تتباين أعماق جذور الأشجار والنباتات اعتمادًا على ظروف المناخ والتربة والمياه، بما فيها مستويات مياه الأمطار المتسربة والمياه الجوفية. حقوق الصورة: Ying Fan Reinfelder/Rutgers University-New Brunswick
تؤكد دراسة جديدة ترأستها أستاذة من جامعة روتجرز في مدينة نيوبرونزويك أنّ بعض جذور الأشجار تستكشف أعماقًا تصل لمئات الأمتار، كما ترسلُ الكثير من الأشجار جذورًا عبر شقوق الصخور بهدف البحث عن المياه.
تقول الأستاذة في قسم علوم الأرض والكواكب وفي قسم العلوم البيئية ينغ فان رينفيلدر Ying Fan Reinfelder: "إضافةً لما ذُكر، فإنّ العمقَ الذي تصل له جذور النبات، الذي يتنوع بتنوع أصناف النباتات وظروف التربة، سيلعب دورًا أساسيًا في تكيّف النبات مع التغيّر المناخي". وتضيف رينفيلدر: "كتب تشارلز داروين، في الحقيقة، أن رؤوس جذور النبات هي بمثابة أدمغة لها. حيث تتحسس الجذور البيئة والمياه والأماكن التي تحتوي كميات أكبر من المغذيات لتذهب باتجاه تلك المصادر، فالجذور هي أذكى جزء في النبات".
نشرت رينفيلدر وزملاؤها نتائجهم في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences في شهر أيلول/سبتمبر 2017، حيث تبرهن الدراسة وجود علاقة بين جذور النبات وتوافر المياه، كما تُبيِّن، اعتمادًا على الملاحظة والنمذجة، أنّ القوة الأساسية التي تحدد الأنماط المحلية والعالمية لأعماق الجذور هي هيدرولوجيا التربة.
تكشف نتائج الدراسة عن وجود ارتباط قوي بين عمق الجذر والظروف المحلية للتربة والمياه، حيث تتجه الجذور في الأراضي المرتفعة التي استنزفت مياهها بشكلٍ كبيرٍ نحو الأسفل وصولًا إلى مستوى مياه الأمطار والثلوج المذابة المتسربين، بينما تبقى الجذور في الأراضي المنخفضة المشبعة بالمياه ضحلةً، وبين الحالتين السابقتين عند معدلات النمو العالية والجفاف، يمكن أن تُرسَل الجذورُ لأمتار عديدة للأسفل وصولًا إلى المنطقة المشبعة الموجودة تمامًا فوق سطح المياه الجوفية.
تقول رينفيلدر أنّ للنتائج انعكاسات هامة في مسألة قدرة الأشجار وغيرها من أصناف النباتات على التكيف والبقاء على قيد الحياة في المناخ المتغير خلال هذا القرن وما بعده، وتبدو الفرصة مواتيةً لها عمومًا. النباتاتُ عادةً قابلةٌ للتكيف، وستكون الأفضلية الأكبر للنباتات ذات الجذور العميقة. وتتابع رينفيلدر: "قد تكون النباتات أكثر ذكاءً ومرونة للإجهاد البيئي والتغير المناخي مما كنا نعتقد سابقاً، لكن فقط إلى حدّ ما. فهي قادرة على مواجهة الجفاف لفترة من الزمن، أما إذا استمر الجفاف قرناً كاملاً فلن تكون قادرة على مواجهته".
تشير رينفيلدر أيضًا إلى أنه بإمكان النباتات أن تنتقل من البيئات غير المواتية إلى حيث تكون المياه أكثر وفرةً، وذلك عبر التحرك من الأسفل، وهي تفعل ذلك من خلال نثر البذور في البيئات التي تجعلها قادرة على الحياة عند ارتفاعات أقل وأكثر رطوبة. كما تشير رينفيلدر إلى أن بقاء النباتات على قيد الحياة أمرٌ مصيريٌّ لنا، فهي تقع في قاعدة السلسلة الغذائية، وهي تُنتِج الأوكسجين، وتمتصُّ غاز ثنائي أوكسيد الكربون الذي يعد أهم الغازات الدفيئة المرتبطة بالتغيّر المناخي.
تغطّي الدراسة العالمية التي تقودها رينفيلدر 2200 عملية رصد لجذور أكثر من 1000 نوع لجميع المجموعات النباتية الرئيسية بما فيها الأشجار والأعشاب والشجيرات والنباتات العشبية والعصارية الخازنة للمياه. وبحسب رينفيلدر، فإن الخطوة القادمة هي دراسة وتقييم مرونة الغابات الأعظم في العالم (غابات الأمازون المطيرة تجاه الجفاف بنهاية هذا القرن)، والتي توفرها الجذور العميقة لأشجارها.
تختم رينفيلدر بالقول: "نحتاج لأن نتحقق ونفهم النصف تحت الأرضي من النظام البيئي. إنه مظلم وغامض لكنه يحمل مفتاحًا لأسئلةٍ عديدةٍ، ويحتاج المجتمع العلمي ليسلط عليه بعض الضوء".