في البحث عن التناظر الفائق والكواركات الساحرة

البحث الأول من نوعه المُخصص للبحث عن النظير الفائق للكوارك الساحر


إن كانت جميع الأدلة تُدعّم نظرية ما، لِماذا قد يبحث أحدهم عن جسيمات إضافية خارج إطار تلك النظرية؟ ولكن هذا ما حدث تماماً في أواخر ستينات القرن الماضي. 

 

في ذلك الوقت، كانت جميع جداول الجسيمات المُكتشفة والمسماة بالهادرونات (hadrons) قابلة للتفسير بالاعتماد على ثلاثة كواركات فقط؛ وكان النظريون يبحثون عن جسيم (كوارك) رابع سمّوه بدعابة الكوارك الساحر (Charm quark)، وقدّروا بأن هذا الجسيم الإضافي سيزيد من التناظر ويحل بعض التباعدات الرياضية المزعجة الموجودة في نظرية الكواركات الثلاثة (three-quark theory). وبالفعل، كما تنبأت به النظرية، اكتُشِف الكوارك الساحر تجريبياً عام 1974. 

 

منذ أربعين عاماً وحتى الآن، يتنبأ العديد من النظريين بسيناريو شبيه بالسيناريو السابق مع النموذج القياسي (standard model)، الذي يُعد النظرية الأنجح في تفسير جميع المراقبات التجريبية لحد الآن. فمع اكتشاف بوزون هيجز، ظهرت تلك التباعدات الرياضية مرةً أخرى في النموذج القياسي؛ وفي هذه المرة، ترافقت مع كتلة بوزون هيجز نفسه.

 

الآن، النظرية المطروحة لحل تلك المشاكل الرياضية هي التناظر الفائق (supersymmetry)، التي إن صحّت، تفترض وجود "نظائر فائقة (supersymmetric partners)" لجميع الجسيمات التي يتضمنها النموذج القياسي -بما في ذلك الكوارك الساحر. وبالإضافة لحل مشكلة كتلة هيجز، التي تُعرف بمسألة الستلسل الهرمي ( The hierarchy Problem)، تُفسر نظرية التناظر الفائق ماهية المادة المظلمة، فهي وفقاً لهذه النظرية تتألف من أخف تلك الجسيمات الفائقة -تُهيمن المادة المظلمة على معظم الكتلة الموجودة في الكون.

 

في البحث الأول من نوعه و المخصص للبحث عن الجسيمات فائقة التناظر، قامت تجربة أطلس (ATLAS) التابعة للمصادم الهادروني الكبير (LHC) الخاص بـCERN، بالبدء بتحليل البيانات للبحث عن النظير الفائق للكوارك الساحر، والذي يعرف بالساحر القياسي (scalar charm)؛ حيث يقوم الفريق بتحليل بيانات التصادم الخاصة بالمصادم الهاروني الكبير من أجل البحث عن الساحر القياسي المُنتج مع الجسيم المضاد المرافق له. ومن المتوقع بعد ذلك أن يتحلل هذين الجسيمين فائقي التناظر إلى الجسيم المضاد المرافق للكوارك الساحر (anti charm)، وجسيم من المادة المظلمة مجهول الكتلة. 

 

مكّنت قدرات الكاشف في تجربة (ATLAS) الباحثين من الحصول على قياسات دقيقة للغاية،حيث يستطيع الكاشف بقدراته الدقيقة رصد مسارات التصادم والنقاط الهندسية لها، وقياس المسافة الدقيقة التي تسافرها تلك الجسيمات قبل تحللها بزمن لا يزيد عن البيكوثانية (10^-12 من الثانية). تم التعرف على ما تُنتجه الكواركات الساحرة من نفثات من الهادرونات عالية الطاقة بواسطة "شبكة عصبية" صناعية، مضبوطة خصيصاً للتمييز بين هذه النفثات وغيرها ممّا تنتجه الكواركات أو الغلوونات الأخرى.

 

من العلامات الأخرى، التي يبحث عنها الفريق، هو لا توازن موجود في كمية الحركة المرصودة (momentum imbalance) في التصادمات، حيث يتسرب جزء من كمية الحركة لجسيمات المادة المظلمة التي تنتج من التحلل كما ذكرنا سابقاً؛ لكنها غير قابلة للرصد مباشرة.

 

قام الفريق الآن بتحليل بيانات من تصادمات بروتون-بروتون بطاقة في مركز الكتلة تصل إلى 8 تيرا الكترون فولط (TeV)، و قامت نتائجهم بنفي وجود نظائر فائقة التناظر للكوارك الساحر بكتل تصل إلى حوالي 540 جيغا الكترون فولط (GeV)، وذلك حسب كتلة جسيم المادة المظلمة.

 

تكمل هذه النتائج عمليات البحث السابقة، التي جرت في أطلس، عن الجسيمات الفائقة التناظر (القياسية) المرافقة للكوارك العلوي (top quark) وللكوارك السفلي (Bottom quark).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات