الصورة التقطتها عربة كريوسيتي التابعة لناسا في بعثتها إلى المريخ Curiosity Mars ويظهر فيها أحد قمري المريخ، فوبوس Phobos ،وهو يعبر أمام القمر الآخر ديموس Deimos مباشرة، عام2013. ويشير بحث جديد إلى أن الأقمار كانت منذ زمن بعيد عبارة عن حلقات من الغبار حول الكوكب، وفي المستقبل البعيد، قد تتفكك إلى حلقات جديدة.
Credits: NASA/JPL-Caltech/Malin Space Science Systems/Texas A&M Univ
ونحن أطفال، تعلمنا عن النظام الشمسي من خلال معرفة خصائص محددة-فالمشتري هو أكبر هذه الكواكب، وزحل ذو حلقات، وعطارد هو أقربها إلى الشمس. والمريخ كوكب أحمر، ولكن من الممكن أيضًا أنه كان لأقرب جيراننا حلقات في زمن ما، وربما قد تعود لتتشكل هذه الحلقات ثانيةً.
قدم هذه النظرية علماء مولتهم ناسا في جامعة بوردو في لافاييت في إنديانا، حيث نُشرت اكتشافاتهم في دورية Nature Geoscience.. إذ طور كل من دافيد مينتون David Minton وأندرو هيسيلبروك Andrew Hesselbrock أنموذجًا يشير إلى أن الحطام الذي اندفع إلى الفضاء والناتج عن كويكب أو اصطدام جرم بالمريخ قبل 4.3 مليار عام يتحول ليصبح حلقة كوكبية planetary ring أو يجتمع مشكلًا قمرًا.
وتقترح واحدة من النظريات بأن الحوض الكبير في القطب الشمالي large North Polar Basin للمريخ أو حوض بورياليس Borealis، -والذي يغطي 40% من نصف الكرة الشمالية-قد نشأ عن الاصطدام، مرسلا حطاما إلى الفضاء. ويقول هيسيلبروك: "لابد وأن هذا الاصطدام الكبير قد انتزع ما يكفي من المواد من سطح المريخ لتشكل حلقة".
ويشير نموذج هيسيلبروك ومينتون إلى أنه حالما تشكلت الحلقات، وابتعاد الحطام ببطء عن الكوكب الأحمر وانتشاره، فإنه قد بدأ بالتجمع ليشكل قمرًا في النهاية. ومع مرور الزمن، ستسحب جاذبية المريخ هذا القمر نحو الكوكب حتى تصل إلى حد روش Roche limit) وهي المسافة التي إذا تجاوزها جرم سماوي متماسك بفعل جاذبيته قامت قوى المد والجزر الناتجة عن الكوكب بتحطيمه).
يقترب فوبوس، أحد قمري المريخ، أكثر إلى الكوكب. ووفقا للنموذج، سيتحطم فوبوس حين يصل إلى حد روش، ليصبح مجموعة من الحلقات في غضون ما يقارب 70 مليون عام. وبالاعتماد على موقع حد روش، يعتقد مينتون وهيسلبروك بأنه من الممكن أن تتكرر هذه الدورة ما بين ثلاث إلى سبع مرات عبر مليارات السنين.
وفي كل مرة يتحطم فيها قمر ويعاد تشكله من الحلقات الناتجة، سيكون خليفته أصغر بخمس مرات منه، وذلك وفقا للنموذج، ومن الممكن أن يتساقط الحطام على الكوكب، الأمر الذي من المحتمل أن يفسر وجود البقايا الرسوبية الغامضة بالقرب من الخط الاستواء المريخي.
ويقول مينتون: "من الممكن أن تكون أكوام بسماكة كيلومتر من رواسب القمر المتساقطة على المريخ قد وجدت في الفصول المبكرة من تاريخ الكوكب، وهنالك بقايا رسوبية غامضة على سطح المريخ بدون تفسير عن كيفية وصولها إليه، والآن من الممكن دراسة هذه المواد".
وتشير نظريات أخرى إلى أن الاصطدام بالمريخ والذي خلف حوض القطب الشمالي الكبير قد أدى إلى تشكل فوبوس منذ 4.3 مليار سنة مضت، ولكن يقول مينتون بأنه من غير المرجح أن يكون القمر موجوداً طوال هذه الفترة. إذ كان على فوبوس أن يتشكل بعيدًا عن المريخ كما لابد من أنه قد عبر خلال رنين resonance مع ديموس، القمر الخارجي من قمري المريخ.
ويحدث الرنين أو الصدى حين يكون لكلا القمرين تأثيرات ثقالية gravitational influence على بعضهما البعض على أساس دوري متكرر، كما فعلت الأقمار الأساسية للمشتري. ولدى عبوره خلال الرنين، يغير فوبوس مدار ديموس. ولكن يشير انحراف مدار ديموس عن الخط الاستوائي للمريخ بدرجة واحدة إلى عدم وجود أي تأثير لفوبوس عليه.
ويضيف مينتون: "لم يحدث الكثير لمدار ديموس منذ تشكله، والأمر الذي غير ذلك هو عبور فوبوس خلال هذا الرنين".
ويقول ريتشارد زوريك Richard Zurek من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا، وعالم مشروع مستكشف المريخ المداري Mars Reconnaissance Orbiter التابع لناسا: "يبرز هذا البحث المزيد من الطرق التي يمكن بها للاصطدامات الكبيرة أن تؤثر على الأجسام الكوكبية"، الجدير بالذكر أن خرائط زوريك في الجاذبية قدمت الدعم إلى الفرضية القائلة بأن الأراضي المنخفضة الشمالية قد تشكلت نتيجة اصطدام ضخم.
سيركز عمل مينتون وهيسيلبروك الآن إما على الحركية التي تشكلت بها أول مجموعة من الحلقات أو على المواد المتساقطة على المريخ نتيجة تفكك الأقمار.