قراءة الدماغ وخطوة جديدة نحو فك تشفير الذكريات في الدماغ

يمكن للعلماء قراءة شرائح الدماغ عند الفئران بعد الموت لتحديد الكيفية التي تم تدريب الفأر بها ليتصرف عند سماعه لأصوات معينة.

يبدو الأمر وكأنه من وحي الخيال العلمي: باحثون يُشَرِّحون دماغًا إلى مقاطع رقيقة، وبمجرد قياس بعض الخواص لعصبونات محددة، يمكنهم معرفة ما تعلمه الكائن قبل موته. في الواقع، إن هذا النوع من قراءة العقول قد أصبح حقيقة. في عملٍ نُشر في آذار/ مارس 2015، يصف الباحثون في مختبر كولد سبرينج هاربر واختصارًا (CSHL) كيف يمكن قراءة شرائح الدماغ من أجل تحديد كيف دُرِّب الفأر على التصرف عند سماعه لأصوات معينة. يُقدم هذا العمل واحدًا من الأمثلة الأولى التي تُبين أنّ الاختلافات في العصبونات المستقلة يمكنها أن تُشَفِّر بيانات التعلم والذاكرة في الدماغ.

دَرَّب فريق زادور الفئران على الربط ما بين نغمات محددة مع جائزة. توجِه الاختلافات في النغمة الفأر إلى البحث عن الجائزة إما إلى يمين صندوق التدريب أو إلى يساره . قام الفريق فيما بعد بفك تشفير الشفرة العصبية التي تُشَفِّرُ بها الحيوانات الذكريات الخاصة بهذه القرارات. حتى بعد موت الحيوانات، استطاع العلماء أن "يقرأوا عقول هذه الفئران".
دَرَّب فريق زادور الفئران على الربط ما بين نغمات محددة مع جائزة. توجِه الاختلافات في النغمة الفأر إلى البحث عن الجائزة إما إلى يمين صندوق التدريب أو إلى يساره . قام الفريق فيما بعد بفك تشفير الشفرة العصبية التي تُشَفِّرُ بها الحيوانات الذكريات الخاصة بهذه القرارات. حتى بعد موت الحيوانات، استطاع العلماء أن "يقرأوا عقول هذه الفئران".
كان الافتراض السائد بين الباحثين لفترة طويلة من الزمن أن الاختلافات الحاصلة في النشاط العصبي مسؤولة عن قدرتنا على اتخاذ القرارات، وتذكر الأشياء، والتعلم. يقول الباحث البروفيسور في CSHL أنتوني زادور Anthony Zador، الذي قاد فريق الباخثين في هذا العمل: ”تعرَّف العلماء مسبقًا على مناطق في الدماغ لها علاقة بتعلم شيء ما، ولكنا أردنا أن نغوص لأعماق أكبر وأن نتعرف على الكيفية التي تُشَفِّرُ بها الوصلاتُ المختلفة في الدماغ الاستجاباتِ السلوكية المعيّنة“.
اكتشف الفريق في عملٍ سابقٍ أنّ النشاط الحاصل في مجموعة معينة من العصبونات كان مهمًا للحيوانات حتى تستطيع أداء المهمة المطلوبة. نقلت هذه المجموعة من العصبونات المعلومات من المنطقة السمعية في الدماغ (القشرة السمعية) إلى منطقة أخرى (الجسم المخطط السمعي).
 

في هذا العمل، قاس الفريق قوة الوصلات بين هاتين المجموعتين من العصبونات، وذلك بينما تعلمت الحيوانات المهمة المطلوبة. يوضح زادور: ”وجدنا أنه كان هنالك اختلاف في النشاط عبر الجسم المخطط السمعي، يتناسب مع ما كان الحيوان قد تدرب عليه من الذهاب يمينا أو يساراً“.
 

بناءً على هذه المعلومات، استنتج الفريق أنه قد يكون باستطاعتهم استخدام الشرائح الدماغية المحضرة بعد موت الفئران من أجل "توقع" كيف جرى تدريب هذه الفئران (قبل موتها بالطبع، فهذا توقع استعادي). ”دُهشنا بالفعل من أن توقعاتنا كانت صحيحة في كل الحالات، سواء كان التوقع باليمين أو اليسار. وقد استطعنا فك تشفير قطعة صغيرة من الشيفرة العصبية التي شفر بها الحيوان هذه الذكريات“.
 

قال جيمس جنادت James Gnadt، الحاصل على شهادة الدكتوراه :”ظل العلماء، طوال عقود من الزمن يحاولون رسم خارطةٍ للذكريات في الدماغ. تظهر هذه الدراسة أن العلماء بإمكانهم تحديد التشابكات العصبية التي يُعبَّرُ فيها عن الذكريات في الدماغ، وبدقة عالية“. جيمس جنادت هو مدير مشروع في المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية (National Institute of Neurological Disorders and Stroke، واختصارًا NINDS) التابع للمعهد الوطني للصحة.
 

بحسب زادور، إن النتائج يحتمل أن تكون قابلة للتطبيق بشكل واسع على الحواس الأخرى، وعلى أجزاء أخرى من الدماغ. ”نحن الآن متحمسون من أجل تطبيق هذه الطريقة على أشكال من التعلم أكثر تعقيدًا من هذه، وعلى أنظمة حسية أخرى، كالبصر“.

دُعم هذا العمل بِمِنح من المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة وكذلك من مؤسسة سوارتز Swartz Foundation.
نشرت الورقة العلمية "Selective corticostriatal plasticity during acquisition of an auditory discrimination task" على الإنترنت في دورية Nature في 2 آذار/مارس، 2015، للمؤلفين: Qiaojie Xiong، وPetr Znamenskiy، وAnthony Zador.
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات