بيانات جديدة من ناسا لحوض نهر تثولومن Tuolumne River في جزء سلسلة جبال سييرا نيفادا Sierra Nevada بكاليفورنيا –وهو مصدر هائل للمياه بالنسبة لملايين السكان في كاليفورنيا- أظهرت احتواء النهر على 40% فقط من المياه التي كان يحويها قُرابةَ هذا الوقت عند مستوياته الأعلى لعام 2014. وتعدّ هذه السنة واحدة من السنتين الأكثر جفافاً في تاريخ التسجيلات بكاليفورنيا، وقد تم الحصول على البيانات من خلال شراكة بين قسم كاليفورنيا للمصادر المائية ولجنة سان فرانسيسكو للخدمات العامة ودوائر الري في تورلوك Turlock وموديستو Modesto.
في أول تحصيلاته لربيع هذه السنة، حدّدَ مرصد الثلوج المحمول جواً (Airborne Snow Observatory) التابع لناسا الحجم الإجمالي للمياه الموجودة في الكتلة الجليدية لحوض نهر تثولومن في 25 مارس/آذار، حيث كشفت بيانات المرصد أن كمية المياه الموجودة في الكتل الجليدية للجبل في ذلك التاريخ هي 91.27 مليون متر مكعب أو 24 مليار غالون، وهذا يساوي 40% من المحتوى الأعظمي للمياه المتجمدة والتي قام المرصد بحسابها في نفس الفترة من السنة الماضية، بحيث كان حجمها 220.7 يبلغ مليون متر مكعّب. تُعدّ هذه السنة هي الثالثة لعمليات مرصد الثلوج المحمول جواً.
يُعدّ حوض تثولومن مزوّد مائي لدائرتي الريّ تورلوك وموديستو ونظام المياه الإقليمي هيتش هيتشي Hetch Hetchy Regional Water System، والتي تخدم سان فرنسيسكو والمجتمعات المجاورة لها، حيث قدّمت تحصيلات المرصد الشتائية الأولى على الإطلاق قياسات في منتصف فبراير/شباط لحجوم بلغت 101 مليون متر مكعب، وبداية مارس/آذار التي بلغت 138.15 مليون متر مكعّب -حيث تُعدّ هذه القياسات 62% من أعظم قيم السنة الماضية.
بالاختلاف مع البيانات المُحرّرة اليوم من قبل قسم كاليفورنيا للمصادر المائية حول النسبة المئوية للكتلة الجليدية عند مناطق الدراسات الخاصة بالولاية (مواقع محددة حيث تُجرى القياسات اليدوية للثلوج)، حيث وفّرت بيانات مرصد الثلوج المحمول جواً بدلاً عن ذلك الحجوم الفعليّة لكمية المياه الموجودة في الكتل الجليدية الجبلية.
تؤمّن الهطولات الثلجية في السنوات العادية نحو 70% من الهطول السنوي لكاليفورنيا، والذي يذوب في الربيع وبداية الصيف، فكلما كان محتوى المياه في القبة الثلجية أكبر، كلما كان الاحتمال أكبر في استقبال خزانات كاليفورنيا لجريان المياه المذابة من الكتلة الجليدية، لتلبية طلب الولاية على المياه في الصيف والخريف.
يعتقد توم بينتر Tom Painter بأن البيانات التي تُقدّمها ناسا لمدراء المياه هي معلومات قريبة من الوقت الحقيقي (near-real-time) حول كمية المياه المتوقّع ذوبانها من الجبال في أوقات الجفاف المستمر بكاليفورنيا، وهذه هي السنة الرابعة الأكثر شدةً. يُذكر أن توم بينتر هو المحقق الرئيسي في مرصد الثلوج المحمول جواً التابع لمختبر الدفع النفاث في باسادينا بكاليفورنيا.
ويضيف بينتر: "تشبه الكتل جليدية للجبال شاشةً عملاقة، يختلف كل بيكسل (pixel) عن الآخر لكن عند الجمع بينها جميعاً فإنها تُعطينا صورة كاملة"، ويضيف أيضاً: "في القرن الماضي كنا نستطيع تقدير الكتل الجليدية للجبال من خلال النظر إلى بعض البيكسلات من الشاشة، والتي شكّلت العديد من القياسات الأرضية المتناثرة في كل حوضٍ تتجمع فيه هطولات الأمطار. وخلال الجفاف مثل ما نشهده، فإن معظم البيكسلات هي عبارة عن لا شيء، أي أنها خالية من الثلوج. ويستطيع مرصد الثلوج المحمول جواً التابع لناسا التحقق من كل بيكسلات الشاشة التي ما زالت تحوي ثلجاً، وتعطينا صورة حول الكمية الحقيقية الضئيلة من الثلوج".
