الكشف عن لغز انتقال الحرارة في الجرافين

توضح صورة: أمين صالحي خوجين، أستاذ مساعد في الهندسة الميكانيكية والصناعية، لدى جامعة إلينوي في شيكاغو


تَمكن باحِثون من جامعةِ إلِينُوي في شيكاغو، وجامعة ماساتُشوسِتس-أمهيرست، وجامعة بُويزي ستيت من حل اللغز الذي استعصَى عليهم طويلا، والذي يرتبط بكيفية تأثير الحُدود بين حُبيبات مادة الجرافين على التوصيل الحراري في الطبقات الرقيقة من المادة المُعجِزة (الجرافين).

 

ويعد هذا الاكتشاف المُهم دليلا على أن المُطورين أصبحوا قريبين جداً من تصميم طبقاتٍ من هذه المادة بطريقة تسمحُ لهم باستغلالها في عملية تبريد الأجهزة الإلكترونية الدقيقة، إلى جانب توظيفها في المئات من تطبيقات النانو تكنولوجي الأخرى. وقد نُشرت هذه الدراسة، التي أعدها باحثون في كل من جامعة إيلينوي في شيكاغو وجامعة ماساتشوستس في أمهرست وجامعة ولاية بويزي، على شبكةِ الإنترنت، وتحديداً في مجلة "نانو ليترز" Nano Letters العلمية.

ومادة الجرافين هي عِبارة عن طبقةٍ واحدةٍ من ذرات كربون مُرتبطةٍ ببعضها البعض على نمطٍ مشابهٍ لنمط شبك الحماية السِلكي سُداسي الشكل (Chicken-wire). ومنذ اكتشافها، لفتت هذه المادةُ انتباه العُلماء بشكلٍ كبير نظراً لقدرتها الاستثنائية على توصيل الحرارة والكهرباء. وتعليقاً على هذا الأمر، يقول بُويا يَاساي، طالب الدراسات العليا في تخصص الهندسة الميكانيكية والصناعية -جامعة إلينوي في شيكاغو والمؤلف الأول لهذه الدراسة، إنه يُمكن لجميع الأجهزة التي تعتمد على تقنية النانو الاستفادة من قدرة الجرافين الهائلة على تبديد الحرارة وبالتالي تحسينُ أداء القطع الإلكترونية بشكل كبير. 

وعلى مدار سنتين من الدراسة والبحث مُتعدد التخصصات، تمكنَ الباحثونَ من تطوير تقنية تسمحُ لهم بقياس عملية انتقال الحرارة عبر حُدود حُبيبة واحدة من مادة الجرافين، وكانت المفاجأة أن قيمة ذلك الانتقال كانت أقل من القيمة التي تنبأ بها الباحثون نظرياً بعشر مرات. بعد ذلك، صمم الباحثون نماذج حاسوبية يمكنها تفسير الملاحظات المُثيرة للدهشة من مستوى الذرة إلى مستوى الأجهزة.

 

تتكون أفلام الجرافين المستخدمة في تطبيقات النانوتكنولوجي من عددٍ من بلورات الجرافين صغيرة الحجم، كما يقول أمين صالحي -خوجين، الأستاذ المُساعد في الهندسة الميكانيكية والصناعية- جامعة إلينوي في شيكاغو والباحث الرئيسي في هذه الدراسة. إن إنتاج أفلامٍ كبيرة كفاية للاستخدام العملي يُظهر العيوب الموجودة في الحدود بين البلورات التي تًشكل معاً هذا الفيلم. 

وقد طور فريق صالحي -خوجين نظاما تجريبيا دقيقا يوضعُ فيه فيلم جرافين على غشاءٍ مُكونٍ من نِترات السليكون بسُمكٍ لا يتجاوز 4 من المليون من البُوصة، حيث يُمكنه قياس مستوى نقل الحرارة من بلورة جرافين واحدة إلى الأخرى. ويتميز هذا النظام بحساسيته حتى لأقل درجات الاضطراب، مثل حُدود حُبيبة واحدة على مستوى النانوميتر، وفقا لرضا حنتيزادة، المؤلف المشارك لهذه الدراسة وطالب الدراسات العليا السابق في جامعة إلينوي في شيكاغو والذي يعمل حالياً في شركة إنتل. 

عندما تصطف بلورتان إلى جانب بعضهما بصورة مُنظمة فإن انتقال الحرارة في هذه الحالة يحدث تماماً كما تنبأت به النظرية. لكن إن كانت حواف البلورتين غير متطابقة وكان اصطفافهما غير مُرتب، فإن نسبة انتقال الحرارة تنخفضُ بحوالي 10 مرات. 

ولتعويضِ الفرقِ في المِقدار، قام فريقٌ بقيادة فاطمة خليلي أراغي، الأستاذة المُساعدة في الفيزياء والباحثة الرئيسية المُشاركة في إعداد هذا البحث –جامعة إلينوي في شيكاغو، بتصميم مُحاكاةٍ حاسوبيةٍ لعملية انتقال الحرارة بين حُدود الحُبيبات على المستوى الذري. 

وقد تبينَ لفريق خليلي -أراغي من خلال هذه التجربة أنه عندما قام الحاسوبُ "ببناء" حُدود حُبَيبية ذات زوايا مختلفة غير متطابقة أو غير مُحاذية لبعضها البعض، فقد تبين أن الحد الحُبيبي "Grain Boundary” لم يكن على شكل خط فحسب، بل كان عبارة عن منطقة تحتوي على ذرات مضطربة. وتبين أيضاً أن وجود مثل هذه المنطقة المُضطربة أثّرَ بشكل كبير على معدلِ انتقالِ الحرارةِ في النموذج الحاسوبي الذي صممه الباحثون، ويُمكن لهذا أن يُفسّر القيم التجريبية التي تم الحصول عليها. 

"في حال وُجود زوايا غير مُتطابقة أكبرَ حجماً من تلك التي اختُبرت، فإن هذا يعني أن منطقة الاضطراب قد تكون أوسع أو أكثر اضطراباً"، كما تقول فاطمة.

ومن أجل مُحاكاة الحُدود الحُبيبية غير المُتطابقة وعملية انتقال الحرارة الطبيعية بشكل واقعي، كان من الضروري نمذجة عملية توليف منطقة كبيرة من فيلم الجرافين مع نُمو الحُبيبات والتحامها –وهو ما شكل عملية محاكاة شديدة التعقيد، وفقا خليلي- أراغي. وتطلب هذا الأمر استخدام "القدرة الحسابية الهائلة" التي تتمتع بها الحوسبة العنقودية عاليةُ الأداء في جامعة إلينوي -شيكاغو.


"من خلال برنامج المحاكاة الخاصة بنا، يمكننا أن نرى بالضبط ما يجري على المستوى الذري"، كما يقول المؤلف المشارك في البحث، أرمان فتحي زادة، الباحث المشارك ما بعد الدكتوراة في الفيزياء في جامعة إلينوي–شيكاغو، "يمكننا تفسير عدد من العوامل – شكل وحجم الحُدود الحُبيبية، وتأثير الركيزة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات