فهرس نجمي جديد يكشف عن

ابتكرت خريجة من جامعة ولاية اريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر فهرس تم إنتاجه للتراكيب النجمية؛ ويُعتبر هذا الفهرس، المعروف بفهرس هباتيا (Hypatia) نسبة إلى الفلكية المصرية هباتيا التي عاشت في الاسكندرية في العام 350 ميلادي تقريباً واشتهرت بكونها أول فلكية أنثى في التاريخ، عمل جوهري من أجل فهم خواص النجوم وكيف تشكلت والاتصالات المتحملة مع عمليات تشكل الكواكب التي من الممكن لها أن تستضيف الحياة؛ وما استنتجته من عملها هو أن تركيب النجوم القريبة ليس متجانساً كما كان متوقعاً في السابق.

 

طالما أنه من المستحيل الحصول على عينة نجمية من أجل القيام بتحديد تركيبها، يدرس الفلكيون الضوء القادم من النجم؛ ويُعرف هذا الأمر بالتحليل الطيفي (spectroscopy) وهو واحد من أكثر الأدوات أهمية بالنسبة للفلكيين حيث يقومون بالاعتماد عليه من أجل دراسة الكون؛ وبالاعتماد على ذلك، يُمكن للباحثين أن يحصلوا على المزيد من المعلومات حول درجة حرارة النجم وكثافته وتركيبه والعمليات الفيزيائية المهمة التي تجري في الأجسام الفلكية.

 

هذا الفهرس الرقمي عبارة عن تجمع لبيانات التحليل الطيفي الوفيرة والقادمة من 84 مصدر لـ 50 عنصر موجود في 3058 نجم في الجوار الشمسي، وكل ذلك ضمن منطقة يصل قطرها إلى حوالي 500 سنة ضوئية حول الشمس. يُصنف هذا الفهرس تركيب النجوم، لكن النجوم المشابهة فقط للشمس، أو النجوم من الأنواع F، G وK (الشمس عبارة عن نجم من النوع G) -كل تلك النجوم قريبة نسبياً من الشمس.

 

تشرح ناتاليا هينكل (Natalie Hinkel)، خريجة من جامعة ولاية اريزونا في العام 2012 وحاصلة على شهادة دكتوراة في الفيزياء الفلكية وتحضر اليوم لدراسة ما بعد الدكتوراة في جامعة سان فرانسيسكو، "يُمكن لهذا الفهرس أن يُرشدنا إلى الحصول على فهم أفضل لكيفية تتطور الجوار المحلي لنا".

 

يُمكن لهذا الفهرس، الذي تتضمن تراكمات ضخمة لأعمال أناس آخرين، أن يساعد الباحثين في العودة إلى المعلومات الحيوية والحصول عليها -استغرقت عملية معالجة 50 مجموعة من البيانات موجودة في هذا الفهرس حوالي 6 أشهر. بالمجمل، وبمساعدة متعاونين معها هم Frank Timmes، Patrick Young، Michael Pagano، وMaggie Turnbull، استغرق المشروع حوالي عامين. 

 

بدأت هينكل المشروع كأطروحة في جامعة ولاية أريزونا. على أية حال، هناك عدد كبير من التغييرات والمراجعات التي تمت على هذا الفهرس قبل أن يتم نشره وذلك عندما كانت هينكل طالبة أبحاث ما بعد الدكتوراة في جامعة سان فرانسيسكو. 

 

Vizier، وهي قاعدة البيانات التي يُمكن للباحثين أن ينشروا فيها بياناتهم، كانت نقطة الانطلاق. لكن بما أن الجميع يقوم بنشر بياناته على الانترنت، كان على هينكل الرجوع في العديد من المرات إلى الأوراق المفردة ونقل البيانات منها بشكل يدوي.

 

تشرح هينكل "منذ العام 1977، عرفنا أن النجوم، التي تمتلك كواكب غازية عملاقة مشابهة للمشتري، تمتلك مقداراً كبيراً من الحديد داخلها. تم رؤية هذا الأمر مجددا للعشرات من المرات. على أية حال، بوجود فهرس بهذه الدقة، يمكننا الآن دراسة كل العناصر الأخرى التي تم قياسها في النجوم بتفصيل كبير وذلك من أجل معرفة فيما إذا كان هناك علاقة بين وجود كوكب (غازي أو صخري) ووفرة نوع ما من العناصر".

 

يقول آريل أنبار (Ariel Anbar)، كبير الأساتذة في جامعة اريزونا وهو المشرف على برنامج بيولوجيا الفضاء في الجامعة "هيباتيا سيساعدنا في توجيه الأبحاث المستقبلية المتعلقة بالكواكب المستضيفة للحياة عبر تعلمنا كيفية التنبؤ بخواص الكواكب انطلاقاً من تركيب العناصر الموجودة في النجوم التي تدور حولها تلك الكواكب". العمل الذي تم على فهرس هيباتيا كان أحد نتائج برنامج معهد ناسا لبيولوجيا الفضاء الموجود في جامعة اريزونا (ASU). 

 

يعتقد يونغ، وهو بروفسور مشارك في مدرسة الاستكشاف الفضائي والأرضي في ASU، أن هذا الأمر "خطوة مهمة جداً على طريق فهمنا للتركيبات الكيميائية للنجوم، الأمر الذي يؤثر بشكلٍ جوهري على تطورها وخواص الكواكب المرافقة لها".

 

تُضيف هينكل "بأخذ كل الحركات الموجودة في المجرة بعين الاعتبار، كان هذا الأمر غير متوقع أبداً، لكنه مثير جداً بسبب الآثار الكثيرة التي يمتلكها على الكواكب القريبة وتركيبها، كما أنه يُفيد في معرفة فيما إذا كانت مستضيفة للحياة أم لا -حياة بالنسبة لنا أو بالنسبة لشيء آخر مشابه لنا".

 

في الوقت الذي كان يجري فيه بناء الفهرس، لاحظت هينكل أن النجوم الموجودة في الجوار الشمسي تكشف عن تركيب غير متوقع، وهو أمر تمت مناقشته في ورقة نُشرت في عدد سبتمبر من مجلة الفيزياء الفلكية.

 

الشمس موجودة في قرص المجرة، حيث يُوجد أيضاً القسم الرئيسي من النجوم الشابة في درب التبانة. خلال دوران القرص، تقوم النجوم بالأمر نفسه -يدور كلاهما في اتجاه القرص، بالإضافة إلى وجود بعض الحركات العشوائية.

 

تشرح هينكل "يُمكنك الاعتقاد بأن هذا الأمر ما هو إلا سرب من النحل: في الوقت الذي يتحرك فيه السرب ككل، تقوم النحلات بحد ذاتها بالتحرك في كل الاتجاهات. بسبب هذه الحركة الموجودة في القرص، تُعتبر النجوم مختلطة بشكلٍ جيد -مثل السلطة. لذلك، لا تتوقع، على سبيل المثال، رؤية قرص بندورة كامل في سلطتك -أو وجود الكثير من النجوم، التي تمتلك وفرة من العناصر متشابهة، بالقرب من بعضها البعض". 

 

على أية حال، ما اكتشتفه هينكل هو أن "السلطة النجمية" القريبة مكونة في القاع من "الخس"، تكتلات من البندورة في الوسط (الوسط هو المستوي المجري)، والخس من جديد في القمة. في هذه الحالة، يُمثل الخس النجوم التي تمتلك وفرة كبيرة من عدد غير قليل من العناصر، أما البندورة فهي النجوم التي تمتلك وفرق منخفضة من تلك العناصر. بكلمات أخرى، لا يبدو أن الجوار الشمسي عبارة عن سلطة ممتزجة بشكلٍ جيد، إنه سلطة متعددة الطبقات.

 

الفهرس الكامل سيكون متاحاً عبر ورقة هينكل في مجلة علم الفلك. ستكون النسخة المحدودة، التي تعرضت للتحليل، متاحة عبر Vizier، حيث يمكن لأي شخص الوصول إليه.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التحليل الطيفي (Spectroscopy): التحليل الطيفي ببساطة هو علم قياس شدة الضوء عند الأطوال الموجية المختلفة. وتُسمى المخططات البيانية الممثلة لهذه القياسات بالأطياف (spectra)، وهي المفتاح الرئيسي لكشف تركيب الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات