اكتشف العلماء آليةً عصبية في أدمغة الفئران تشير إلى أننا فعليًا ننسى بينما نحن نتعلم.
على أبسط مستوى، يتضمن التعلم صناعة روابط وتذكرها، درس كروس (Gross) وزملاؤه الحصين في أدمغة الفئران (الحصين هو منطقة الدماغ التي لطالما عُرفت بأنها تساعد على تكوين الذكريات – المترجم)، تدخل المعلومات هذا الجزء من الدماغ من خلال ثلاثة مسالك مختلفة، وبينما يتم تعزيز الذكريات، تزداد الروابط بين العصبونات (neurons) قوةً وتماسكًا على طول المسار الرئيس (main route).
عندما قطع العلماء هذا المسلك الرئيس، وجدوا أن الفئران تصبح غير قادرة على تعلم الاستجابة البافلوفية (Pavlovian response)، وهي أن يربط الفأر صوتًا ما إلى نتيجةٍ حتمية (كتقديم الطعام للفئران دائمًا بعد أن يسمعوا الصوت نفسه - المترجم)، وأن يتوقع تلك النتيجة، ولكن إذا كانت تلك الفئران قد تعلمت ذلك الارتباط من قبل أن يقوم العلماء بوقف تدفق المعلومات في ذلك المسار الرئيس، سوف نجد أن الفئران ما زالت تستطيع استرجاع تلك الذكرى، وهذا يؤكد بأن هذا المسار مسؤولٌ عن تكوين الذكريات، ولكنه غير أساسيّ لتذكرها، ولذلك يعتقد العلماء بأن تذكر الذكريات مشتملٌ في المسار الثاني داخل الحصين.
ولكن وجد العلماء أن إغلاق المسار الرئيس كانت له عواقب غير متوقعة، فقد ضعفت الروابط الموجودة على امتداده، ما يعني أن الذكرى كانت تُمحى.
دائمًا ما يقال إنه حالما تتعلم قيادة الدراجة الهوائية، لن تنسى ذلك مطلقًا، ولكن بحثًا جديدًا يقترح أنه بينما نحن نتعلم، يحاول الدماغ فعليًا أن ينسى.
قام بهذه الدراسة علماء في معهد مختبر الأحياء الجزيئية الأوروبي European Molecular Biology Laboratory واختصارًا EMBL، وجامعة بابلو أولافايد في أشبيلية، إسبانيا (university of Pablo Olavide in Sevilla، Spain) ونشرت في دورية (Nature Communications).
يقول كورنيليوس كروس (Cornelius Gross) الذي قاد البحث في EMBL: "هذه أول مرة يتم فيها الربط بين مسار (pathway) في الدماغ للنسيان، مع محوٍ فعليّ للذكريات".
اتضح أن المسارات الثلاثة التي في داخل الحصين [Hippocampus]، ترتبط بجوانب مختلفة من التعلم: تكوين الذكريات (الأخضر)، وتذكرها (الأصفر)، ونسيانها (الأحمر). حقوق الصورة: جون وود (John wood).
عندما قطع العلماء هذا المسلك الرئيس، وجدوا أن الفئران تصبح غير قادرة على تعلم الاستجابة البافلوفية (Pavlovian response)، وهي أن يربط الفأر صوتًا ما إلى نتيجةٍ حتمية (كتقديم الطعام للفئران دائمًا بعد أن يسمعوا الصوت نفسه - المترجم)، وأن يتوقع تلك النتيجة، ولكن إذا كانت تلك الفئران قد تعلمت ذلك الارتباط من قبل أن يقوم العلماء بوقف تدفق المعلومات في ذلك المسار الرئيس، سوف نجد أن الفئران ما زالت تستطيع استرجاع تلك الذكرى، وهذا يؤكد بأن هذا المسار مسؤولٌ عن تكوين الذكريات، ولكنه غير أساسيّ لتذكرها، ولذلك يعتقد العلماء بأن تذكر الذكريات مشتملٌ في المسار الثاني داخل الحصين.
ولكن وجد العلماء أن إغلاق المسار الرئيس كانت له عواقب غير متوقعة، فقد ضعفت الروابط الموجودة على امتداده، ما يعني أن الذكرى كانت تُمحى.
يقول أغنس غروارت (Agnes Gruart) من جامعة بابلو أولافايد: "ببساطة، إغلاق هذا المسار وجبَ ألا يكون له أي تأثيرٍ على قوته"، ثم أضاف: "حين تعمقنا أكثر بالبحث، وجدنا أن نشاطًا في أحد المسارين الآخرين كان مسؤولًا عن هذا الإضعاف".
مما يثير الدهشة هنا، أن هذه الدفعة باتجاه النسيان تحدث فقط عند المواقف التي تتضمن تعلمًا، حيث أنه عندما أغلق العلماء المسار الرئيس داخل الحصين تحت ظروف أخرى، لم تتغير قوى الروابط فيه.
يقول غروس: "هناك تفسير واحد لهذا، وهو أنه هناك فضاء محدود داخل الدماغ، فعندما نتعلم، يجب أن يضعف رابطٌ ما ليترك مجالًا للبقية"، ثم يضيف: "لتتعلم أشياءَ جديدة، يجب أن تنسى أشياء تعلمتها سابقًا".
وصل الباحثون لهذه النتائج باستخدام فئران معدلة وراثيًّا، ولكن وبمساعدة مختبر ماجا كونز (Maja Kohns Lab) في EMBL، برهن العلماء أنه من الممكن إنتاج دواء يفعل مسار "النسيان" في الدماغ من غير الحاجة إلى الهندسة الوراثية. وهذه المقاربة، كما يقولون، قد تكون مشوقةً لمن يبحث عن طرق لمساعدة الناس على نسيان التجارب المؤلمة.