ناسا تكشف عن أدلة جديدة على انبثاق أعمدة من البخار من قمر يوروبا

صورة فنيةٌ للمشتري ويظهر في المقدمة القمر يوروبا Europa مع المركبة الفضائية غاليليو Galileo بعد مرورها عبر عمودٍ من البخار ينبثق من سطح يوروبا. تعطينا محاكاةٌ حاسوبية جديدة فكرةً عن كيفية تفاعل المجال المغناطيسي مع أعمدة البخار. توضّح خطوط المجال المغناطيسي (المبّينة باللون الأزرق) كيف يتفاعل عمود البخار مع التدفق المحيط لموجات البلازما من المشتري. تُظهر الألوان الحمراء على الخطوط مناطق أكثر كثافة من البلازما. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/Univ. of Michigan

سلّط علماءٌ الضوء عند إعادتهم فحص بيانات من مهمة قديمة على رؤى جديدة للسؤال المحير حول ما إذا كان قمر المشتري يوروبا يحتوي على المكونات اللازمة لدعم الحياة. توفّر البيانات دليلًا مستقلًا على انبثاق أعمدةٍ من بخار الماء فوق قشرة القمر الجليدية من خزان المياه السائل الموجود تحت سطح القمر.

استُخدمت بياناتٍ قديمة جمعتها مركبة غاليليو الفضائية التابعة لناسا في عام 1997 لعمل نماذج حاسوبية جديدة ومتطورة لفك مسألةٍ غامضة، وهي انحناءٌ موضعيٌ قصيرٌ في المجال المغناطيسي ليوروبا لم يُفسر حتى الآن. اقترحت بيانات سابقة للأشعة فوق البنفسجية من تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا عام 2012 وجود الأعمدة، ولكنّ هذا التحليل الجديد استخدم بيانات جُمعت من على مسافةٍ أقرب بكثير من المصدر، وتُعتبر دليلًا قويًا يدعم وجود الأعمدة. نُشرت النتائج في عدد يوم الاثنين 14 أيار/مايو 2018 في مجلة Nature Aststronomy.

قاد هذا البحث العالم شيانزي جيا Xianzhe Jia، وهو عالم في فيزياء الفضاءٍ من جامعة ميشيغان في آن أربور Ann Arbor والمؤلف الرئيس لمقالة المجلة. كما أنه محققٌ مشاركٌ في اثنين من الأدوات العلمية التي ستسافر على متن مركبة يوروبا كليبر Europa Clipper، وهي مهمة قادمة لناسا لاستكشاف الإمكانية المحتملة لقابلية القمر لإيواء الحياة. يقول جيا: "كانت البيانات موجودة، لكننا كنا بحاجة إلى نماذج متطورةٍ لفهم عملية الرصد هذه".

حثّت ميليسا ماكغراث Melissa McGrath، عضوٌ في فريق يوروبا كليبر العلمي من معهد SETI في ماونتن فيو بكاليفورنيا، فريقَ جيا على الغوص في بيانات مركبة غاليليو. حيث قدمت ماكغراث عرضًا لعلماء الفريق سلطت فيه الضوء على عمليات رصد تلسكوب هابل الأخرى لقمر يوروبا.

يقول جيا: "ذكّرنا أحد المواقع التي ذكرتها ماكغراث بشيءٍ مهم، لقد حلّقت مركبة غاليليو في الواقع بالقرب من ذلك الموقع، وقد كان أقرب تحليقٍ حظينا به على الإطلاق، ولقد أدركنا أنه يتحتم علينا العودة إلى تلك البيانات، فقد احتجنا لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيءٍ في البيانات يمكن أن يخبرنا ما إذا كان هناك عمود من البخار ينبثق من السطح".

في وقت تحليق مركبة غاليليو بالقرب من يوروبا عام 1997، على بُعد نحو 124 ميلًا (200 كيلومتر) فوق السطح، لم يتوقع الفريق المسؤول عن مهمة غاليليو أن المركبة الفضائية قد تمر عبر عمودٍ من البخار ينبثق من القمر الجليدي. أما الآن، يعتقد جيا وفريقه أن مسار المركبة كان موفّقًا بشكلٍ غير متوقع.

عندما فحص الفريق المعلومات التي جُمعت خلال ذلك التحليق قبل 21 عامًا، أظهرت بيانات المقياس المغناطيسي عالية الدقة شيئًا غريبًا. فبالاعتماد على ما تعلمه العلماء من استكشاف أعمدة البخار على القمر إنسيلادوس Enceladus التابع لكوكب زحل، وهو أن المواد المقذوفة في الأعمدة تصبح متأينةً وتترك لمحة مميزة في المجال المغناطيسي، فقد عرِف الفريق ما كانوا يبحثون عنه على قمر يوروبا، ألا وهو انحناء موضعي قصير في المجال المغناطيسي لم يُشرح قط.

حملت مركبة غاليليو آنذاك مطيافًا قويًا لقياس موجات البلازما (اختصارًا PWS) التي تسببها الجزيئات المشحونة في الغازات حول الغلاف الجوي ليوروبا. تفحص فريق جيا تلك البيانات أيضًا، ويبدو أنها تدعم نظرية عمود البخار.

ولكنّ لا يمكن لهذه البيانات بمفردها أن توضّح لنا الصورة بأكملها، ولهذا السبب استخدم جيا بيانات المقياس المغناطيسي وموجات والبلازما لصنع نماذج ثلاثية الأبعاد جديدة طورّها فريقه من جامعة ميشيغان، والتي تحاكي تفاعلات موجات البلازما مع أجرام النظام الشمسي. المكّون الأخير لهذا البحث هو البيانات المأخوذة من تلسكوب هابل، والتي تقترح أبعادًا أخرى محتملةً للأعمدة. وقد كانت النتيجة التي ظهرت عند القيام بمحاكاة للأعمدة على قمر يوروبا، مطابقةً للمجال المغناطيسي وآثار البلازما التي جمعها الفريق من بيانات مركبة غاليليو.

يقول روبرت بابالاردو Robert Pappalardo، عالمٌ في مشروع يوروبا كليبر في مختبر الدفع النفاث JPL التابع لوكالة ناسا في باسادينا بكاليفورنيا: "يبدو الآن بأن هناك أدّلة كثيرة جدًا تدعم وجود أعمدة بخار الماء على يوروبا، وهذا ما يجعلها تبدو حقيقيةٌ أكثر من أي وقتٍ مضى، وهذه نقطة تحول مهمة بالنسبة لي".

تُعتبر هذه النتائج بمثابة أخبار سارة لمهمة يوروبا كليبر، التي قد تُطلق في وقت مبكر من حزيران/يونيو 2022، فمن مدارها حول كوكب المشتري، ستحلّق مركبة يوروبا كليبر بالقرب من القمر في تحليق سريع منخفض الارتفاع. فإذا كانت الأعمدة بالفعل بخارًا مقذوفًا من محيط يوروبا أو بحيراته تحت السطحية، يمكن وقتها أن تقوم مركبة يوروبا كليبر بجمع جزيئات السائل والأتربة المتجمدة. يستعد فريق المهمة الآن للنظر في المسارات المدارية المحتملة للمركبة، وستلعب الأبحاث الجديدة دورًا مهمًا في تلك المناقشات.

يقول بابالاردو: "إذا كانت الأعمدة موجودة حقًا عندها سنتمكن من أخذ عينةً مباشرة من المناطق الداخلية ليوروبا، وبالتالي سنتمكن بسهولة من معرفة ما إذا كان يمتلك المكونات اللازمة لدعم الحياة. وفي النهاية هذا ما تسعى إليه المهمة. هذه هي الصورة الكبيرة".

(يدير مهمةَ بعثة يوروبا كليبر مختبرُ الدفع النفاث لصالح مديرية المهمات العلمية التابعة لوكالة ناسا).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات