مهمة يوروبا التابعة لناسا تبدأ باختيار الأجهزة العلمية

اختارت ناسا الأجهزة العلمية التسعة الخاصة بالمهمة التي ستُرسل إلى قمر المشتري "يوروبا" لدراسة فيما إذا كان بإمكان هذا العالم الجليدي احتضان ظروف مناسبة للحياة. 

وقد خلصت مهمة غاليليو التابعة لناسا إلى أدلة قوية تُشير إلى أن يوروبا - وهو قمرٌ بحجم الأرض تقريباً - يمتلك محيطاً جوفياً أسفل قشرته المتجمدة المجهولة السماكة. 

وإذا كان هذا صحيحاً، فقد يكون ذلك المحيط العالمي أكبر من محيط الأرض بمرتين. وبوجود كميات وفيرة من المياه المالحة، والأرضية البحرية الصخرية، والطاقة والكيمياء الناتجة عن التسخين المدي (tidal heating)، يُمكن أن يكون يوروبا المكان الأنسب في النظام الشمسي للبحث عن حياة موجودة خارج كوكبنا. 

يقول جون غرونسفيلد John Grunsfeld، المدير المعاون في إدارة المهام العلمية في ناسا: "لطالما أذهلنا يوروبا بسطحه الجليدي ووجود أدلة على محيط واسع بعد حصولنا على بيانات قادمة من أحد عشر عملية تحليق أجرتها المركبة الفضائية غاليليو منذ عقدٍ من الزمن، بالإضافة إلى مراقبات هابل الحالية والتي تقترح وجود أعمدة مائية تنطلق من القمر".


ويتابع: "نحن متحمسون بخصوص هذه المهمة الجديدة والأجهزة التي ستكشف النقاب عن ألغاز يوروبا، وكل ذلك سعياً لإيجاد أدلة على الحياة خارج الأرض".

خصصت ناسا من ميزانيتها لعام 2016 مبلغ 30 مليون دولار من أجل الترتيب لمهمة إلى القمر "يوروبا"، ويشمل ذلك إرسال مركبة فضائية تعتمد على الطاقة الشمسية على طول مدار طويل حول العملاق الغازي المشتري وذلك لإجراء عمليات تحليق متعددة بالقرب من يوروبا خلال فترة تمتد لثلاث سنوات. 

ستُجري المهمة حوالي 45 عملية تحليق على ارتفاعات تتراوح بين 16 و 1700 ميل (من 25 حتى 2700 كيلومتر)، وقد تضمنت الحمولة العلمية المُختارة كاميرات ومقاييس طيفية لإنتاج صور عالية الدقة لسطح يوروبا وتحديد تركيبه. 

سيعمل رادار قادر على اختراق الجليد على تحديد سماكة الدرع الجليدي للقمر، والبحث عن بحيرات جوفية مشابهة لتلك الموجودة تحت القارة القطبية الجنوبية في الأرض، وستحمل المهمة معها أيضاً مقياس مغناطيسي لقياس شدة واتجاه الحقل المغناطيسي للقمر، مما سيسمح للعلماء بتحديد عمق وملوحة محيطه. 

كما ستُمشط أداة حرارية سطح يوروبا الجليدي بحثاً عن ثورانات حديثة للماء الدافئ، في حين ستبحث أجهزة أخرى عن أدلة على وجود الماء وجسيمات صغيرة في الغلاف الجوي الرقيق للقمر. 

هذا وقد رصد تلسكوب هابل الفضائي بخار الماء فوق القطب الجنوبي ليوروبا عام 2012، مما قدم أول الأدلة القوية على وجود أعمدة مائية، وإذا ما تأكد وجود تلك الأعمدة -وهي مرتبطة بالمحيط الجوفي- فسيساعد ذلك العلماء على دراسة التركيب الكيميائي لبيئة يوروبا ويُقلل من الحاجة لعملية الحفر داخل الجليد. 

