الذرات فائقة البرودة والفوتونات
"آلة الكرة والدبابيس" الخاصة بالذرات والفوتونات
أثبتت الذرات فائقة البرودة (Ultracold atoms) الناتجة عن تراكبٍ عرضيّ لحزم ليزرية والموجودة فيما يُعرف بالشبكات البصرية، أنها تُمثل مستقبلاً واعداً كأدوات لمحاكاة وفهم سلوك الأنظمة متعددة الأجسام (many-body systems) مثل البلورات الصلبة -على سبيل المثال بالنسبة لخواصها الكهربائية أو المغناطيسية.
لكن توجد بعض القيود عند الحديث عن التطبيق في الفضاء الحر، ومن بين تلك القيود المسافة الكائنة بين الذرات (حوالي 400 ميليمتر) والمجال القصير للتفاعلات. يقترح اليوم فريقٌ من العلماء بينهم إيغناسيو سيراك (Ignacio Cirac) من معهد ماكس بلانك في غارشينغ والبروفسور جيف كيمبل (Jeff Kimble) من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا-كاليفورنيا، طريقةً جديدة تستفيد من فيزياء الذرات الباردة والبصريات النانوية للتحايل على هذه القيود، مع التنبؤ بثوابت شبكية أصغر بعشر مرات من تلك الموجودة في الشبكات البصرية الحرة، ومن ثمّ تفتح الباب أمام احتمالية إيجاد تفاعلات عند مجالات أطول.
يستخدم المؤلفون الفرص التي تُقدمها العوازل النانوية والمعروفة بالبلورات الفوتونية (Photonic Crystals) في دراسة كيفية احتجاز الذرات عند مسافات أقرب إلى بعضها البعض، وكيفية جعلها تتفاعل عبر الأنماط المرشدة في البنية. نتيجة لذلك، تزداد أحجام الطاقة للنظام بالإضافة إلى توسيع مجال التفاعلات، ليصبح من الممكن استكشاف أشكال جديدة من المادة الكمومية عديدة الأجسام (quantum many-body matter).
تكمن الفكرة الرئيسية في أخذ عازل لوحي رقيق جداً بحيث يُعدَّل معامل انكساره بشكلٍ دوري، إما عبر الثقوب المحفورة أو تركيب أعمدة أسطوانية الشكل وصغيرة في النمط الشبكي الواسع. باستخدام تأليف بين القوى البصرية والفراغ، بيَّن المؤلفون كيف يُمكن تصغير الشبكات إلى عرض حوالي 50 نانومتر -أي أصغر بحوالي عشر مرات من الشبكات البصرية.
يقول الدكتور اليخاندرو غونزاليس-توديلا (Alejandro González-Tudela) وهو عالم في القسم النظري من مجموعة البروفسور سيراك والمؤلف الرئيسي للورقة العلمية: "بوجود هذه الشبكات ذات الأطوال الموجية الفرعية، يُمكننا دراسة وتقصي ظواهر الأجسام العديدة الكمومية كما هي الحال في الشبكات البصرية الحرة". ويتابع قائلاً: "لكن تكمن أفضلية المخطط الذي اقترحناه في كون الذرات أكثر قرباً إلى بعضها البعض. وبتلك الطريقة، ننُجز معدلات نفقية أعلى وطاقات تفاعل أعلى بالنسبة لعمليات محاكاة الأنظمة الكمومية عديدة الأجسام. ويعني ذلك الأمر أنه بإمكاننا التخفيف من متطلبات تبريد الذرات".
إلاّ أن الحجم المصغر للشبكة ليس هو الوحيد الذي يُقدم إمكانية الوصول إلى أنواع جديدة من الفيزياء؛ فهندسة طبقة العوازل الرقيقة ثنائية الأبعاد تسمح كذلك باحتجاز وإرشاد الضوء الذي يسقط على اللوح.
ومن ثمَّ يتفاعل الفوتون الداخل بقوة مع الذرة، ثُمّ يرتد عنها. إلاّ أن ذلك الفوتون لا يُحلق في الفضاء، وإنما ينتشر عبر الدليل الموجي ويجد ذرةً أخرى ليتفاعل معها، وبعدها يذهب إلى ذرة أخرى ليتفاعل من جديد.
يقول اليخارندو: "يُبين تحليلنا أنه يجب أن نكون قادرين على إنجاز تفاعلات ذرة-ذرة، حيث لا تتم آلية التفاعل عبر تنقل الذرات كما هي الحال في الشبكات البصرية وإنما عبر تبادل الفوتونات".
ويُضيف: "النتيجة هي مادة صلبة ثنائية الأبعاد تترابط فيها الذرات معاً، ولا تتحدث مع بعضها بالاعتماد على الفونونات (phonons) -كما هي الحال في المادة النظامية-وإنما باستخدام الفوتونات. يعني ذلك وجود مجالٍ جديد نوعياً من تفاعلات المادة-الضوء، مع القدرة على تصميم قوة ومجال التفاعلات. سنتمكن من الوصول إلى مجموعة غنية من الظواهر الفيزيائية؛ ويشمل ذلك المغناطيسية الكمومية أو تفاعلات السبين-السبين التي تتم عبر الفوتونات".