حقوق الصورة: NASA
يشكل الغلاف الجوي للمشتري أساس الكوكب بأكمله. لا يملك الكوكب الغازي العملاق أي سطح ثابت للتلامس، ولكن بدلاً من ذلك يتكون بشكل كامل تقريباً من الهيدروجين والهيليوم، مع وجود كمية ضئيلة من آقار الغازات الأخرى التي تشكّل نسبة قليلة جداً من هوائه.
إن الغلاف الجوي لكوكب المشتري هو أحد الأهداف العلمية الرئيسية لمهمة جونو Juno mission التابعة لناسا والتي بدأت في الدوران في مدار حول الكوكب عام 2016. وتتطلّع المركبة الفضائية إلى قياس كمية الماء الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب، والتي ينبغي أن تخبر العلماء إذا ماكانت فكرتهم الحالية حول تشكّل النظام الشمسي صحيحة أم لا.
بنية الغلاف الجوي للمشتري
يتكون أغلب كوكب المشتري من الهيدروجين، الغاز البسيط والمكون الرئيسي للشمس، والذي يشكل حوالي 90 بالمئة من غلافه الجوي، ويًكوّن الهيليوم في حدود 10 بالمئة منه، ويتكون جزء ضئيل من غلافه الجوي من مركبات مثل الامونيا والكبريت وغاز الميثان وبخار الماء.
بالانتقال من أقصى الحواف الخارجية للمشتري إلى مركزه يزداد الضغط ودرجة الحرارة، وهذه الزيادة تسبّب فصل الغازات إلى طبقات، وفي أعماقه الهيدروجين يتحول من غاز إلى سائل حتى يمكن أن يصبح معدني.
يتمتّع كوكب المشتري بكمية هائلة من الهيدروجين والهيليوم مما يجعله الكوكب الأكبر حجماً في النظام الشمسي.
طبقات الغلاف الجوي
يستخدم العلماء التغيرات في درجة الحرارة وضغط الغلاف الجوي لتحديد طبقات الغلاف الجوي المختلفة.
قام العلماء بحساب الضغط الجوي على سطح الكوكب أو الطبقة السفلية من الغلاف الجوي واتضح أنها تساوي 1 بار، وهي نفس قيمة الموجودة على سطح الارض.
تُعرف الطبقة الموجودة على سطح كوكب المشتري باسم التروبوسفير troposphere وتمتد إلى حوالي 31 ميل (50 كيلومتر)، وتحتوي طبقة التروبوسفير على الأمونيا وهيدروكلوريد الأمونيوم والماء، واللذان يشكلان المجالين الأحمر والأبيض الممكن رؤيتهما من الأرض. وتعرف المجالات البيضاء الأكثر برودةً بالمناطق zones، بينما تُسمى المجالات الحمراء الداكنة أحزمة belts. تتصاعد الغازات بين المناطق بينما تنهار بين الأحزمة.
تقوم الرياح بشكل عام بإبقاء المنطقتين منفصلتين، ولكن أحياناً تحجب السحب البيضاء الجليدية الأشرطة الحمراء مما يؤدي إلى اختفائها لفترة من الوقت. وقد لاحظ العلماء اختفاء المجال الجنوبي بشكل دوري كذلك، أما بالنسبة للمجال الشمالي فهو مستقر على خلافه. ويحتوي الغلاف الجوي أيضاً على سحب كثيفة من الماء تؤثر على ديناميكية الغلاف الجوي.
وكلما ارتفعت للاعلى في طبقة التروبوسفير انخفضت درجة الحرارة، وتتراوح من -260 فهرنهايت (-160 سيليسيوس) إلى -150 فهرنهايت (-100 سيليسيوس).
تمتد الطبقة التالية وهي الستراتوسفير stratosphere إلى حوالي 200 ميل (320 كيلومتر) فوق سطح الكوكب، وتحتوي على سُحب من الهيدروكربونات، وهنا تبدأ درجات الحرارة من -260 فهرنهايت وترتفع تقريباً إلى -150 درجة (-100 درجة مئوية) كلما اتجهت نحو الأعلى. إن طبقة الستراتوسفير تشبه طبقة التروبوسفير، وترتفع درجة حراراتها بفعل الشمس وباطن الكوكب. تتنتهي طبقة الستراتوسفير حيث يكون الضغط هو واحد بالألف من الضغط الموجود على سطح الارض.
تقع طبقة التيرموسفير thermosphere فوق طبقة الستراتوسفير، وتبلغ درجة حرارة التيرموسفير حوالي 1340 فهرنهايت (725 سيليسيوس) على ارتفاعات تزيد عن 600 ميل (1000 كيلومتر)، ويحدث الشفق حول القطبين ضمن طبقة التيرموسفير. ويمكن أن ينبعث من طبقة التيرموسفير ضوء ضعيف يعرف باسم التوهج الليلي airglow، والذي من شأنه الحفاظ على سماء الليل من ان تصبح مظلمة بالكامل. يتم تسخين طبقة التيرموسفير بواسطة جزيئات من المجال المغناطيسي وكذلك بواسطة الشمس، وليس لهذه الطبقة قمة محددة.
الطبقة الخارجية من الغلاف الجوي لكوكب المشتري هي الغلاف الخارجي exosphere حيث تستطيع جزيئات الغاز الهروب إلى الفضاء ومع عدم وجود حدود واضحة فالغلاف الخارجي ينزف في الفضاء البينجمي.
البقعة الحمراء العظيمة
بالإضافة إلى المجالات الحمراء والبيضاء التي تجعل من كوكب المشتري مذهل للرؤية، يتميز الكوكب أيضا بميزة بارزة تعرف باسم البقعه الحمراء العظيمة Great red spot، وعرفت لأول مرة في القرن السادس عشر. هذه البقعة هي عاصفة عنيفة تقع جنوب خط الاستواء الخاص بالكوكب. ومن الممكن رؤية الإعصار العنيف من التلسكوبات على الأرض.
يستغرق الإعصار العنيف حوالي ستة أيام أرضية ليكمل دورته، وهو كبير بما يكفي لاحتواء ما لا يقل عن كوكبي أرض داخله. وقد أظهرت دراسات حديثة أن العاصفة العميقة ربما تتقلّص.
وبما أن البقعة الحمراء العظيمة أبرد من المجالات المجاورة لها، فهي ترتفع نحو أعلى الغلاف الجوي. ولم يُحدد مصدر لونها الأحمر، ولكنها تتغير في أنحاء المنطقة.
مصدر المجال المغناطيسي
في ثلث الطريق إلى أعماق الكوكب، يصبح الهيدروجين الموجود في الغلاف الجوي معدنياً مما يجعله موصّلاً للكهرباء. يساعد هذا في التحكم بالمجال المغناطيسي القوي لكوكب المشتري. يدور الكوكب بسرعة - مرة كل 9.9 ساعة أرضية - ويسبب دورانه السريع توليد التيارات كهربائية في الهيدروجين المعدني وهي الكهرباء المُشغّلة لمجال الكوكب المغناطيسي.
إن المجال المغناطيسي لكوكب المشتري أقوى بحوالي عشرين ألف مرة من المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، ويمكن سماع العواصف الكهرومغناطيسية المتولدة من قِبل مشغلي الراديو الهواة على الأرض، حيث تبعث لنا البلازما وخطوط المجال المغناطيسي. يستطيع الكوكب توليد موجات راديو أقوى من الشمس في بعض الأحيان.