في السنة الماضية، دعت ناسا الباحثين لإرسال مقترحات خاصة بالأجهزة اللازمة لدراسة يوروبا، وبعد مراجعة 33 جهاز من تلك الأجهزة، تم اختيار تسعة أجهزة للمهمة التي ستقلع في العشرينات من هذا القرن. 

يقول كورت نايبور Curt Niebur العالم في مشروع يوروبا في مقر ناس بواشنطن: "إنها خطوة عملاقة جداً في بحثنا عن المحيطات التي قد تدعم الحياة في حديقتنا السماوية، ونحن واثقون من أنّ تلك الأجهزة ستُنجز اكتشافات مثيرة طال انتظارها". 

الأجهزة التي اختارتها ناسا هي: 

 

  •  أداة البلازما للسبر المغناطيسي (Plasma Instrument for Magnetic Sounding (PIMS: تعمل الأداة جنباً إلى جنب مع مقياس مغناطيسي، وهي أساسية في تحديد سماكة الدرع الجليدي ليوروبا، وعمق المحيط، والملوحة عبر تصحيح الإشارة المغناطيسية الناتجة عن تيار البلازما حول يوروبا، والباحث الرئيسي هو الدكتور جوزف ويستلاك Joseph Westlake من مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز.

 

  •  التوصيف الداخلي ليوروبا باستخدام القياس المغناطيسي (Interior Characterization of Europa using Magnetometry (ICEMAG: سيقيس هذا المقياس المغناطيسي الحقل المغناطيسي بالقرب من يوروبا، بالتزامن مع أداة (PIMS)، ليستنتج موقع المحيط الجوفي ليوروبا وسماكته وملوحته باستخدام السبر الكهرومغناطيسي متعدد الترددات (multi-frequency electromagnetic sounding).

 

  •  مطياف تصويري وخرائطي (Mapping Imaging Spectrometer for Europa (MISE: ستقيس هذه الأداة تركيب يوروبا، وتحدد وتضع خرائط لتوزعات المواد العضوية والأملاح والهيدرات الحمضية والأطوار المائية للجليد، بالإضافة إلى مواد أخرى وكل ذلك بغرض تحديد مدى قدرة محيط يوروبا على استضافة الحياة، والباحث الرئيسي في المهمة هي الدكتورة ديانا بلاني Diana Blaney من مختبر الدفع النفاث في باسادينا بكاليفورنيا. 

 

  •  نظام تصوير يوروبا (Europa Imaging System- EIS): ستسمح الكاميرات واسعة وضيقة الزاوية الموجودة على متن هذه الأداة بوضع أدق الخرائط ليوروبا والتي تصل قدرة فصلها إلى 50 متر، وستُقدم صوراً لمناطق من سطح يوروبا بدقة أعلى بـ 100 مرة، والباحث الرئيسي هي الدكتورة إليزابيث تورتل Elizabeth Turtle من مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز. 

 

  •  رادار التقييم والسبر (Radar for Europa Assessment and Sounding: Ocean to Near-surface (REASON: هذا الرادار ثنائي التردد، والقادر على اختراق الجليد، مصمم لتوصيف وسبر القشرة الجليدية ليوروبا انطلاقاً من مكان قريب من السطح ووصولاً إلى المحيط، مما سيكشف عن البنية الخفية للدرع الجليدي ليوروبا واحتمالية وجود الماء، والباحث الرئيسي في الأداة هو الدكتور دونالد بلانكينشيب Donald Blankenship من جامعة تكساس في أوستن.

 

  •  نظام تصوير الإصدار الحراري (Europa Thermal Emission Imaging System (E-THEMIS: سيُقدم هذا الكاشف الحراري قدرة فصل مكاني مرتفعة جداً، بالإضافة إلى تصوير حراري متعدد الأطياف ليوروبا ليُساعد في الكشف عن المواقع النشطة، مثل الفتحات التي تنطلق منها أعمدة مائية إلى الفضاء، والباحث الرئيسي في الأداة هو الدكتور فيليب كريستنسن Philip Christensen من جامعة ولاية أريزونا.

 

  •  مطياف الكتلة للاستكشاف الكوكبي (MAss SPectrometer for Planetary EXploration/Europa (MASPEX: ستسمح هذه الأداة بتحديد تركيب السطح والمحيط الجوفي عبر سبر الغلاف الجوي الرقيق جداً ليوروبا، بالإضافة إلى دراسة أي مواد تُقذف نحو الفضاء، والباحث الرئيسي في الأداة هو الدكتور جاك وايت Jack Waite من مركز الأبحاث الجنوبي الغربي (SwRI) في سان أنطونيو.

 

  •  المحلل الطيفي للأشعة فوق البنفسجية (Ultraviolet Spectrograph/Europa (UVS: ستعتمد هذه الأداة على نفس التقنية المستخدمة في تلسكوب هابل الفضائي للكشف عن الوجود المحتمل لأعمدة الماء الصادرة من سطح يوروبا، حيث ستكون (UVS) قادرة على كشف الأعمدة الصغيرة، وستُقدم بيانات قيمة حول تركيب وديناميكا الغلاف الجوي المتخلخل ليوروبا، والباحث الرئيسي في الأداة هو الدكتور كورت ريثيرفورد من (SwRI).

 

  • محلل كتلة الغبار السطحي (SUrface Dust Mass Analyzer- SUD): ستقيس هذه الأداة تركيب الجسيمات الصلبة الصغيرة المقذوفة من يوروبا، مما سيُقدم الفرصة للحصول على عينات مباشرةً من السطح ومن الأعمدة عند إجراء عمليات تحليق على ارتفاعات منخفضة، والباحث الرئيسي في المهمة هي الدكتورة ساشا كيمبف  Sascha Kempf من جامعة كولورادو في بولدر.


وبشكلٍ منفصل عمّا ذُكر سابقاً، ستستمر عملية تطوير أداة دراسة البيئة الفضائية وتركيب البيئة القريبة من سطح يوروبا SPace Environmental and Composition Investigation near the Europan Surface (SPECIES، والباحث الرئيسي في هذه الأداة هو الدكتور مهدي بنا Mehdi Benna من مركز غودارد لرحلات الفضاء في غرينبلد-ميريلاند، وتجمع الأداة بين مطياف كتلة حيادي (neutral mass spectrometer) وكروماتوغراف غازي gas chromatograph اللذين يتم تطويرهما للاستخدام في مهمات أخرى أيضاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الإصدارية (Emission): هي كمية الضوء، أو بشكلٍ عام الإشعاع الكهرومغناطيسي، الناتجة عن ذرة ما أو جسم آخر. المصدر: ناسا
  • الغبار (Dust): ليس الغبار الذي يقوم أحدهم بإيجاده حول المنزل فقط (الذي هو في العادة عبارة عن ذرات دقيقة من خلايا الجلد ومواد أخرى)، ولكن بالإضافة إلى ذلك، هذا الغبار في الفضاء عبارة عن الحبيبات شاذة الشكل مكونة من الكربون و/أو السليكون ويبلغ عرضها ميكرون واحد تقريباً، ويمكن إيجادها بين النجوم. يُمكن الاستدلال على وجود الغبار بشكلٍ أساسي عبر قدرته على الامتصاص، الأمر الذي يؤدي إلى تشكل أقسام كبيرة مظلمة في مناطق من مجرتنا درب التبانة ونطاقات مظلمة في كافة أرجاء المجرات الأخرى.
  • الغاز (Gas): أحد الحالات الأساسية الثلاث للمادة. في هذه الحالة تتحرك الذرات، أو الجزيئات، أو الأيونات بحُريّة، فلا ترتبط مع بعضها البعض. وفي علم الفلك، تُشير هذه الكلمة عادةً إلى الهيدروجين أو الهيليوم. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات