اكتشاف سبعة عناقيد نجمية مضمّنة داخل الهالة المجرّية

تتمركز صور تلسكوب WISE متعددة الألوان والتي قياساها (\(15′ ×15′\)) على الإحداثيات المركزية للعناقيد المضمنة التالية: C 1074, C 939, C 1099, C 934. يقع الشمال في الأعلى، والشرق إلى جهة اليسار. تشمل الدوائر العديد من العناقيد النجمية المحتملة.


حقوق الصورة: Camargo et al., 2016.


اكتشف فريق من علماء الفلك البرازيليين، بقيادة دينلسو كامارغو Denilso Camargo من الجامعة الاتحادية في ريو غراندي دو سول في بورتو أليغري، سبعة عناقيد نجمية مُضمّنة Embedded clusters  او اختصاراً (ECsتوجد على نحوٍ غير عاديّ بعيدًا عن قرص مجرة درب التبانة. يمكن لهذا الاكتشاف الموضح في ورقةٍ علمية نُشرت في الثالث من يوليو/ تموز على موقع arXiv.org أن يُسلط الضوء على تكوّن العناقيد النجمية.

العناقيد المُضمنة هي عبارة عن عناقيدٍ نجمية stellar clusters محاطةٌ بغبارٍ أو غازاتٍ بين نجمية interstellar dust، حيث تتضمن نجومًا يافعةً جدًا. حيث تُعتبر ذات أهمية كبيرة بالنسبة لعلماء الفلك من أجل فهم آلية تكون النجوم وتطورها المبكر بشكلٍ أفضل. قد تمكننا دراسة هذه العناقيد من التوصل إلى أصل الكتل النجمية بالإضافة إلى أصل وتطور أقراص الكواكب الأولية protoplanetary disks ، حيث تحدث عملية تشكل الكواكب.


في مجرة درب التبانة Milky Way، توجد أغلب العناقيد المضمنة في قرصٍ رقيق على بعد مسافةٍ تقلُ عن 1000 سنة ضوئية عن المستوى المتوسط للمجرة، خصوصًا في الأذرع الحلزونية للمجرة. مع ذلك، رصد كامارغو وفريقه عنقودين نجميين يافعين في وقتٍ سابق من هذا العام، والآن وبعد رصد سبعة عناقيد أخرى، يقترح هذا أنها قد تكون أكثر شيوعًا في ضواحي المجرّة مما كان يُعتقد سابقًا.


أخبر كامارغو موقع Phys.org: "الآن، لقد اكتشفنا سبعة عناقيد نجمية بعيدةً عن قرص مجرة درب التبانة. وهكذا، يُشير هذا العمل إلى نموذج جديد لتكون النجوم وعناقيدها، بمعنى أنّ تكوّن مثل هذه الأجسام يحدث في هالة المجرة Halo وبشكلٍ متكرر".


وجد العلماء العناقيد الجديدة عن طريق تحليل بياناتٍ من مستكشف الأشعة تحت الحمراء واسع المجال WISE. التابع لناسا، يقوم تلسكوب الفضاء هذا بمراقبة المجرة بأكملها بالأشعة تحت الحمراء، لالتقاط صورٍ للمجرات البعيدة، والنجوم، والكويكبات. تم اختيار تلسكوب WISE للقيام بهذه المهمة لقدرته على رؤية العناقيد النجمية المُضمنة والتي هي غير مرئية باستعمال أطوالٍ موجية بصرية، نظرًا لحقيقة كزنها محاطة بكمياتٍ كبيرة من غبار بين نجمي.


قال كامارغو: "يُوفر WISE صورًا بالأشعة تحت الحمراء لكامل السماء، مما يسمح لنا بالرؤية من خلال الغاز و الغبار ضمن السحب الجزيئية العملاقة molecular clouds ، حيث تحدث عملية تكوّن النجوم. اكتشفنا مؤخرًا أكثر من 1000 عنقودٍ مُضمن باستخدام تلسكوب WISE". 


وفقاً للورقة البحثية، فإن الأجسام الثلاث المُكتشفة حديثًا المُسماة C 932, C 934, C 939 هي عناقيد مضمنة ذات زاوية عرضٍ مرتفعة موجودة ضمن مجمع السحب المكتشف حديثًا. تقع هذه العناقيد على بعد 16300 سنة ضوئية عاموديًا أسفل القرص المجري. كما تقع عناقيد أخرى مُكتشفة حديثًا والمسماة C 1074, C 1099, C 1100, C 1101 على بعد مسافةٍ تتراوح بين 5500 و 10400 سنة ضوئية فوق القرص. جميع هذه العناقيد هي ذات عمرٍ يقل عن 5 ملايين عام.

 

 
لاحظ الفريق أن النتائج الجديدة تشير إلى أنّ الهالة المجرية العقيمة يمكن أن تستضيف عمليةً مستمرة لتكون النجوم. تزوّد العناقيد المُضمنة المكتشفة حديثًا دليلًا على عملياتٍ لتشكل العناقيد النجمية تحدث بعيدًا عن قرص مجرة درب التبانة.

