معادن تتحول إلى عوازل كهربائية عند شروطٍ معينة

أن تتحول المعادن إلى عوازل هو أمر لن يقبله معظم الدارسين لعلم المواد، لكنَّ دراسة جديدة أثبتت إمكان حصول ذلك بوجود ضغوط مرتفعة جداً، وسيساهم هذا الاكتشاف في إيجاد الكثير من التطبيقات العملية له في المستقبل.

 

اكتشف باحثان، هما راسل هيملي (Russell Hemley) وإيفان نوموف (Ivan Naumov) من معهد كارنيغي، حقيقة تنص على أن بعض المعادن لا تعود معادن على الإطلاق عند وجود ضغط معين. ونُشر العمل في مجلة Physical Review Letters.

 

المعادن هي مركبات قادرة على نقل تدفق الالكترونات التي تُشكل التيار الكهربائي. ويُوجد مواد أخرى تُعرف بالعوازل، وهي غير قادرة على نقل التيار الكهربائي. وعند درجات الحرارة المنخفضة، تُصنف كل المواد إما عوازل، أو معادن.

 

يُمكن دفع العوازل لتصبح معادن عبر ضبط الشروط المحيطة، وبشكلٍ خاص، عبر وضعها تحت ضغطٍ معين؛ ولطالما ساد اعتقاد بأنه حالما تُحول هذه المواد إلى معادن تحت ضغط محدد، فإنها ستظل كذلك إلى الأبد طالما تمّت زيادة الضغط. وتعود هذه الفكرة إلى عصر ولادة ميكانيك الكم خلال العقود الأولى من القرن الماضي. لكن اكتُشف مؤخراً وجود مجموعات معينة من المعادن، التي تُصبح عازلة عند وجود الضغط، وهو اكتشاف مذهل لم يعتقد أحدٌ في السابق إمكان وجوده.

 

على سبيل المثال، ينتقل الليثيوم من كونه ناقل معدني إلى نصف ناقل مقاوم عند ضغط يبلغ حوالي 790 ألف ضعف الضغط الجوي (أي 80 غيغا باسكال)، وبعد ذلك يُصبح معدنياً بالكامل عند ضغط يصل إلى 1.2 مليون ضعف الضغط الجوي (120 غيغا باسكال). كما أنَّ الصوديوم يدخل الحالة العازلة عند ضغط يصل إلى 1.8 مليون ضعف الضغط الجوي (180 غيغا باسكال)، وتنبأ العلماء بأن كلاً من الكالسيوم والنيكل سيحصلان على نفس الحالات العازلة قبل العودة إلى حالة المعدن.

 

أراد الباحثان تحديد الإطار الفيزيائي المُوحد والكامن خلف هذه التحولات المعدنية-العازلة-المعدنية. ويقول نوموف: "ستسمح المبادئ التي طوّرناها بالتنبؤ بالمرحلة التي يصير فيها المعدن عازلاً تحت الضغط، بالإضافة إلى العودة إلى الحالة الأصلية، وأيضاً يُساعد النموذج بالتنبؤ بانتقال العوازل إلى الحالة المعدنية".

 

يُمكن تحديد بدايات هذه التحولات بالاعتماد على مواقع الالكترونات داخل البنية الأساسية للمادة، إذ إنه عادة تصبح العوازل معادناً من خلال إنقاص المسافة الكائنة بين الذرات داخل المادة. برهن هيملي ونوموف على أنه لكي يصبح المعدن عازلاً، يجب تنظيم تداخلات المسافات المتناقصة وفقاً لعدم تناظر من نوعٍ خاص لم يكن معروفاً سابقاً. وبوجود هذه الشروط، تتموضع الالكترونات بين الذرات، ولا تتدفق بحرية، كما كانت تفعل في الشكل المعدني.

 

يقول هيملي: "هذا مثال آخر على مدى أهمية الضغط المرتفع جداً كأداة في تطوير فهمنا لمبادئ طبيعة المواد عند المستويات الأساسية. سيؤدي العمل إلى آثار عديدة في مجال البحث عن مواد جديدة للطاقة".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات