر اليوم، كما وجدوا أيضاً أن المناطق الجافة الحالية، المدنية منها والريفية، لديها محدودية في نسب المياه بسبب الهطول المطري القليل عموماً في كلتيها.
 
وسينعكس هذا الحال بحلول عام 2100، حيث من المتوقع أن يزداد هطول الأمطار عموماً في كِلا المناخين مستقبلاً، لكن من المتوقع أيضاً أن يبقى توفر المياه في المدن الجافة محدوداً بسبب مساحاتها الكتيمة، بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في طاقة التكييف الهوائي المستخدمة خلال موجات الحر، والتي تسهم وبشكلٍ كبيرٍ بالتأثيرات التعاونية لموجات الحر والجزر الحرارية داخل المدن.
 
وتكون الآثار ثابتة في الليل عبر تلك المناطق والسيناريوهات المناخية، وهو ما يدعو إلى القلق، فيمكن لدرجات الحرارة المرتفعة ليلاً أن تؤدي لازدياد نسبة الوفيات التي تسببها موجات الحرارة، بما أن سكان المدينة لن يجدوا الراحة.
 
بالنسبة للأمور الصحية تزيد موجات الحر التي تضرب المدن الأكثر رطوبة اليوم من مخاطر الموت بنسبة 3.2%، وسترتفع تلك النسبة في المدن القاحلة مستقبلاً بنسبة 2.4%.
 
قال جاو: "كانت التأثيرات الصحية المحرك الأساسي لدراستنا هذه. لدى زيادات الحرارة الشديدة تأثيرات عكسية على صحة الإنسان وهي تزيد من مخاطر الموت عبر مناطق العالم".
 
وأضاف مايكل أوبنهايمر Michael Oppenheimer الكاتب المشارك وبروفيسور العلوم الجيولوجية والشؤون العالمية Geosciences and International Affairs في ألبرت ج. ميلبانك Albert G. Milbank، وفي معهد برنستون البيئي في كلية وودرو ويلسون وقسم العلوم الجيولوجية the Princeton Environmental Institute at Princeton's Woodrow) Wilson School and Department of Geosciences): "أكدت نتائجنا على أهمية تنفيذ استراتيجيات تخفيف الحرارة اليوم، وسلّطت الضوء أيضاً على الحاجة الماسّة لدراسات أكثر بطبيعة كهذه لإعطائنا فكرة أفضل حول المدن والمناظر الطبيعية الأكثر تأثراً الآن والتي تقع تحت وطأة احتباس حراري زائد.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات