رصد ظاهرة عدم الاستقرار في البلازمويد للمرة الأولى

رصد علماء الفيزياء من مختبر برنستون لفيزياء البلازما PPPL التابع لوزارة الطاقة الامريكية، ظاهرة تكهنوا بوجودها مسبقاً. تعرف هذه الظاهرة بعدم الاستقرار الحاصل في بُنى البلازما المعروفة بالبلازمويد plasmoid أثناء عمليات إعادة الربط المغناطيسي، والتي لوحظت سابقاً بطريقة غير مباشرة عبر تقنية الاستشعار عن بعد. 

في دراسة نشرت في آب/اغسطس 2016 في مجلة physical review letters، يفيد علماء الفيزياء أنهم أنشأوا هذه الظاهرة في معمل بحيث يستطيعون قياسها وتأكيد وجودها مباشرة على نطاق الالكترون، الذي يصف مجموعة من حركة الالكترونات ومدى السرعة التي تتحرك بها. وقد مول هذا البحث من جانب مكتب وزارة الطاقة والعلوم قسم الفيزياء الشمسية في ناسا.

يصنع عدم الاستقرار البلازمي فقاعات مغناطيسية داخل البلازما، غازا ساخنا جداً تُفصل ذراته إلى الكترونات وأنوية ذرية. وتسبب الفقاعات المغناطيسية تسريعا في عملية إعادة الربط المغناطيسي التي تُكسر عندها خطوط المجال المغناطيسي في البلازما ويعاد ربطها مرة أخرى منتجة بذلك طاقة هائلة.

في السابق كان الفيزيائيون في وكالة ناسا وغيرها من المؤسسات قادرين على تأكيد وجود عدم الاستقرار البلازمي بشكل مباشر في بيئة خالية من التصادمات، مثل تلك التي تحيط بالأرض والغلاف الجوي، والتي غالباً لا تتصادم جزيئات البلازما فيها.

الفيزيائي من مختبر برينستون لفيزياء البلازما هانتو جي Hantao Ji، أمام تجربة إعادة الربط المغناطيسي. حقوق الصورة: Elle Starkman
الفيزيائي من مختبر برينستون لفيزياء البلازما هانتو جي Hantao Ji، أمام تجربة إعادة الربط المغناطيسي. حقوق الصورة: Elle Starkman

لم يتمكن العلماء من تأكيد وجود عدم الاستقرار البلازمي في البلازما المتصادمة، لأنّ مثل هذه البلازما موجودة في الفضاء الخارجي بعيداً عن الأرض. ومن الأمثلة على البلازما المتصادمة تلك الموجودة على أسطح النجوم البعيدة جداً عن أيدي العلماء لقياسها مباشرة. ولكن علماء الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأماكن أخرى تنبؤوا بها سابقاً. 

وقد حصل العلماء على أدلة غير مباشرة على وجود عدم الاستقرار البلازمي في الفضاء الخارجي باستخدام التلسكوبات ومناظير التحليل الطيفي، فضلاً عن منشآت الاندماج مثل الجهاز الرائد والمعروف بتجربة الحلقات الوطنية (NSTX) التابعة لـ PPPL الذي تم تطويره منذ ذلك الحين. وقد قام العلماء بالتقاط الصور وتحليل الضوء الذي أشار لوجود عدم الاستقرار، ولكن من دون القياسات المباشرة، لم يتمكنوا من تأكيد وجوده. 

يقول هانتو جي Hantao Ji أستاذ في جامعة برنستون قسم العلوم الفيزيائية الفلكية، زميل متميز في PPPL والمشارك في تأليف هذه الدراسة: " هذه النتائج مهمة لأنّ البيانات التي جمعت في تجارب إعادة الربط المغناطيسي السابقة تنطوي على بيئة خالية من تصادمات البلازما والتي لا تنطبق على البلازما المتصادمة الكبيرة الموجودة في الفضاء.

فقد وجد العلماء منذ فترة طويلة صعوبة في دراسة هذه البلازما، لأنه من الصعب تهيئة الظروف المناسبة لها على الارض، ولأنه لا يمكننا إرسال مسابير مباشرة إلى النجوم. الآن لدينا لمحة عن عملها".

خلال الدراسة، استخدم المؤلف الرئيسي وطالب الدراسات العليا جوناثان جارا ألمونتي Jonathan Jara-Almonte وفريقه الجهاز المعروف بـ تجربة إعادة الربط المغناطيسي MRX التابع لـ PPPL وخلافاً لما حدث في التجارب السابقة فقد استخدم جوناثان وفريقه بلازما مصنوعة من ذرات الآرجون بدلاً من الهيدروجين أو الديتيريوم أو الهيليوم. ويسمح استخدام الأرجون بإنتاج ظروف مناسبة وأكثر سهولة لعمليات إعادة الربط داخل البلازما المتصادمة. 

مع تأكيد وجود عدم الاستقرار البلازمي في البلازما المتصادمة أثناء عمليات إعادة الربط، أظهرت الأبحاث أنّ عدم الاستقرار يمكن أن ينشأ حتى في البلازما الرديئة في توصيل الكهرباء، وهي حالة تعرف باسم وجود عدد لاندكويست منخفض Lundquist number، والذي يعتقد العلماء بأنه يقف عائقاً في وجه التطور البلازمي.

وكان هذا الاكتشاف مثيراً للدهشة منذ أن كانت توقعات العلماء لفترة طويلة بأنّ البلازمويد سيتشكل فقط عندما تكون البلازما موصل جيد للكهرباء. يقول جوناثان: "الصورة الأكبر هي أنّ هذه النتائج تثير بعض الأسئلة عن نظرية عدم الاستقرار البلازمي التي لم تتم الإجابة عنها بعد، وأنّ هذه النتائج تثير التساؤلات بشأن ما يجري فعلاً في الأنظمة الأخرى".

كما وأكدت تجربة MRX أيضاً على أنّ البلازمويد يسرع من معدل حدوث عمليات إعادة الربط ولأول مرة يلاحظ تأثيرها في بيئة الاصطدامات. ففهم كيفية حدوث عمليات إعادة الربط أمر مهم، لأنه يمكن أن يؤثر على الأرض بطرق قوية. 

فعندما تحدث عمليات إعادة الربط المغناطيسي على سطح الشمس تبدأ مجموعة هائلة من البلازما بالانطلاق نحو الفضاء مما يمكنها من الاصطدام بالمجال المغناطيسي للأرض، وخلق عواصف مغناطيسية تهدد أقمار الاتصالات وشبكات الكهرباء.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • عدد لاندكويست (Lundquist number): في فيزياء البلازما، عدد لاندكويست (ويرمز له بالرمز S) هي نسبة عديمة الأبعاد تقارن المجال الزمني لعبور موجة آلفين Alfvén wave إلى المجال الزمني لانتشار مقاوم resistive diffusion. وهو حالة خاصة من عدد رينولدز المغناطيسي Magnetic Reynolds number عندما تكون سرعة موجة آلفين هي مقياس السرعة النموذجي للنظام.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات