قد تخفي كلٌّ من العاصفة الشهيرة لكوكب المشتري والبقعة الحمراء العظميمة سرًا آسرًا، فربما يحتوي العملاق على الكثير من ماء.
يُعتبر كوكب المشتري كوكبًا فريدًا من نوعه، فهو أكبر كوكبٍ في نظامنا الشمسي، ومن المرجح أنه كان أول كوكبٍ يستجر العناصر المتبقية بعد تشكل الشمس ليتشكل، وذلك وفقًا لوكالة ناسا. لذلك لا عجب أن يعتقد الباحثون ولو حتى لمرةٍ واحدة أنه قد كانت للمشتري تركيبةٌ مماثلة لتركيبة للشمس.
ولكن كشفت الدراسات اللاحقة التي أُجريت على الكوكب على مدار العقود القليلة المنصرمة عن مشتري أكثر تعقيدًا. وتأتي الإشارات إلى الماء في البقعة الحمراء العظيمة للمشتري من دراسةٍ حديثة أجراها غوردون بيوراكر Gordon Bjoraker عالم الفيزياء الفلكية في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا (NASA's Goddard Space Flight Center) في غرينبيلت بولاية ماريلاند.
وقال قائد الفريق غوردون بيوراكر في بيانٍ لناسا: "إن الأقمار التي تدور حول كوكب المشتري هي في الغالب أقمارٌ جليدية مائية، لذا ففي الجوار بأكمله وفرةٌ من الماء. إذًا، لماذا لا يكون هذا الكوكب، ذو الجاذبية الهائلة أيضًا الكفيلة بالتقاط كل شيء، غنيًا بالماء أيضًا؟".
جمع بيوراكر وزملاؤه بيانات الإشعاعات الصادرة من كوكب المشتري باستخدام تلسكوبين خاصين في قمة ماونا كيا في هاواي: وهي أداة في مرفق تلسكوب الأشعة تحت الحمراء (NASA Infrared Telescope Facility) التابع لناسا و"أكثر تلسكوبات الأشعة تحت الحمراء حساسيةً على الأرض" في مرصد كيك، وفقًا لوكالة لناسا.
لاستكمال عمليات الرصد تلك، استخدم الفريق بياناتٍ من مركبة الفضاء جونو التابعة لناسا، والتي يمكن أن تسبر أعماقًا أكبر في سُحب المشتري أكثر من أيّ مركبةٍ فضائية سابقة. وللعلم تدور جونو حول كوكب المشتري مرةً واحدة كل 53 يومًا.
وباستخدام المراصد الأرضية، شاهد الفريق تسرباتٍ لأشعةٍ حرارية من أعماق البقعة الحمراء العظيمة. وعثروا على بصماتٍ كيميائيةٍ للماء أعلى السحب في منطقة الجحيم المضطرب هذه، وتدعم النماذج النظرية والحاسوبية نتائجهم القائلة بوفرة المياه على المشتري. لقد وجد العلماء أنّ الضغط عند أسفل طبقات السحب ذات البصمات المائية داخل البقعة الحمراء العظيمة يبلغ 5 بار، أو 5 أضعاف الضغط الجوي على الأرض، حيث تصل درجات الحرارة إلى نقطة تجمد المياه.
ويبدو هذا العمق، بالإضافة إلى مستويات أول أكسيد الكربون التي اكتشفها العلماء على المشتري، مؤكدًا على أن المشتري غنيٌّ بالأكسجين، ونحن نعلم مسبقًا وفرة الهيدروجين على سطحه، لذا أصبحت العناصر المطلوبة لتكوين الماء متوفرة.
لكن ما هو مقدار السحب المائية الموجودة على المشتري؟ بالطبع نحن بحاجة المزيد من عمليات الرصد لمعرفة ذلك.
يقول ستيفن ليفين Steven Levin، عالم مشروع جونو في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا في باسادينا، كاليفورنيا: "ستخبرنا وفرة الماء على كوكب المشتري بالكثير عن كيفية تشكل الكوكب العملاق، ولكن فقط إذا استطعنا معرفة كمية الماء الموجودة على الكوكب بأكمله".
إذا اُكدت المشاهدات القادمة من جونو وجود الماء على كوكب المشتري ورُسمت خرائط له بالتفصيل، سنتمكن من استخدام هذه المعرفة للمساعدة في تحديد ما إذا كان هناك ماءٌ على الكواكب الغازية العملاقة الأخرى.
تقول أيمي سيمون Amy Simon الخبيرة في مجال الأجواء الكوكبية في مركز غودارد في البيان: "إذا نجحت هذه الفرضية في الاختبارات القادمة، فربما يمكننا تطبيقها على كواكب أخرى مثل زحل أو أورانوس أو نبتون حيث لا يوجد لدينا جونو".