إيصال الأدوية إلى الدماغ بطريقة تتحدى حاجز الدفاع الأقوى في الدماغ عبر شمة!

سنتمكن قريبًا من إيصال الأدوية المهمة للحياة إلى الدماغ بشكل مباشر عبر شمة فقط، وذلك بفضل بخّاخ أنفي جديد يستخدم جزيئات دقيقة من الذهب متناهية الصغر قادرة على اختراق الحاجز الدماغي الوعائيBlood–Brain Barrier.

يحمي هذا الحاجز الدماغ من السموم المُؤذية ولكنّه من ناحيةٍ أخرى يقلّل من فعالية العديد من الأدوية الضرورية ومن ثَمَّ ستتيح لنا هذه الطريقة الجديدة المعتمِدة على إيصال الأدوية عبر الأنف تطبيق العديد من العلاجات الحديثة.

طوّر هذا البخاخ فريقٌ من جامعة واشنطن Washington University في St. Louis، حيث جربوه على قرون الاستشعار عند الجراد وهي حشرات ذات حواجز دماغية وعائية وشبكات شمية تشبه من الناحية التشريحية تلك الموجودة عند البشر. وتمكّن الباحثون بناءً على التجارب المعتمدة على طريقة البخاخ الأنفي من إيصال الأدوية إلى الدماغ في خلال مدة تراوحت بين ٣٠ إلى ٦٠ دقيقة.

يقول أحد الباحثين باراني رامان Barani Raman: "ربما كان الطريق الأقصر وربّما الأسهل أيضًا للوصول إلى الدماغ هو طريق الأنف الذي يبدأ من الأنف ثم البصلة الشمية وأخيرًا قشر الدماغ الشمي أي محطتان فقط وتصل إلى قشر الدماغ".

طوّر الباحثون بخاخًا أنفيًّا يتكوّن من جزيئات دقيقة متناهية الصغر من الذهب صغيرة بشكلٍ كافٍ لتتمكن من اختراق الحاجز الدماغي الوعائي. وأضاف الباحثون واسمات تألقيّة لمتابعة حركة هذه الجزيئات الدقيقة. ثم عرّضوا الجراد المستخدم في التجربة إلى البخاخ وتمكنوا من تتبع حركة الجزيئات الموسومة التي انتشرت عبر قرون الاستشعار إلى الأعصاب الشمية ثمَّ إلى الحاجز الدماغي الوعائي في خلال دقائق قليلة فقط قبل الانتشار ضمن الدماغ.

لم تُلاحَظ أيّ تغيرات على الخلايا العصبية الشميّة عند الجراد بعد تلقيها هذا العلاج، ما يشير إلى وجود تشويش ضئيل لوظيفة الدماغ.

ستتضمن المراحل اللاحقة من الأبحاث تطوير هذه التقنية بحيث يمكن تحميل الجزيئات الدقيقة من الذهب بأنماطٍ مختلفة من الأدوية ودراسة إمكانية تطبيق هذه الطريقة على البشر أيضًا.

إن تمكنّا من ذلك ستصبح هذه التقنية الخيار الأفضل إلى الآن لإيصال الدواء إلى الدماغ. بما أن الأدوية المتوفرة حاليًا غير دقيقة وتعجز عن تجاوز الحاجز الدماغي الوعائي، وتعد تقنية الحقن ضمن الدماغ إجراءً غازيًا ربما يؤذي النسج.

البخاخ الأنفي هو أحدث الأمثلة عن كيفية الاستفادة من تقنية النانو في تطوير الصحة سواء بمحاربة السرطان أو إيقاف الارتكاس التحسسي فكما لاحظنا فإنّ هذه الجزيئات الدقيقة قادرة على علاج مناطق من الجسم تعجز بقية الأدوية عن الوصول إليها.

يمكننا توجيه هذه الجزيئات الدقيقة نظرًا إلى حجمها المجهري بشكل دقيق جدًا مثلما هي الحال مع العلاج بالأدوية الكيميائية المُصمَّمة لتستهدف الخلايا السرطانية دون أن تؤذي النسج السليمة.

يعتقد العلماء العاملين في هذه الدراسة أنَّ عملهم هذا قد يطوّر طرقًا علاجية لعدة مشاكل صحية مؤرقة مثل أورام الدماغ التي ربما نتمكن من استهدافها باستخدام كلٍّ من البخاخ الأنفي والتصوير بالأشعة فوق الصوتية.

يقول رامان: "هذه هي البداية فقط لسلسلة دراسات مشوّقة لجعل تقنية الأدوية المعتمدة على الجزيئات الدقيقة مُعتَمَدةً كمبدأ للعلاج".

نُشِرَت هذه النتائج في المجلة الدورية Scientific Reports.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات