بصعوبة الفهم يصعب التذكر

في دراسة، واجه المتحدثون بالإنجليزية كلغة أم صعوبة أكبر في تذكر الكلمات التي ألقيت على مسامعهم بلهجة كورية غير مألوفة، مما يشير إلى أن الجهد الذي يبذله المستمعون في فهم اللهجة الأجنبية قد يقلل من قدرتهم على معالجة المعلومات.

نيوزوايز – واشنطن، 18 أيار/مايو 2015
 

إن الجهد المبذول في فهم حديث شخص آخر هو عملية عقلية عليها ضريبتها؛ فقد وثَّقت العديد من الدراسات أن الأفراد الذين يعانون من خلل في السمع، أو أولئك الذين يستمعون لحديث ذي مستوًى سيء -كالحديث في هاتف سيء أو في غرفة صاخبة- يعانون من صعوبة أكبر في تذكر ومعالجة المعلومات المحكية، أكثر من الأفراد الذين سمعوا تلك المعلومات بشكل واضح.

يتقصى الباحثون الآن في جامعة واشنطن في سانت لويس السؤالَ الذي لم يُطرح كثيرًا من قبل، وهو هل يؤثر الاستماع إلى كلام ذي لهجة على قابلية الدماغ لمعالجة وتخزين المعلومات بشكل مماثل للدراسات السابقة. تقترح النتائج الأولية أن الكلام ذا اللهجة الأجنبية، حتى لو كان مفهومًا، قد يكون فهمه أصعب قليلًا من الكلام باللهجة الأصلية.


قدم الباحثون نتائجهم هذه في المقابلة الـ 169 من المجتمع الصوتي لأمريكا Acoustical Society of America، والذي انعقد في 18-22 أيار/مايو 2015 في بيتسبيرغ، بنسلفانيا.

يختلف الاستماع إلى الكلام ذي اللهجة في هذه الدراسة عن الأشكال الأخرى التي جرت دراستها حول "الاستماع المتكلف" -يمكنك التفكير هنا بحفلات الكوكتيل الصاخبة- وذلك ﻷن الكلام بلهجة غريبة هو نفسه يختلف عن توقعات المستمع (غالبًا) بشكل نظامي، ذلك ما قالته كريستين فان إنجين Kristin Van Engen، وهي باحثة مساعدة لشهادة ما بعد الدكتوراه في برنامج اللسانيات في جامعة واشنطن في سانت لويس.

ترتبط دراسة كيفية معالجة الدماغ للمعلومات التي تصله بلهجة غريبة بظروف العالم الحقيقي كالمدارس والمستشفيات. تقول فان إنجين متسائلة: "إذا ما تكلَّفت عناء فهم بروفيسور أو دكتور بلهجة أجنبية، هل ستواجه صعوبة أكبر في تشفير المعلومات التي تتعلمها في الذاكرة؟". الإجابة على هذا السؤال ليست معروفة بعد، كما أن هذه المسألة لم تلق اهتمامًا كبيرًا سواء على صعيد مجموع الكتابات العلمية المتعلقة بمعالجة اللهجات الأجنبية، أو مجموع الكتابات المتعلقة بالسماع المتكلف، حسبما قالت فان إنجين.

من أجل البدء بتكوين إجابة لسؤالها، قامت فان إنجين وزملاؤها باختبار قدرة البالغين اليافعين من المتحدثين الأصليين للإنجليزية على تخزين الكلمات المُتَحَدَّثة في ذاكراتهم قصيرة الأمد. استمع المشتركون في الاختبار لقائمة من الكلمات الإنجليزية، والتي أُلقيت إما بلهجة أمريكية معيارية، أو بلهجة كورية منطوقة إلا أنها مفهومة. وبعد فترة قصيرة من الوقت، تتوقف القائمة بشكل عشوائي، ويُطلب من المشاركين استذكارُ آخر ثلاث كلمات سمعوها. كل المشاركين الذين جرى اختيارهم كانت اللهجة الكورية غريبة بالنسبة إليهم.

كان معدل استذكار المستمعين للكلمات التي استمعوا إليها أخيرًا متقاربًا في كلتا اللهجتين، ولكن فان إنجين وفريقها وجدوا أن المتطوعين تذكروا الكلمة الثالثة من الخلف فقط في 70% من الحالات عندما كانت بلهجة كورية، مقارنة بحوالي 80% عندما كانت الكلمة بلهجة أمريكية معيارية.

كل الكلمات التي ألقيت على المستمعين جرى اختبارها مسبقًا للتأكد من أنها مفهومة قبل أن يجري استخدامها في التجربة. قد يكون الفرق في معدلات الاستذكار سببه أن الدماغ يستخدم بعض المناطق المتعلقة بالمعالجة التنفيذية، والتي تُستخدم في العادة من أجل تركيز الانتباه، ومن أجل تكامل المعلومات وتخزينها، من أجل فهم الكلمات المُتَحدثة بلهجة غير مألوفة، بحسب ما قالت فان إنجين.

هذه النتائج غير نهائية، وفان إنجين وفريقها يعملون على جمع بيانات من شريحة أكبر من المستمعين، وكذلك يعملون على اختبار الوظائف الدماغية التي تحتاج لمعالجةٍ للمعلومات التي يتلقاها المرء عن طريق الاستماع للحديث، كالاستماع لمحاضرة قصيرة ومن ثم القيام باستذكار واستخدام المفاهيم التي جرى نقاشها. كما أنها قالت إنهم قد يوجهون جهودهم في اتجاه استكشاف فيما إذا صار المرء يألف لهجة أجنبية، هل يقلل ذلك من الفرق الملحوظ في وظائف الذاكرة.

تأمُل فان إنجين أن تساعد النتائج في تشكيل الاستراتيجيات لكل من المستمعين والمتحدثين بلهجات أجنبية من أجل تواصل أفضل، ومن أجل التأكد من أن المعلومات التي تُناقَش يتم تذكرها. على سبيل المثال، يمكن لهذه النتائج أن تساعد المستمعين في أن يستخدموا استراتيجيات معيارية كالنظر للشخص المتحدث وسؤاله أن يكرر ما قال. كما يمكن للمتحدثين بلهجة أجنبية أن يتحسن أداؤهم عن طريق تحدثهم بشكل أبطأ، أو أن يعملوا على مطابقة نغم كلامهم وإيقاعه، وأنماط الضغط في التلفظ بالكلام بشكلٍ يكون قريبًا من اللهجة التي يتحدث بها المواطنون الأصليون، بحسب ما أشارت فان إنجين.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات