صورة: الرطوبة التي تأتي من التربة على سبيل المثال هي واحدة من ثلاثة مكونات ضرورية لتكوين المطر، وهناك حاجة أيضاً إلى حركة هوائية صاعدة من سطح الأرض إلى أجزاء أكثر برودة من الغلاف الجوي العلوي، حيث أن التربة الأكثر جفافاً جيدة في تيسيرها، ومصدراً لبخار الماء. حقوق الصورة: جامعة أريزونا University of Arizona
ما الذي يجعلها تمطر؟
كثير من الناس يلقون بالنكت قائلين بأن الأمر لا يحتاج إلّا لغسل السيارة أو نسيان المظلة لسقوط المطر، ولكن في الواقع، هذه الأشياء هي اثنتان من العديد من الأساطير لصنع المطر والتي استمرت على مر السنين.
في القرن التاسع عشر، استُخدمت أسطورة: "المطر يتبع المحراث" لتبرير استيطان السهول الكبرى، وقيل إن زراعة الأراضي شبه القاحلة والأراضي القاحلة تزيد من هطول الأمطار عن طريق ترطيب التربة وترطيب الغلاف الجوي، وفضح بحث لاحق الأسطورة على الرغم من وجود اختلافات كبيرة لا تزال قائمة بين النماذج التمثيلية والملاحظات الفعلية.
انضم كل من جوش ويلتي Josh Welty طالب الدكتوراه في جامعة أريزونا University of Arizona في قسم الهيدرولوجيا وعلوم الغلاف الجوي، ومستشار أطروحته زوبن زنغ Xubin Zeng، وأغنيسي ن.هاوري Agnese N. Haury الرئيسة المنتدبة في البيئة ومديرة مركز جامعة أريزونا، لديناميكية المناخ ومركز الأرصاد الجوية الهيدرولوجية ومجموعة تفاعل المحيط والغلاف الجوي والأرض.
وقال زنغ: "بالإضافة إلى أسطورة "المطر يتبع المحراث"، وبدافعٍ جزئي منها، نُشرت العديد من الأوراق العلمية بنتائج متضاربة: التربة الرطبة تزيد أو تنقص أو لا تغير هطول الأمطار، فكان هدفنا حل هذا الجدال".
استند ويلتي وزنغ في بحثهما إلى البيانات مفتوحة المصدر التي جُمعت في المرصد الجوي لجنوب السهول الكبرى SGP في شمال أوكلاهوما وجنوب كانساس التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، وباستخدام البيانات التي جُمِعت خلال الموسم الدافئ –في الفترة من حزيران/يونيو إلى أيلول/سبتمبر- من عام 2002 إلى عام 2011، وقد درسوا العلاقة بين رطوبة التربة في الصباح وتراكم الأمطار بعد الظهيرة فوق السهول الجنوبية الكبرى.
وقال زنغ إن هناك ثلاثة مكونات ضرورية لحدوث المطر، والرطوبة – القادمة من الرطوبة الجوية، والنباتات، وأجسام الكائنات في المياه أو التربة - هي واحدة منها. وهناك حاجة أيضاً لحركة الهواء إلى أعلى من سطح الأرض لأجزاء أكثر برودة في الغلاف الجوي العلوي، حيث أن التربة الأكثر جفافاً جيدة في تيسيرها، ومصدراً لبخار الماء.
وجد كل من ويلتي وزنغ أن رطوبة التربة في الصباح يمكن أن تؤثر على تراكمات المطر في فترة ما بعد الظهيرة فوق السهول الكبرى الجنوبية خلال الموسم الدافئة، ويختلف التأثير باختلاف الظروف الجوية. وفي الأيام التي تجلب فيها الريح رطوبة محدودة للمنطقة، تعزز التربة الأكثر جفافاً أمطار بعد الظهر، ولكن عندما تجلب الرياح مزيداً من الرطوبة إلى المنطقة، فإن التربة الأكثر رطوبة هي التي تزيد من أمطار بعد الظهر.
وقال زنغ: "إن التربة الجافة والتي تعزز المطر في فترة ما بعد الظهيرة تتصرف مثل الأحزمة الناقلة للهواء الدافئ الذي تُرسَل إلى الغلاف الجوي العلوي، فعند جمع هذه الحركة الصاعدة مع الرطوبة ومصدر بخار الماء تنتج أمطار بعد الظهر".
وعلى العكس من ذلك، عندما تعمل الظروف الجوية على جلب الرطوبة إلى المنطقة، فإنها تعمل كمصدر لبخار الماء الذي ينتج المطر عند إضافته إلى الحركة الصاعدة للهواء. وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن التغيرات في سطح الأرض التي يسببها كلٌّ من المناخ والنشاط البشري يمكن أن تكون كبيرة.
وأشار زنغ الذي تشمل تخصصاته البحثية بناء النماذج المناخية وعمليات تفاعل سطح الأرض، والجو، والمحيط، والأرصاد الجوية المائية إلى أن الأفكار التي طُوِّرَت خلال الدراسة يمكن استخدامها بشكلٍ أكبر في "التحليل العالمي المستند إلى قياسات ناسا وفق الأقمار الصناعية ونماذج المناخ".
وقال ويلتي: "في حين أن التركيز الحالي هو آثار رطوبة التربة على الأمطار على السهول الكبرى الجنوبية، هناك إمكاناتٌ مثيرة للتحليل العالمي، كما يمكن فهم تأثيرات رطوبة التربة على أمطار ما بعد الظهيرة على مناطق أخرى بشكلٍ أكثر دقةً من خلال حساب كمية بخار الماء التي تجلبها الرياح على أساس يومي".
كما تحمل نتائج الدراسة أيضاً تداعيات على إدارة موارد المياه في وقت أصبح فيه توفر المياه مصدر قلقٍ متنامٍ في العديد من أجزاء وسط وغرب الولايات المتحدة، وفي حين أن غسيل السيارة ربما لن يساعد في نزول المطر، فإن زراعة التربة وتغيير رطوبتها في ظل الظروف المناسبة يمكن أن يفعل ذلك.
ونُشرت مؤخراً الورقة التي تحمل عنوان: "هل تؤثر رطوبة التربة على هطول المطر في الموسم الدافئ فوق السهول الكبرى الجنوبية؟" في مجلة Geophysical Research Letters.