تألف كوكب المريخ في بداية نشأته من كميات هائلة من المياه الجوفية التي كانت تتدفق إلى السطح بشكل منتظم. توصل لهذه النتيجة الدكتور ووتر مارا Wouter Marra من جامعة أوترخت في هولندا بعد قيامه بعدة دراسات وتجارب قياسية. وبغض النظر عن المناخ كانت المياه الجوفية سائلة وكانت المصدر الأساسي للمياه على سطح المريخ لوقت طويل.
سيقوم الدكتور مارا بالدفاع عن نظرية بحثه من برنامج دعم أبحاث الفضاء (User Support Programme Space Research) في 22 مايو/أيار.
هناك أدلة حقيقية تدل على تواجد المياه على المريخ قديماً، ولا تزال بعض الآثار القديمة كحدوث البراكين ووجود المياه ظاهرة على سطح المريخ. السؤال الأهم هنا، ما مصدر هذه المياه؟
يقترح د. مارا في بحثه أنّ معظم الآثار الدالة على وجود مياه تشكلت عن طريق المياه الجوفية التي تدفقت للسطح لأسباب مختلفة.
فعليًا لا توجد مياه سائلة
يذكر د. مارا: "يُشير الجزء الأكبر من تاريخ المريخ إلى عدم تواجد المياه بحالة سائلة على السطح بسبب الضغط الجوي المتدني جدًا، لدرجة أن أي مياه سائلة تتدفق إلى السطح ستتجمد أو تتبخر بسرعة، لكن يمكن رؤية العديد من البنيات السطحية مثل القنوات والممرات التي تدل على تواجد مسارات المياه فعلًا. باعتقادي هذه البنيات تشكلت بسبب وجود أنظمة المياه السائلة تحت السطح مباشرة، وبسبب عدم تواجد هذه الأنظمة على الأرض قمت بعمل تجارب قياسية لمعرفة كيف تعمل أنظمة كهذه".
التجارب القياسية
تتسرب المياه الجوفية من عدّة مصادر، سواءً قريبة أو بعيدة، مضغوطة أو غير مضغوطة، وتُشكل هذه المؤثرات المختلفة أنماطاً طبيعية على السطح. بنى د. مارا تجربة تتألف من طبقات مترسبة يمكن من خلالها تدفق المياه الجوفية إلى السطح عن طريق عدة مصادر، ويقول: "لقد قمت بالتركيز على تشكيل المساحة الطبيعية كاملة. باستطاعتي الآن ربط الأنماط السطحية الناتجة عن التجربة بمصدر مياه معين، حتى توصلت إلى أن بعض الأنماط المتواجدة في مناطق مختلفة على المريخ تتشابه فعليًا مع النتائج التجريبية التي حصلت عليها".
ضغط المياه هو المفتاح
يلعب الضغط الجوي للمياه الجوفية كعامل أساسيّ في تشكيل المساحة الطبيعية، ويُعلق د. مارا: "في تجربتي، قمت بملاحظة مساحات طبيعية مختلفة ناتجة عن ضغوطٍ متفاوتة للمياه الجوفية، ويُمكن تفسير بعض المناظر الطبيعية الأكثر غموضًا على سطح المريخ على أنها انفجارات كبيرة للبحيرات تحت السطح، مثل البراكين ولكن بواسطة المياه. وعلاوة على ذلك، وجدت الكثير من الأدلة لحالات أصغر حجمًا وأقل تطرفًا لتدفق المياه الجوفية التي سمحت لي بإعادة بناء الهيدرولوجيا السابقة للمريخ (نظام التصريف السطحي)".
أظهرت إعادة بناء تاريخ المريخ أن المياه الجوفية من الممكن أن تكون تواجدت منذ زمن بعيد، وربما لا تزال موجودة. تتدفق هذه المياه الجوفية بشكل متكرر إلى السطح، ولكن بشكل متقطع جدًا وبكميات تتناقص عن أي وقت مضى.
تجربة انفجار المياه الجوفية المضغوطة
التاريخ المبكر
يشكل بحث د. مارا دليلًا جديدًا على وجود المياه الجوفية في تاريخ المريخ؛ ويعود تاريخ المناطق التي لوحظت فيها هذه الآثار لأكثر من ثلاثة مليارات سنة. ولا يُشترط وجود المناخ المثالي في الأوقات التي كانت فيها المياه الجوفية المصدر الرئيسيّ للمياه على سطح المريخ، كالضغوط الجوية ودرجات الحرارة العالية.
يختم د. مارا قائلاً: "على العكس من ذلك، يمكن تفسير وجود المياه الجوفية كمصدر رئيسي للمياه بسبب المناخ البارد الذي لا يسمح بوجود أي مياه سائلة على سطح المريخ".