ويعتقد العامل في خزان هيتش هيتشي آدم ميزركيفتش Adam Mazurkiewicz بأن بيانات مرصد الثلوج المحمول جواً تسمح للخزان بالانتقال إلى حقبة جديدة من المعرفة المائية، حيث يقول: "يتم استخدام هذه المعلومات لتحسين النمذجة الخاصة بتقديرات جريان المياه في المستقبل"، ويضيف أيضاً: "ستزيد تحسينات التنبؤ بجريان المياه من كفاءة نظم التشغيل واستخدام المياه، ليس بالنسبة للسنوات الجافة التي نمر بها حالياً فقط، بل أيضاً مستقبلياً في حالة الفيضانات وحتى في الأحوال العادية".
ويضيف فرانك جيرك Frank Gehrke رئيس جمعية كاليفورنيا للمسوحات الثلجية قائلاً: "يبدو واضحاً من مناطق قياسات الثلوج والوسائد الثلجية عبر الولاية أنه لدينا حوالي نصف الكتل الجليدية أو أقل من ذلك، وهذا يعني أنه أدنى مستوى تم تسجيله"، ويضيف قائلا: "لا تشمل بيانات مرصد الثلوج المحمول جواً للمياه التي وجِدت مؤخراً، وبدلاً من ذلك فإنها توفّر قدرة جديدة لإعلام هيئاتنا عن كمية المياه الموجودة هناك، وكيفية تغيُّر حجمها من أسبوع لآخر".
قسم كاليفورنيا لمصادر المياه يستخدم حالياً تركيبة من المسوحات اليدوية في مناطق أخذ القياسات لسلسلة الجبال سييرا نيفادا، وبيانات من أجهزة استشعار مزروعة في الأرض تسمى الوسائد الثلجية (snow pillows)، وبينما تُعدّ هذه الطريقة دقيقة للغاية، فإن مناطق أخذ القياسات والوسائد الثلجية تُعتبر مناطق متناثرة، والمعلومات المتوفرة لا تسمح لمدراء المياه من معرفة الكمية الدقيقة للمياه في أكوام الثلوج الجبلية.
في هذا الوقت أربعة من أصل ستة وسائد ثلجية في حوض نهر تثولومن تفتقر إلى الثلوج، ولا توفر أي تقييم دقيق لكمية الثلوج المتبقية في الحوض. على كامل الولاية، يوجد 88 من أصل 123 وسادة ثلجية خالية من الثلوج، حيث أنه عادةً ما تكون التراكمات الثلجية في ذروتها في هذا الوقت من السنة، ومعظم الوسائد الثلجية تملك ثلجاً.
أشار بوينتر إلى أنه بينما الحجم الحالي للمياه الثلجية في حوض تثولومن سيّء، فإن موسم الهطولات الثلجية لم ينته بعد. يمكن لشهر أبريل/نيسان أن يجلب معه كميات كبيرة من الثلوج إلى سلسلة جبال سييرا نيفادا، لكن على أي حال فإن التوقعات الحالية من قبل دائرة الأرصاد الجوية الوطنية تشير إلى معدل هطول مطري أقل من المتوسط إلى متوسط خلال 30 يوم القادمين (http://www.cnrfc.noaa.gov/climoForecasts.php).
تم إنشاء مرصد الثلوج المحمول جواً أساساً لخلق طرائق جديدة حول تقدير المحتوى المائي للكتل الثلجية الأرضية، التي هي جزء حاسم لدروة المياه على الكوكب، والمكوّن الأساسي لنظام الأرض التي يمكن أن تتأثر بالتغيّر المناخي.
ويحوي مرصد الثلوج المحمول جواً جهاز ليدار (lidar) والذي تم دمجه مع مطياف التصوير، ليطيرا معاً على متن طائرة (King Air) للقياس بشكل فريد وكامل لعمق الثلوج، وانعكاسية الكتل الجليدية الصلبة على امتداد عدد متزايد من الأحواض الجبلية في سلسلة جبال سييرا نيفادا وحوض نهر كولورادو. ويتم احتساب الحجم الكلي للكتل الجليدية الصلبة (كمية المياه تساوي كمية الثلوج) من خلال استخدام قياسات الكثافة من قاعدة أرضية وباستخدام النمذجة.
البيانات المأخوذة تقريبياً بشكل أسبوعي خلال موسم الثلوج، تُستخدم كمدخلات (معطيات) لتحسين عمليات وأبحاث النماذج الهيدرولوجية (hydrological)، وانعكاسية الكتل الجليدية -تعني مدى لمعان أو خفتان الحزم الثلجية- تؤّمن معلومات عن مدى سرعة ذوبانها، حيث أنها تمتص الأشعة الشمسية. كما تستخدم البيانات أيضاً لتوفير معلومات عن الغطاء النباتي وغطاء التربة ونمو الغابات والنظام البيئي وتأثير دورة المياه بحرائق الغابات مثل حريقي كينغ وريم بكاليفورنيا اللذان حصلا مؤخراً، وأحداث الصخور المتساقطة.