قال كامارغو: "يشير اكتشاف العناقيد النجمية الموجودة بعيدًا عن قرص المجرة أن الهالة المجرية تنتج النجوم بمعدلٍ أكثر نشاطًا مما كان يُعتقد سابقًا. علاوة على ذلك، وبما أنّ أغلب العناقيد اليافعة لا تنجو لأكثر من 5 ملايين عام، فقد تكون الهالة تمطر النجوم على قرص المجرة. تؤوي الهالة أجيالًا من النجوم تكونت داخل العناقيد النجمية مثل تلك التي تم اكتشافها".

قبل نشر ورقة الفريق البحثية، كان يُعتقد أن عمليات تكون النجوم في مجرة درب التبانة تحدث داخل القرص، وليس داخل الهالة. وهكذا، كما استنتج كامارغو، فإن هذه الدراسة الجديدة تمثل نقلة نوعية، بمعنى أن الهالة العقيمة تُعتبر الآن حاضنةً لعمليات تشكل النجوم.

ملخص

حتى وقتٍ قريب، كان يُعتقد أنّ السحب المجرية ذات زاوية العرض المرتفعة لم يكن باستطاعتها تكوين النجوم. مع ذلك، تم التوصل في دراسةٍ سابقة إلى اكتشاف اثنين من العناقيد المُضمنة على بعد 5000 فرسخ فلكيّ تقريبًا \((\sim 5 kpc)\) [1] عن المستوى المجري. في آخر قائمة للعناقيد النجمية، قمنا بإضافة عناقيد نجمية مُرشحة ذات زاوية عرضٍ مرتفعة ومتوسطة. يهدف هذا العمل إلى توضيح ما إذا كان رصدنا السابق للعناقيد النجمية البعيدة عن القرص المجري يمثل حدثًا عرضيًّا أو ما إذا كانت عملية تشكل النجوم تمثل ظاهرةً منهجية في الهالة المجرية.


قمنا بتحليل طبيعة العناقيد النجمية الأربعة الموجودة في قائمتنا الأخيرة وأعلنّا عن اكتشاف ثلاثة عناقيد نجمية ذات زاوية عرضٍ مرتفعة بشكلٍ غير عادي بعيدة عن المستوى المتوسط للقرص المجري. جميع هذه العناقيد ذات عمرٍ يقل عن 5 ملايين عام. يبدو أن العناقيد النجمية ذات زاوية العرض المرتفعة C 932, C 934, C 939 لها صلة مع مجمعٍ سحابيٍّ على بعد 5000 فرسخ فلكي تحت القرص المجري، أسفل الذراع المحلية.


أما باقي العناقيد النجمية فتوجد أعلى القرص، حيث يبعد العنقودان C 1074 و C 1100 مسافة عامودية تساوي 3000 فرسخ فلكيّ تقريبًا، بينما يبعد C 1099 مسافة 2000 فرسخ فلكيّ تقريبًا، ويبعد C 1101 حوالي 1800 فرسخًا فلكيًّا. وفقًا للمعالم المُستمدة فإن العناقيد المضمنة توجد أسفل وأعلى القرص المجري، حيث يُعد ذلك دليلًا على انتشار عمليات تكوّن العناقيد النجمية على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء الهالة المجرية. وهكذا، حيث تمثل هذه الدراسة نقلةً نوعية، بمعنى أن الهالة العقيمة تُعتبر الآن حاضنةً لعمليات تشكل النجوم. يبقى أصل ومصير هذه العناقيد المُضمنة مجهولًا.

 
هناك احتمالان لأصلها، تساقط أو ينبوع مجري. يقترح اكتشاف العناقيد النجمية الموجودة بعيدًا عن قرص المجرة أن الهالة المجرية تنتج النجوم بمعدلٍ أكثر نشاطًا مما كان يُعتقد سابقًا، وبما أنّ أغلب العناقيد المُضمنة لا تنجو في مرحلة حضانتها، فمن الممكن أن تمطر الهالةُ النجومَ على القرص المجري، أو من الممكن أنّ تؤوي الهالة المجرية أجيالًا من النجوم تكوّنت داخل العناقيد النجمية مثل تلك التي تم اكتشافها.


ملاحظات


[1]kpc: كيلو بارسيك (فرسخ فلكي) = 1000 فرسخ فلكي = 3261 سنة ضوئية.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • القرص الكوكبي الأولي (protoplanetary disk): هو عبارة عن قرصٍ نجمي دوار مكون من غاز كثيف يُحيط بنجم مولود حديثاً.
  • السحابة الجزيئية (Molecular cloud): تُعرف في بعض الأحيان أيضاً بالحاضنة النجمية (stellar nursery) إذا كانت عملية التشكل النجمي تحصل داخلها، وهي نوع من السحب بين النجمية يسمح لها كلٌ من كثافتها وحجمها بتشكيل الجزيئات وأكثر تلك الجزيئات شيوعاً هي غاز الهيدروجين.
  • كوكب سيّار أولي أو كوكب أولي (protoplanet): هي أجنة كوكبية أولية وُلدت داخل الأقراص الكوكبية وعانت من عملية الانصهار الداخلي لتُنتج هياكلها الداخلية المتباينة.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات