صورة لسديم الحجاب يعود تاريخها إلى شهر سبتمبر/أيلول من سنة 2015.
المصدر: : (NASA, ESA, and Z. Levay (STScI/AURA
لقد ألهمني كثيراً السؤال الذي أُرسِلَ إليّ عبر البريد الإلكتروني، عادةً لا تكون لديهم إجاباتٍ مباشرة أو سهلة (انظر السؤال في مقال "كم عدد النجوم في مجرة درب التبانة"). سُئلتُ مؤخراً عن كيفية معرفتنا لعمر سديم الحجاب Veil Nebula المُقدر بـ 8000 سنة، إذ أننا لم نشهد واقعياً انفجار النجوم (كما هو الحال مع السوبرنوفا)، كيف لنا أن نعرف منذ متى حدث؟ أعتقد أن الإجابة انتهت بشكلٍ مثيرٍ للاهتمام، لأنها مثالٌ عظيمٌ على كيفية نجاحنا عندما تتحسن الأدوات التي نستخدمها، فالأدوات الأفضل تساوي إجاباتٍ أكثر دقةً، وأحياناً تتغير الإجابات بشكلٍ جذريٍّ مع تحسن فهمنا.
دعونا نتمهل قليلاً ونتحدث عن كيفية حسابنا لعمر شيءٍ ما كسديم الحجاب. في الواقع، هناك أنواعٌ مختلفةٌ للسديم: فسديم الحجاب هو النوع الذي ينتج عن انفجارٍ ضخمٍ يؤدي إلى نهاية نجمٍ ما. وعليه، فإن الغلاف المُتبقي من الغبار والغاز هو ما نُسميه ببقايا المستعر الأعظم (بقايا السوبرنوفا supernova remnant) أو اختصاراً SNR، وهذا هو ما يشكل بالتحديد سديم الحجاب. ويمكن القول في الواقع بأنه الجزء المُضيء المرئيّ فيما يُعرف بحلقة الدجاجة (Cygnus Loop).
يرتبط حسابياً كل من معدل التوسع لبقايا المستعر الأعظم وعمره وحجمه، وبالتالي إذا عرفت اثنين منها فستتمكن من اكتشاف القيمة الثالثة.
في حالة سديم الحجاب نحتاج معرفة عمره، وعمره يساوي المسافة التي توسّع فيها السديم مقسوماً على معدل التوسّع.
إحدى الطرق التي تمكننا من معرفة معدل التوسع هي رصد السديم لفترةٍ من الوقت، وملاحظة مدى توسعه في تلك الفترة الزمنية، بالطبع ليس من السهل القيام بهذا الأمر، وغالباً سترى بأن سديم السرطان Crab Nebula يُستخدم دوماً كمثالٍ لتعليم الطلبة كيفية القيام بتلك الحسابات. ويعود سبب ذلك إلى أن سديم السرطان مدروسٌ بشكلٍ جيد، وهناك الكثير من الصور والأرصاد عنه: على وجه الخصوص هناك صورٌ له مأخوذة في الفترة الممتدة بين عامي 1956 و1999 وقد لوحِظ توسعه منذ ذلك الحين.
لقياس حجم بقايا المستعر الأعظم (بقايا السوبرنوفا)، يجب أن تعرف كم يبعد عن الأرض، إذا عرفت المسافة التي يبعدها عن الأرض، فعندها يمكنك استخدام حساب المثلثات لحساب نصف قطرها، وتذكّر أن المعادلات العكسية أيضاً يمكن أن تفي بالغرض، وفي حالة سديم SN1987A المذكور أعلاه، رأينا نجاح تلك الطريقة، فعبر معرفة مدى توسعه منذ الانفجار الأول وإمكانية قياس حجمه بإجراء بعض حساب المثلثات، كنا قادرين على استنتاج المسافة.
وبالعودة إلى سديم الحجاب، تمكنَّا سابقاً من تقدير بُعده عن الأرض بما يُعادِل 2500 سنة ضوئية، غير أن الأرصاد الحديثة من بعثتي هابل وفيوز Hubble و FUSE منحتنا قياساً للمسافة أكثر دقةً بكثير. والآن نُقدر المسافة التي تفصله عنّا بما يعادل 1500 سنة ضوئية، وهذا بدوره يُقلل مسافة التوسّع لـ (90 سنة ضوئية بدلاً من 150).
وبالتالي، تم خفض العمر المُقدر للسديم من 20,000 عام إلى ما بين 5000 و 8000 عام. وبهذا ندرك أن استخدام أدواتٍ حديثة ومتطورة في رصد الكون، يمكنه أن يُحدث اختلافاً كبيراً في فهمنا له.
