كيف تتحكم الإشارات العصبية بالحركات؟

سجل مركز نورثويسترن للطب الإشارات الكهروكيميائية التي ترسلها الخلايا العصبية في القشرة الحركية للتعرف على استقرارها بمرور الوقت

بينت دراسة أجراها مركز نورثويسترن للطب Northwestern Medicine Center كيف تُنتِج الإشارات العصبية من الخلايا العصبية في منطقة القشرة الحركية motor cortex (وهي منطقة في الدماغ تتحكَّم بالحركات العضلية الإرادية) حركاتٍ دقيقة ومُتَّسقة بمرور الزمن.

تضمنت النتائج التي نُشرت في المجلة الدورية Journal of Neuroscience، نتائجَ حول تطوير الواجهات البينية للآلة والدماغ brain machine interfaces [1]، وهي أنظمة تفكُّ شفرة الإشارات العصبية الدماغية لتتحكم بأنظمةٍ خارجية مثل أطراف الروبوت.

وأوضح الدكتور مارك سلوتزكي Marc Slutzky: "تكشف هذه الدراسة النقاب عن بعض الإثباتات الأولية من الدماغ، لتدعم نظرية شائعة تدعى (التحكم الأمثل بالتغذية الراجعة) optimal feedback control، والتي تشرح كيف يتحكم الدماغ بالحركات. تسعى هذه النظرية بشكلٍ خاص، لشرح كيف يكون الدماغ مسؤولًا عن الاستفاضة redundancy [2] في الجهاز الحركي، حيث أن هناك العديد من العضلات المختلفة و ملايين الخلايا العصبية التي تتحكم بهذه العضلات، لذا يُطرح السؤال هنا وهو كيف يستطيع الدماغ دائمًا إنتاج نفس الحركات بوجود العديد من المتغيرات؟". مارك سلوتزكي هو أحد كبار مؤلفي الدراسة، وهو طبيب (2002) ودكتور (2000) وممارس للتعليم الطبي الجامعي (2006)، وهو أستاذ مساعد في علم الأعصاب والفيزيولوجيا والطب الفيزيائي وإعادة التأهيل.

ولتوضيحٍ أكثر حول نظرية التحكم الأمثل بالتغذية الراجعة، طرح سلوتزكي مثال الشخص الذي يتحكم بلعبة على الأجهزة الذكية من خلالِ لمس نفس الزر بشكلٍ متكرر:

"كل ما يهم في أداء المهمة أعلاه هو أن يلمس إصبعك المكان الصحيح، ونتيجة لذلك لا يهمُّ ماذا يفعل مرفقك طالما أنك تلمس الزر الصحيح بدقَّة في كل مرة، وبالنسبة للدماغ فإنه يتعلم كيفية التحكم بما يحتاج للتحكم به لأداء مهمة معينة، ولا يكترث للأشياء التي لا تؤثر في أداء تلك المهمة، حيث إن التحكم بكل عضلة بشكلٍ مماثل في كل مرة تصل فيها للزر يتطلب الكثير من الطاقة".

يأمل الدكتور مارك سلوتزكي الأستاذ المساعد في علم الأعصاب والفيزيولوجيا، بأن تُفيد نتائج هذه الدراسة في تصميم واجهاتٍ بينية للدماغ والآلة تساعد المرضى المصابين بالشلل بسبب حالات عصبية{
يأمل الدكتور مارك سلوتزكي الأستاذ المساعد في علم الأعصاب والفيزيولوجيا، بأن تُفيد نتائج هذه الدراسة في تصميم واجهاتٍ بينية للدماغ والآلة تساعد المرضى المصابين بالشلل بسبب حالات عصبية{


وأوضح الباحثون بالاستعانة بالنموذج الحيواني أن نشاط المنطقة القشرية يكون أكثر استقرارًا في المنطقة المتعلقة بالمهمة task-relevant space (مثل شاشة اللوح الذكي)، ويكون أكثر تغيرًا في المنطقة غير المتعلقة بالمهمة task-irrelevant space (كمكان المرفق أينما يكن)، واكتشف الباحثون أيضًا أن الاستقرار في المناطق المتعلقة بالمهمة يدوم حتى مع مرور الوقت.

ومما أضافه الدكتور سلوتزكي لاحقًا: "بيّنا أن الإشارات الدماغية من القشرة الحركية تُظهِر سلوكًا مستقرًا على مدى فترات طويلة من الزمن لما يصل لثلاث سنوات، وهذا يعدُّ أكثر استقرارًا مما وجده أي باحث من قبل".

وقد سجل الباحثون في هذه الدراسة نوعين من الإشارات الكهربائية التي تنتجها الخلايا العصبية في المنطقة القشرية -إشارات جهد الفعل action potential، وإشارات جهد المجال المحلي local field potential- من خلال مهمةٍ بسيطة.

مع أن معظم الواجهات البينية للدماغ والآلة تعمل من خلال فكِّ تشفير جهد الفعل من أجل التواصل مع العضلات، إلا أن العلماء وجدوا أن النوع الآخر من الإشارات أكثر استقرارًا.

وأخيرا أضاف الدكتور سلوتزكي والذي يهدف لتصميم واجهات بينية للدماغ والآلة، بحيث تكون قابلة للتطبيق سريريًا clinically viable brain machine interfaces لمساعدة المرضى المصابين بالشلل نتيجة حالاٍت عصبية، مثل السكتة الدماغية stroke والشلل الدماغي cerebral palsy والتصلُّب الجانبي الضموري ALS : "إن هذا الاستنتاج يشدِّد على ضرورة البحث بشكل أعمق وبشدة على إشارة جهد المجال المحلي، على أنها المصدر الرئيسي للإشارات بالنسبة للواجهات البينية للدماغ والآلة، وكونها قابلة للتطبيق سريريًا لا يعني فقط أداءَها الحسن، ولكن يتعدى ذلك إلى أن تكون سهلة التعلم بالنسبة للمريض كما يعني أيضًا أنها ستدوم لعدة سنوات".

الملاحظات:



[1] الواجهات البينية interfaces في علم الحاسوب هي حدود مشتركة يتبادل عبرها نظامان (كالإنسان والآلة) المعلومات فيما بينهما. والواجهات البينية للآلة والدماغ هي واجهات بينية صُممَت لتسهِّل تواصلَ الإنسان عبر دماغه مع الآلة.
[2] الاستفاضة redundancy هي إحدى المواضيع المهمة في التحكم بالجهاز الحركي، وهي تشير إلى الزيادة الملحوظة في "الحرية الحركية" التي يمتلكها الجهاز الحركي مقارنة بالتي يحتاجها؛ فهناك العديد من الوضعيات التي قد تتخذها مفاصل الطرف العلوي لتجعل الإصبع (مثلًا) موجودًا في مكان معين بوضعية معينة، فمع أنه يمكن الوصول لهذا الموضع بعدد محدود من الحركات، إلا أن هناك استفاضة في عدد الحركات التي يمكن للدماغ تنفيذها للوصول لنفس النتيجة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات