تصميم جديد لأجهزة الاندماج النووي التوكاماك قد يساهم في الوصول إلى الاندماج النووي المستمر

على اليسار: محاكاة تَشَكّل البلازمويد أثناء الحقن الحلزوني المحوري في تجربة تورس الكروية الوطنية. على اليمين: صورة لكاميرا سريعة تبيّن هيكلين فقاعيّين منفصلين شبيهين بالبلازمويد.

المصدر: Left: Fatima Ebrahimi, PPPLRight: Nishino-san, Hiroshima University.


أجرى باحثون من مختبر برينستون لفيزياء البلازما PPPL التابع لوزارة الطاقة الأمريكية وللمرة الأولى عملية محاكاة لتَشَكّل البُنى المعروفة بالبلازمويد (plasmoids) أثناء الحقن الحلزوني المحوري (Coaxial Helicity Injection)، وهي عملية قد تبسّط تصميم منشآت الاندماج، المعروفة بالتوكاماك (tokamaks).

تضمّنَت الاكتشافات، المنشورة في مجلة Physical Review Letters، تَشَكّل بلازمويد مشحونة وساخنة داخل غاز بلازما لتُغذي تفاعلات الاندماج النووي. تحمل هذه البُنى الكروية تياراً يستطيع إزالة الحاجة إلى الوشائع -ملفات مغناطسية كبيرة تُحيط بمركز أجهزة التوكاماك الحالية- في عملية إشعال البلازما، وإكمال الحقل المغناطيسي اللازم لاحتواء الغاز الساخن.

تقول فاطمة إبراهيمي Fatima Ebrahimi، عالمة فيزياء من PPPL في جامعة "برينستون" وهي المؤلف الرئيسي للورقة العلمية: "سيساعدنا فهم هذا السلوك في إنتاج بلازما تجري داخلها تفاعلات الاندماج بشكلٍ مستمر".

أجرت إبراهيمي محاكاة حاسوبية نمذجت سلوك البلازما وتشكل البلازمويد داخل الأبعاد الثلاثية لوعاء الفراغ للتوكاماك، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يُنَمذِج فيها باحثون البلازمويد في ظروف تُحاكي تقريباً تلك الموجودة في التوكاماك الحقيقي؛ حيث جرت كل عمليات المحاكاة السابقة على شريحة صغيرة فقط من البلازما، وهي صورة مبسطة قد تفشل في التقاط المجال الكامل لسلوك البلازما.

تحقق الباحثون من صحة نموذَجهِم، وذلك عبر مقارنته مع صور الكاميرات السريعة، التي صوّرت سلوك البلازما الموجودة داخل تجربة تورس الكروية الوطنية NSTX، وهي منشأة الاندماج الرئيسية لـ "PPPL". وضّحت تلك الصور أيضاً وجود بُنى تشبه البلازمويد، مما أكّد من صحة عملية المحاكاة، وأعطى البحث أهمية كبيرة جداً لأنه كشف عن وجود البلازمويد في بيئة لم تتم مشاهدتها داخلها في السابق.

يقول روجر رامان Roger Raman، مدير برنامج أبحاث الحقن الحلزوني المحوري في "NSTX"، والمؤلف المشارك للورقة العلمية: "تقع هذه الاكتشافات في مجال مختلف كلياً عن تلك السابقة".

قد تُقدم الاكتشافات دعماً نظرياً لتصميم نوع جديد من أجهزة التوكاماك، التي لا تحتاج إلى وشيعة كبيرة للوصول إلى الحقل المغناطيسي الضروري.

تساهم الوشائع في خلق الحقول المغناطيسية جراء مرور تيار كهربائي داخلها؛ وتوظف أجهزة التوكاماك الحالية -بما في ذلك تلك المشابهة للدونات أو قلب التفاحة- الوشائع للحصول على الحقول المغناطيسية الكبيرة، في حين تحتاج أجهزة التوكاماك المستقبلية إلى العمل في حالة ثابتة ومستقرة على مدار أسابيع أو أشهر.

إضافة إلى ذلك، يُعتبر المكان الذي تُوضع فيه الوشائع -الثقب الموجود في وسط التوكاماك المشابه للدونات- صغير نسبياً، وبالتالي يحد من حجم وقوة الوشيعة.

قد يساعد الحصول على فهمٍ واضح لتَشَكل البلازمويد في الوصول إلى طريقة أكثر فعالية لصنع البلازما، والحفاظ عليها أثناء عملية الحقن الحلزوني المحوري (CHI)، وقد تؤدي هذه الطريقة التي طورتها جامعة واشنطن إلى الاستغناء بالكامل عن الوشيعة وستعمل كالتالي:


  •  في البداية، يبدأ الباحثون بحقن خطوط الحقل المغناطيسي المفتوح داخل الوعاء انطلاقاً من قاع حجرة الفراغ. ومع تحريكهم للتيار الكهربائي، على طول خطوط الحقل المغناطيسي، ستتقارب الخطوط بشكلٍ مفاجئ من بعضها وتُشَكّل البلازمويد بشكلٍ مشابه كثيراً لفقاعات الصابون أثناء تشكلها من صفيحة رقيقة من رغوة الصابون.

 

  •  بعد ذلك، ستختلط البلازمويدات مع بعضها البعض لتشكيل بلازمويد وحيد وعملاق يملأ حجرة الفراغ.

 

  •  سيُحفّز الحقل المغناطيسي -الموجود داخل هذا البلازمويد العملاق- تياراً داخل البلازما، الذي سيُحافظ بدوره على وجود الغاز في حيزٍ صغير جداً. ويقول رامان: "من حيث المبدأ، قد تُغير عملية الحقن الحلزوني المحوري بشكلٍ جوهري كيفية بناء أجهزة التوكاماك".


إن فهم كيفية التحطّم المغلق لخطوط الحقل المغناطيسي داخل البلازمويد قد يساعد علماء الفيزياء الشمسية في حل لغز عمل الشمس. تقوم خطوط مغناطيسية عملاقة بالالتفاف فوق سطح النجم لتجلب معها البلازما الساخنة. تتجمع هذه الخطوط مع بعضها أحياناً لتشكل كتلة مشابهة للبلازمويد، ويُمكنها التداخل مع اتصالات الأقمار الصناعية أثناء تصادمها مع الحقل المغناطيسي المحيط بالأرض.

في الوقت الذي تُعتبر فيه اكتشافات إبراهيمي واعدة، إلا أنها تتوقع أنه لازال أمامنا الكثير. ستُقدم التحديثات التي تخضع لها تجربة "NSTX" -التي ستحمل اسم "NSTX-U"- منصة عمل أقوى بكثير لدراسة البلازمويدات بعد أن تبدأ عملها هذا العام، مما يجعل من بحث إبراهيمي كما قالت: "مجرد البداية لعمل أكثر إثارة ستنجزه أجهزة PPPL".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات