عندما يتحرك الإنسان: لماذا لا تتشوش الصورة بالنسبة للعين؟

باحثون يكتشفون كيف أن العين والدماغ يحافظان على استقرار الصور حتى عندما نتحرك، وذلك بعكس الضبابية الموجودة في صور الكاميرات.

يرتبط اثنان من البروتينات خلال نشأة المرء، من أجل زيادة استقرار الخلايا الدماغية التي تسمح لنا برؤية الأشياء بوضوح، حتى عندما نتحرك.



استطاع باحثون من كلية الطب في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، ومعهد العيون شايلي hiley Eye Institute اكتشاف "الصمغ" الجزيئي الذي يبني الوصلات الدماغية التي تكون وظيفتها الحفاظ على الصور المرئية واضحة وثابتة، حتى عندما تتحرك الأشياء، أوتتحرك عيناك. وضح الباحثون - باستخدام نماذج في الفئران- أن استقرار الصورة يعتمد على اثنين من البروتينات، الكونتاكتين-4 Contactin-4 والبروتين طليعة الأميلويد [amyloid precursor protein[1، واللذان يرتبطان خلال التطور الجنيني. نُشرت هذه الدراسة في عدد السابع من أيار/مايو 2015 في دورية Neuron.


قال كبير مؤلفي الدراسة أندرو د. هيوبيرمان Andrew D. Huberman: ”في نظامنا البصري، تساعدك الوصلات الدقيقة بين عينيك ودماغك على أن ترى أشياء معينة وأن تضمن أن هذه الصور واضحة ودقيقة. كما تلتقط المتحسسات في العين الحركةَ وتتصل بالدماغ بالطريقة المثلى من أجل أن يرسل الأوامر لعينيك أن تتحركا في الاتجاه المناسب دون تضبيب الصور، وهو الأمر الذي يحدث عندما تحاول التقاط صورة بالكاميرا أثناء حركتك. حتى الآن، لم نفهم حقيقةً كيف يتحكم كل من العين والدماغ بهذا الأمر على المستوى الجزيئي“. هيوبيرمان هو بروفيسور مساعد في علوم الأعصاب، والأحياء العصبية، وطب العيون، وحاصل على شهادة الدكتوراه.
 
 
من أجل تحديدٍ كامل للكيفية التي يعمل بها كل من عينيك ودماغك جنبًا إلى جنب من أجل الحفاظ على الأشياء ثابتة، قام هيوبيرمان، والمؤلفة الرئيسية جيسيكا أوستيرهوت Jessica Osterhout، وفريقهما بوسم مجموعات معينة من العصبونات في الدماغ، والتي تكون لها وصلات خاصة. وهي تقنية ابتكرها مختبر هيوبيرمان. تتيح بهذه الطريقة للباحثين أن ينظروا إلى مكونات الشبكة العصبية كلًا على حدة، وأن يحددوا بدقة الجيناتِ التي تقوم هذه الخلايا بتشغيلها خلال التطور الجنيني، وذلك بينما تقوم بإنشاء الوصلات المناسبة.


من ذلك، وجد الباحثون الكونتاكتين-4، وهو جزيء التصاق adhesion molecule. كما وجد العلماء أن تعبير الخلايا[2] عن الكونتاكتين-4 هو تعبير محدود جدًا بهذه الخلايا الموجودة في العين، والتي تختص باستقرار الصورة. عندما قام الباحثون بإحداث طفرة في الكونتاكتين-4، لم تتكون الدارة البصرية بشكل سليم، ولم تستطع الخلايا البصرية أن "تتكلم" مع الدماغ بشكل سليم. وفي المقابل، عندما أضافوا الكونتاكتين-4 إلى خلية لا تقوم في العادة بإنتاجه، كان هذا البروتين الإضافي هو كل ما احتاجته الخلية من أجل أن تنشئ الدارات البصرية اللازمة من أجل توفير وصلات ثابتة بين العينين والدماغ.
 

بعدها قام الفريق بالبحث عن بروتينات بإمكانها الارتباط بالكونتاكتين-4. واكتشفوا بذلك "البروتين طليعة الأميلويد"، وهو بروتين كان دُرِس بشكل كبير باعتباره بروتينًا مهمًا في داء آلزهايمر Alzheimer's disease، ولكنه أيضًا معروف على أنه عامل مهم في التطور الطبيعي للدماغ. وجد الباحثون أنه إذا فُقد البروتين طليعة الأميلويد، لا يستطيع الكونتاكتين-4 أن يكوّن الدارات البصرية اللازمة.


بناء على هذه النتائج، يفترض خيوبيرمان وزملاؤه أن هناك أيضًا مجموعات محددة جدًا من الجينات التي تكون وظيفتها أن تضمن أن العصبونات الصحيحة هي التي تقوم بالوصلات الصحيحة في الجوانب الأخرى من الدارات العصبية، وليس فقط الدارات البصرية. كما أن هذه الجينات يرجح أنها مهمة من أجل الإدراك الحسي الدقيق، ومن أجل السلوك كذلك.
 

بعد ذلك، يخطط هيوبيرمان وفريقه أن يأخذوا نظرة قريبة على طبيعة الخلل الحاصل في هذه الجينات وفي الوصلات العصبية في أمراض الوظائف المعرفية. على سبيل المثال، بما أن جين الكونتاكتين-4 يقع في مجموعة من الجينات التي لها علاقة ببعض أنواع التوحد، يريد العلماء معرفة ما إذا كانت أنواع الشذوذ المختلفة التي تحصل في هذا الجين بالذات تلعب دورًا في تطور المرض.


قال هيوبيرمان: ”كما أن مختبري مهتم بفهم كيفية إعادة أو تجديد الوصلات التي تضررت بفعل مرض أو إصابة“.

ملاحظات
[1] الطليعة precursor في علم الأحياء الجزيئي: هو المركب السابق للآخر، فطليعة الأميلويد هو بروتين يتحول عندما يتحلل إلى أميلويد (مركب نشواني).
[2] التعبير في علم الأحياء هو عملية ترجمة الجينات إلى بروتينات.
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات