مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا يسجل رقماً قياسياً باستخدام نظام الملاحة العالمي

بعد سنين من العمل الجاد في بناء المركبة الفضائية، يترقب فريق المهمة بقلق بعد الإطلاق، ما إذا كانت الأجهزة التي قاموا بصنعها وتركيبها ستعمل كما خططوا؟ يتم التحقق من كل هذا عند التحليق بالآلات الجديدة، مثل جهاز الملاحة على متن المركبات الأربعة التي تشكل مهمة الغلاف المغناطيسي متعدد النطاقات للأرض (Magnetospheric Multiscale) أو MMS، التي أطلقت في 12 آذار/مارس 2015. لم يسبق لنظام الملاحة هذا أن رُكّب على مركبة فضائية لتُحلّق به في مدار بعيد جداً عن الأرض- ولكن لو عمل، سيوفر الدقة الملاحية اللازمة لمهمة MMS.


ووصلت النتائج الآن: لم يتجاوز نظام ملاحة مهمة MMS كل توقعات الفريق فحسب، وإنما سجل رقماً قياسياً جديداً للاستخدام الأكثر ارتفاعاً في العالم لنظام الملاحة العالمي (Global Positioning System) أو اختصاراً GPS.


• في أعلى نقطة من مدار مهمة MMS، على ارتفاع أكثر من 43500 ميل فوق سطح الأرض، حقق نظام الملاحة رقماً قياسياً لأعلى استقبال للإشارات على الإطلاق وللحلول الملاحية المقدمة من مستقبل الـ GPS في الفضاء على متن المركبة.


• عند أدنى نقطة من مدار MMS، حقق نظام الملاحة رقماً قياسياً كأسرع مشغّل GPS شُغّل في الفضاء، بسرعات تفوق 22 ألف ميل بالساعة.


نظام تعقب دقيق هو أمر ضروري جداً لمهمة MMS، ويتطلب حسابات غاية في الدقة للموقع و المدار. يجب أن تطير المركبات الفضائية الأربعة في تشكيلة هرمية محكمة لتجميع البيانات العلمية فيما تتحرك عبر البيئة المغناطيسية للأرض.


يجب أن تحصل التشكيلة على مراقبات ثلاثية الأبعاد لظاهرة تدعى "إعادة الاتصال المغناطيسي" (Magnetic Reconnection)، تحدث هذه الظاهرة عندما يتصل الحقل المغناطيسي الشمسي بالحقل المغناطيسي الأرضي و ينفصل عنه، مما يسمح للطاقة والمادة الشمسية بالتدفق إلى الفضاء القريب من الأرض.


مع نشر أذرع التوزيع، ستكون كل مركبة فضائية بحجم ملعب بيسبول – فيما تطير على بُعد حوالي ستة أميال من بعضها البعض.

 

تمثل الحلقات الحمراء مدارات مهمة MMS أثناء المرحلتين الأولى والثانية من المهمة، وتستخدم كل مركبة إشارات GPS  (تصدر عن قمر اصطناعي يقع على طول الدائرة الخضراء حول الأرض) من الجانب البعيد للأرض لرصد موقعها.
تمثل الحلقات الحمراء مدارات مهمة MMS أثناء المرحلتين الأولى والثانية من المهمة، وتستخدم كل مركبة إشارات GPS (تصدر عن قمر اصطناعي يقع على طول الدائرة الخضراء حول الأرض) من الجانب البعيد للأرض لرصد موقعها.


يقول برينت روبيرتسون Brent Robertson، نائب مدير المشروع لمهمة MMS في مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا في غرينبلت بولاية ماريلاند: "الطائرات الاستعراضية مثل طائرات بلو إنجلز Blue Angels التابعة للبحرية الأمريكية، تطير بتشكيلات متقاربة، ولكن هذه الطائرات أصغر بكثير، والطيارون يتحكمون بالحركة دوماً"، ويتابع: "لدينا أربع مركبات فضائية عملاقة، لكل منها مدارها الخاص الذي نقوم بالمناورات عليه كل أسبوعين تقريباً. من الصعب حقاً التحكم بهذه التشكيلة".


يمكن تعقب المركبات الفضائية باستخدام محطات الرادار من الأرض، لكن ذلك مكلف أكثر ويستغرق وقتاً أطول من النظام على متن المركبة. على أية حال، استخدام الـ GPS مثلما يستخدم عادة على الأرض في أشياء مثل السيارات والمراكب والهواتف الذكية ليس بنفس البساطة لمهمة مثل MMS. لسبب وهو أن مهمة MMS ذات مدار إهليجي كبير فوق مدار جهاز الإرسال للـ GPS.


لذلك لابد أن تُجهّز مهمة MMS بمستقبلات خاصة وحساسة جداً لالتقاط إشارة الـ GPS المرسلة من الجانب البعيد للأرض. بالإضافة لذلك تدور مركبات MMS، فكل مركبة تقوم بثلاث دورات في الدقيقة.


يقول كين مكوفي Ken McCaughey، قائد تطوير منتجات نظام الملاحة العالمي التابع لمهمة MMS في مركز غودارد: "يزيد الدوران بعداً جديداً لمحاولة إيجاد أين أنت"، ويتابع: "لدينا أربعة هوائيات GPS على كل مركبة فضائية. فيما تدور المركبة الفضائية نحصل على خوارزمية تسمح لنا بالانتقال من هوائي لآخر من دون فقدان الإشارة".


خلال الشهر الأول بعد الإطلاق، بدأ فريق مهمة MMS بتشغيل واختبار كل جهاز وأذرع التوزيع والهوائيات.


خلال هذا الوقت، قارن الفريق نظام الملاحة "نافيجيتر" (Navigator system) مع أنظمة التعقب الأرضية ووجدوا أنها أكثر دقة من المتوقع.


في أبعد نقطة من المدار، حوالي 43500 من الأرض، يستطيع نظام الملاحة تحديد موقع كل مركبة فضائية بقيمة خطأ أفضل من 50 قدم.


وأيضاً تبين بأن أجهزة الاستقبال على مهمة MMS قوية بما يكفي لتتبع البث بشكل مستمر من 8 وحتى 12 قمر صناعي تابع لمنظومة الـ GPS -أداء ممتاز مقارنة مع التوقعات السابقة للإطلاق حيث من الممكن أن توجد انقطاعات متكررة للإشارة خلال كل مدار.


حتى لو فقد المستقبل كل إشارات الـ GPS لجزء من المدار، فإن نظام الملاحة مصمم بشكل خاص للتعامل مع مثل هذه الانقطاعات. بتجميع أكبر قدر ممكن من المراقبات، لتستطيع برمجيات مدمجة تدعى نظام غودارد للملاحة المحسنة على متن المركبات (Goddard Enhanced Onboard Navigation System) أو اختصاراً (GEONS) حساب المدار من خلال دمج معلومات إضافية من ضمنها قوة السحب والجاذبية وضغط الإشعاع الشمسي.


سيكون النظام أكثر أهمية خلال المرحلة الثانية من مهمة MMS حيث سيتضاعف قياس المدار وينتقل إلى ما بعد 95 ألف ميل عن الأرض.


يقول روبيرتسون: "سيكون من المثير للاهتمام مراقبة مقدار البعد الذي ستبقى عنده مهمة MMS قادرة على استقبال الإشارات"، ويضيف: "ولكن قد فاق نظام الملاحة كل التوقعات. أعتقد أن هناك فرصة جيدة في أننا سنتمكن من استخدام الـ GPS، لتوفير بعضاً من تكلفة استخدام المراصد الأرضية".


بينما تم إرسال نظام الملاحة ومستقبلات الـ GPS سابقاً إلى الفضاء للاختبار وللمساعدة في توجيه مهمة ذات مدار قريب من الأرض، هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام حزمة كاملة لنظام الملاحة في توجيه فعّال لمهمة ذات ارتفاع عالٍ. الآن، وبما أن الفريق يعلم بأنها تعمل بشكل جيد، يمكن استخدام نظام الملاحة لمهمات أخرى التي تحلق في مدارات مشابهة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات