يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
مكامن المريخ العملاقة قد لا تكون جليدية!

قد لا تتوارى مكامن الجليد تحت سطح المريخ، بين خط استوائه وقطبيه، وذلك وفقًا لما اقترحته دراسة جديدة مؤخرًا.

عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن كميات هائلة من الجليد تقع عند خطوط العرض المرتفعة حول أقطاب المريخ. إلا أن العلماء شرعوا مؤخرًا بالاستنتاج أن الجليد قد يكون مخفيًا أيضًا عند خطوط العرض الوسطى من المريخ وحتى في خطوط العرض المنخفضة حول خط استواء المريخ.

فقد عثر توماس واترز Thomas Watters الآن (وهو المؤلف الرئيسي في دراسة جديدة وعالم كواكب في المتحف الوطني للطيران والفضاء التابع لمعهد سميثسونيان) وزملاؤه على أدلة في موقع استوائي واحد على سطح المريخ تشير إلى أنه قد يكون غنيًا بالجليد، ويمكن أيضًا أن تعني بسهولة عدم وجود أي كميات من الجليد مطلقًا.

ووفقًا للدراسة، حلل الباحثون البيانات التي جمعتها أداة المسبار الراداري لمارسيس MARSIS على متن المركبة الفضائية مارس إكسبريس Mars Express التابعة للوكالة الفضائية الأوروبية، وركز العلماء على القراءات التي جُمعت من ميريدياني بلانوم، وهي منطقة لها مساحة كارولينا الجنوبية تقريبًا وتقع على خط الاستواء في المريخ وتقوم عربة أوبرتونيتي Opportunity حاليًا باستكشافها. وتنقل أداة مارسيس نبضات راديوية ذات ترددات منخفضة على المريخ، يمكنها أن تخترق قشرة الكوكب الأحمر وتنعكس مرةً أخرى عندما تواجه تغيرات في الكثافة أو التركيب.

في آب/أغسطس 2012، منذ خمسة أعوام، هبطت مركبة كيوريوسيتي Curiosity بأمان على المريخ، وكانت مهمتها استكشاف جبال في طبقات داخل فوهة غيل Gale لمعرفة ما إذا كان المريخ قديمًا يدعم وجود الحياة. سارت كيوريوسيتي مسافة تفوق عشرة أميال، وأرسلت أكثر من 200000 صورة، وحفرت للحصول على 15 عينة صخرية، كما التقطت صور سيلفي خاصة بها.

لكن ما الذي عثرت عليه كيوريوسيتي؟ حصى مستديرة وهي تشير إلى وجود أنهار قديمة، ودلتا حيث صب نهر في بحيرة قديمة، وبحيرات تمتد على قيعان الفوهات، مخلفةً وراءها الطمي الذي يشكل القسم السفلي من الجبل، إنشًا بإنش، وتوالت البحيرات لتجف في نهاية المطاف، ولكن المياه الجوفية تخلف ورائها المعادن باستمرار، وعلى الرغم من أنها تتغير باستمرار، إلا أن فوهة غيل كانت ممتلئة لملايين السنين.

وبعد ثلاثة مليارات عام، عمل غلاف جوي رقيق على حفظ المريخ جافًا وباردًا، وأعطت الرياح للرمال شكل الأمواج والكثبان، وهبت دوامات الغبار القاسية عبر أراضي الكوكب، كما قامت كيوريوسيتي بمراقبة الإشعاعات القادمة من الشمس والفضاء، وذلك للمساعدة على التحضير لليوم الذي سيستمتع فيه رواد الفضاء بذات المشهد المريخي.

 

تقع منطقة مريدياني بلانوم Merdiani Planum المريخية، على طول خط استواء الكوكب، وتبلغ مساحتها 7700 متر مربع، تقريبًا نفس مساحة كارولاينا الجنوبية. وتظهر مكامن مريدياني بلانوم باللون الأبيض في هذه الصورة.   حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/Smithsonian
تقع منطقة مريدياني بلانوم Merdiani Planum المريخية، على طول خط استواء الكوكب، وتبلغ مساحتها 7700 متر مربع، تقريبًا نفس مساحة كارولاينا الجنوبية. وتظهر مكامن مريدياني بلانوم باللون الأبيض في هذه الصورة. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/Smithsonian



ساعدت البيانات من هذه النبضات على الكشف عن الخصائص الكهربائية للمواد في ميردياني بلانوم. وغالبًا ما ترتبط هذه الخواص الكهربائية بالمكامن الغنية بالجليد، ووفقًا لتصريح واترز لموقع Space.com: "تظهر النتائج التي حصلنا عليها من أوبرتونيتي أن هناك القليل من الأدلة التي تدعم تفسيرًا بأن مكامن ميريدياني بلانوم كانت مملوءة بالجليد".

على الرغم من أن أوبرتونيتي وجدت أدلة على بعض المعادن في ميريدياني بلانوم والتي كانت قد تشكلت ذات مرة فيه أو تغيرت بواسطة الماء السائل، إلا أن الرواسب السطحية هناك تتكون بشكل رئيسي من الرمل البركاني الجاف. ويقول واترز: "كانت وجهة نظر فريق أوبرتونيتي أن مكامن ميريدياني بلانوم كانت جافة".

وقد وجد واترز وزملاؤه مواداً أخرى كان من المحتمل انضغاطها تحت سطح المريخ لتعطي إشارة تشبه الجليد. ويمكن تفسير البيانات الواردة من ميريدياني بلانوم لو كانت المواد عبارة عن طبقات سميكة من الرمال البركانية المسامية والخالية من الجليد، والتي عصفت بها الرياح. ويضيف واترز: "العديد من المكامن غير القطبية التي تم تحديدها مؤخرًا، والتي تفسر على أنها غنية بالثلج، قد تحتوي على القليل من الجليد، أو لا يوجد الجليد فيها على الإطلاق".

ويقول الباحثون في الدراسة أن ملامح ميريدياني بلانوم ربما جعلته مثاليًا لاحتجاز مثل هذه الرمال التي عصفت بها الرياح. كما أن الجاذبية المنخفضة نسبيًا للمريخ والمناخ البارد والجاف الذي هيمن على الكوكب لمليارات السنين ربما سمحا بعد ذلك لمكامن الرمال الكثيفة بالبقاء بحالتها المسامية. قد تساعد هذه الأفكار الجديدة من ميريدياني بلانوم الباحثين على تحديد المناطق التي تحوي جليداً وتلك التي تفتقر إليه، بحيث تصل إليها البعثات المستقبلية إلى المريخ.

يقول واترز: "إن البحث عن الجليد الذي يمكن الوصول إليه في خطوط عرض المريخ المنخفضة أصبح هدفًا رئيسًا لدعم الاستكشاف البشري في المستقبل وإمكانية استعمار المريخ". وشرح العلماء النتائج التي توصلوا إليها على الإنترنت في 19 أيلول/سبتمبر في مجلة Journal Geophysical Research Letters.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات