عينة من القمر جُمعت خلال مهمة أبولو 14.
حقوق الصورة: NASA
تمامًا كجميع الرحالة، كان رواد الفضاء الانثي العشر الذين مشوا على سطح القمر مصممين على إحضار ذكريات من رحلتهم. وفي حالتهم فقد كانت تلك الذكريات هي صخور القمر، لا بل الكثير من الصخور.
بالمجمل، جُمع من مهمات أبولو الستة 2196 عينة قمرية، بكتلة 842 رطل (382 كيلوغرام) - تقريبًا بنفس كتلة حصان. وعلى الرغم أنّ تلك العينات قد جمعت خلال عدة أيام قليلة فقط على مدار أربع سنوات، فقد استغرق العلماء عقوداً في دراستها.
مازالت تحتفظ ناسا بحوالي 85% من صخور القمر التي جمعها رواد الفضاء خلال برنامج أبولو. وواجه بقيتها مصائر مختلفة. قال رايان زيغلر Ryan Zeigler، أمين عينات أبولو ومدير مكتب حفظ ومعالجة العينات الفلكية في وكالة ناسا، لموقع space.com في مارس/آذار: "لقد استخدم بعضها لمنافع علمية، ووضع بعضها في المتاحف، وبعضها الآخر استخدم وأُعيد إرساله إلينا".
ليست صخور أبولو العينات الوحيدة من القمر الموجودة على سطح الأرض، إلا أنها العينات الوحيدة التي تم جمعها من قِبل رواد الفضاء على سطح القمر. فقد قام الاتحاد السوفيتي بقيادة ثلاثة مهمات روبوتية التي أحضرت معها عيناتها الخاصة من القمر، ولكنها أقل بكثير من عينات مهمات أبولو - فقط 0.7 باوند (0.3 كيلوغرام).
وهناك أيضًا مواد قمرية على سطح الأرض والتي لا يُشار إليها على أنها صخور قمرية: إذ حدّد الجيولوجيين الكثير من النيازك التي نشأت على القمر، إلا أنّ القيمة العلمية لهذه العينات تُعتبر أكثر خداعاً لعدم وجود طريقة لتتبع مصدرها إلى منطقة معينة على سطح القمر.
ولكن مجموعة أبولو - 2196 عينة، والتي قسمتها ناسا إلى 140000 قطعة – تعتبر أكثر أهميةً بكثير. ستة من تلك القطع لها أهمية أكبر حتى، فهي لم تُخرج من مخازنها منذ أن تم جمعها على القمر.
بعد أشهر من هبوط رواد فضاء مهمة أبولو 11 على الأرض بعد تنفيذ أول عملية هبوطٍ بشرية على القمر، رتّب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون Richard Nixon تسليم الولايات والأقاليم الأمريكية و135 دولة أخرى بعض العينات القمرية الصغيرة، مرفقًة بالعلم الأمريكي، كهدايا دبلوماسية. (ملاحظة، لم يكن الاتحاد السوفياتي الذي خسر سباق الفضاء بالهبوط بالبشر على سطح القمر أمام الولايات المتحدة، على قائمة هذه الدول.)
أستكمل نيكسون إجراء منح الهدايا المشابهة لسابقتها بفتات الصخور التي جُمعت خلال آخر هبوط على القمر، مهمة أبولو 17 عام 1972. (هذه المرة، حصل السوفييت على الهدية.) قابلت العينات التي تم توزيعها مصائر مختلفة: فبعضه وضع للعرض، وبعضها فُقد، وبعضها تم حفظه في مخازن خاصة.
تُعتبر هذه العينات التي تم توزيعها صخور القمر الوحيدة التي ليست ملكًا للولايات المتحدة الأمريكية قانونياً، إذ تُركت بقية المجموعة مع وكالة ناسا، لتوضع في المختبر في مركز جونسون للفضاء في هيوستن. هذه المنشأة ليست فقط موطنًا لصخور مهمة أبولو، إنما أيضًا لآلاف العينات من النيازك والمذنبات والغبار الكوني والجسيمات الناتجة عن الرياح الشمسية.
يتم إعارة جزء من تلك العينات في أي وقت كان ليتم عرضها على العامة في المتاحف وإلى العلماء لاستكمال المشاريع البحثية. وأحيانًا تؤدي هذه الإجراءات البحثية إلى تحطيم الصخور، لكن في معظم الأحيان تنتقل هذه الصخور داخل وخارج المختبر وفي مراكز التخزين عدة مرات.
بالنسبة لزيغلر، الذي يتضمن عمله الإشراف على هذه الإجراءات، جميع العينات الفلكية لها رونق خاص، مع حياة أطول من القياسات التي تجريها المركبات الفضائية البعيدة عن الأرض.
قال زيغلر لموقع Space.com في ديسمبر/كانون الأول: "عندما تُحضر عينة إلى الأرض، مهما كانت ماهيتها، فأنت لديك الآن عقود من الزمن لمتابعة دراستها لأنك تمتلكها، وبعد عشرين سنة من الآن، عندما تمتلك أدوات أفضل، فإنك ستقوم بعمٍل أفضل."