أدلة عن اتصال العصبونات ببعضها بطريقة غير متوقعة أبداً!


اكتشف الباحثون تقنية جديدة تتحكم بطريقة اتصال الخلايا العصبية مع بعضها البعض في أدمغتنا لتنظيم عمليتي التعلّم والذاكرة طويلة الأمد.

هذه الآلية الدماغية الجديدة كانت موجودة أمام أعيننا طوال الوقت، وهذا تذكير لنا بأن هناك الكثير لنتعلمه عن كيفية عمل الدماغ البشري، وكذلك هو إشارة تساعدنا على فهم الخطأ الذي قد يحصل في الاضطرابات التنكسية العصبية كداء آلزهايمر والصرع.

قال الباحث الرئيس جيريمي هينلي Jeremy Henley من جامعة بريستول في المملكة المتحدة: "تمثل هذه الاكتشافات خطوة هامة إلى الأمام، وستكون لها آثار بعيدة المدى على فهمنا للذاكرة، والإدراك، والمرونة العصبية أثناء تطور الجهاز العصبي، وتشكيل شبكات الخلايا العصبية، والاستقرار، ونعتقد أن هذه الدراسة هي حجر الأساس الذي يفتح طرقًا جديدة للتساؤلات التي ستزيد من فهمنا لوظيفة الاتصالات العصبية في الصحة والمرض".

يحوي دماغ الانسان 100 مليار خلية عصبية وكل منها تشكل 10,000 وصلة مع الخلايا الأخرى تسمى بالمشابك العصبية synapses. وهذا يمثل مقدارًا هائلًا من الاتصالات. وهي اتصالات تقوى أو تضعف اعتمادًا على آليات دماغية مختلفة، قضى فيها العلماء عقودًا محاولين فهمها.

إحدى أفضل الآليات المعروفة لزيادة قوة تدفق المعلومات عبر نقاط المشابك العصبية حتى الآن تعرف بالتأييد طويل الأمد Long-term potentiation أو اختصارًا (LTP). يعمل التأييد طويل الأمد على تكثيف الاتصال بين الخلايا لجعل نقل المعلومات أكثر كفاءة ويلعب دوراً هاماً في حالات متنوعة من الأمراض التنكسية العصبية؛ حيث إن الكثير من التأييد طويل الأمد يهدد بخطورة حدوث اضطرابات كالصرع، والقليل منها قد يسبب الخرف أو داء آلزهايمر.

المعلوم حتى الآن هو أن التأييد طويل الأمد تتحكم به بروتينات خاصة تسمى مستقبلات NMDA. ولكن هناك فريقًا من العلماء في المملكة المتحدة اكتشف نوعًا جديدًا من التأييد طويل الأمد يُتَحَكَّم به بطريقة مختلفة تمامًا.

فبعد أن درس الفريق عملية تكون المشابك العصبية في المختبرات، أظهر الفريق أن هذه الآلية الجديدة للتأييد طويل الأمد تتحكم بها جزئيات تعرف باسم مستقبلات الكايينايت kainate receptors، بدلًا من مستقبلات NMDA.

وكتب الباحثون في دورية Nature Neuroscience: "تكشف هذه البيانات عن دور جديد وغير متوقع لمستقبلات الكايينايت الموجودة في المنطقة بعد المشبكية في تحفيز التكيفية الوظيفية والبنيوية في الحصين hippocampus". وهذا يعني أننا الآن قد اكتشفنا آلية لم يسبر أغوارها العلماء من قبل، وقد يكون بإمكانها التحكم في التعلم والذاكرة.

هذا وقال أحد الباحثين ميلوس بيتروفيك Milos Petrovic من جامعة وسط لانكشر University of Central Lancashire: "إن فهمنا للتفاعلات بين مستقبلات الإشارة في الدماغ يزيد من فهمنا لكيفية عمل الدماغ السليم. كما أنه يزودنا بمعلومات عما يحدث عندما نشكل ذكريات جديدة. وإذا تمكّنا من الحفاظ على هذه الإشارات قد تساعدنا على الحماية من أمراض الدماغ".

وهذا من شأنه أن يفتح مسارًا لبحوث جديدة قد تقودنا إلى فهمٍ أفضل لكيفية عمل الدماغ. وليس هذا فحسب، بل إن الباحثين إذا عثروا على طريقة لاستهداف هذه المسارات الجديدة في أبحاثهم، قد يصير بإمكاننا الوصول إلى علاجات أكثر فعالية لمجموعة من الاضطرابات التنكسية العصبية.

ما نزال في المراحل المبكرة، وهذه الاكتشافات بحاجة إلى أن يتحقق منها باحثون مستقلّون الآن، ولكنه حقل بحث جديد مبشر بالخير.

وقال بيتروفيك: "لا شك أن هذا الاكتشاف مثير جداً، ومن المحتمل أن يكون ذا أثر على سكان العالم أجمع".

نُشِر هذا البحث في دورية Nature Neuroscience.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات