المقياس الراديوي الجديد لناسا يضبط توليفه على ترددات التربة

سواءً كانت التربة جافة أم رطبة كالمستنقع، تشع الأرضُ بطاقة الأمواج الميكروية. ليس الكثير من الطاقة، ولكنها كافية لترصدها من الفضاء أجددُ اختراعات ناسا، وهي أداة قياس الإشعاع؛ مما يسمح للعلماء بدراسة كمية المياه في التربة.
 
رطوبة التربة مقياسٌ مهمٌ لمعرفة حالة الطقس، والجفاف والتنبؤ بالفيضانات، والزراعة، وأكثر من ذلك. جميع أنواع التربة تنبعث منها أشعة أمواج مايكروية، ولكن كمية المياه تُغير كمية هذه الطاقة المنبعثة. فكلما جفت التربة زادت إشعاعاً لطاقة الميكروويف؛ وفي التربة الرطبة، تكون الطاقة أقل. المقياس الراديوي (Radiometer) يقيس هذا الإشعاع، ويستخدم العلماء البيانات لحساب المحتوى المائي.
 
أُطلق المقياس الراديوي إلى مداره على متن القمر الصناعي SMAP، ويحمل جهازين لقياس كمية الماء في التربة. إضافة إلى المقياس الراديوي الذي يكشف بطبيعته عن الطاقة المنبعثة، سيَبعث رادار راديوي إشارةً إلى الأرض وسترتد عائدة إلى القمر الصناعي مع المعلومات بعد أن تلتقي وتتفاعل مع التربة.
 
لجمع الإشارات القادمة من السطح لكل من الرادار والمقياس الراديوي، لدى SMAP هوائيّ شبكي على نطاق 20 قدم تدور 14 مرة في الدقيقة الواحدة -أكبر هوائي يدور كهذا في الفضاء. ثم يقوم جهاز الاستقبال بتفسير كلا المجموعتين من الإشارات. 
 
يقول جيف بيبماير (Jeff Peipmeier)، عالم في برنامج أداة المقياس الراديوي في مركز غودارد التابع لناسا في جرينبيلت بولاية ماريلاند: "إن جهاز الاستقبال حساس جداً جداً"، ويضيف: "إذا تمكنا من وضع هاتف محمول على سطح القمر، يعمل على نفس تردد جهاز الإستقبال، يمكننا أن نرى الشيء يعمل ثم ينطفىء".
 
يشبه الأمر عمل نظرات الرؤية الليلية التي تلتقط الطول الموجي للأشعة تحت الحمراء من الحرارة، حيث يقوم المقياس الراديوي بقياس "درجة حرارة السطوع" للتربة، وهي دمج بين درجة حرارة سطح التربة ورطوبتها. ومن خلال إخراج عامل الحرارة الذي تحدده النماذج الحاسوب، يستطيع العلماء حساب رطوبة التربة. لقد عمل العلماء لعقود على تفسير بيانات الإشعاع من خلال رطوبة التربة، والنتائج كانت شديدة الدقة.
 
ولكن مقياس SMAP للإشعاع يأخذ قياسات على مساحات كبيرة نسبياً بدقة 25 ميل. لجعل القياس دقيق على مستوى الممارسات الزراعية، يقوم العلماء بدمج البيانات من جهاز رادار SMAP والذي طُوّر وبُني في مختبر ناسا للدفع النفاث (JPL) في باسادينا-كليفورنيا.
 
 الرادار الذي يرسل إشارات ويستمع إلى الجواب، لديه دقة ما بين 0.6 إلى 1.9 ميل. ولكن لأن الرادار أكثر حساسيةً للنباتات وللأشياء الأخرى على السطح العلوي للتربة، فإنه ليس دقيقٌ كمقياس الإشعاع.
 
وبالتالي الجهازين يُكَمّلان بعضهما البعض: يؤمن المقياس الراديوي قياس دقيق لمساحات واسعة من الأرض، بينما يؤمن الرادار تفاصيل أدق في قياس رطوبة التربة لقطع أصغر. تقول بيجي أونيل (Peggy O’Neil)، عالمة في هذا المشروع: "اجمع الإثنين معاً، واستخدم أفضل ما فيهما، وستحصل على قياس دقيق جداً لرطوبة التربة، بدقة مكانية تصل إلى 6 أميال ".
 
يصاحب الإشارات عالية الجودة التي يلتقطها المقياس الراديوي تشويشٌ: تداخل موجات الراديو (RFI) هو ما يحصل عندما تكون تكنولوجيا الرادارات المسؤولة عن التحكم بالطائرات أو دارات أجهزة التلفاز المغلقة، تبث على نفس التردد أو ترددات مجاورة.
 
 تتسرب الضوضاء إلى التردد الذي يعمل عليه المقياس الراديوي، وتُفسد البيانات. يُشبه الأمر الراديو، عندما تتقاطع تشويشات من محطة الموسيقى مع محطة الأخبار عند التوليف قليلاً بينهما. يعمل SMAP  على تردد 1.4 جيجاهيرتز، وهي مُدخرة للأدوات العلمية التي تُنصت إلى الأرض والفضاء. ولكن الأجهزة السابقة التي استَخدمت هذا التردد، تعرضت إلى إشارات تداخل الترددات الراديوية. لتهدئة هذه الضجة، يمتلك المقياس الراديوي ل SMAP تحسينات جديدة ضد تداخل الأمواج، حسب قول (أونيل).
 
يقول أونيل:"لأننا نعرف أن RFI كانت مشكلة، قال المهندسين في غودارد أنه علينا تصميم طريقة لكشفها، أو إذا كانت هناك إمكانية للتخلص من البيانات السيئة وترك كفاية من البيانات الجيدة "، ويضيف: "إنه نظام فريد من نوعه". تتضمن الطريقة فصل البيانات القادمة من القمر الصناعي في صناديق مختلفة، بناءاً على الترددات الفرعية والوقت. إذا كان هناك قيم متطرفة، ستظهر فقط مرةً واحدةٌ أو في نطاق تردد ضيّقٍ، ويستطيع برنامج حاسوبي التخلص من هذه البيانات لعزل الإشارات الطبيعة من التربة، والتي ستكون أكثر ثباتاً من نطاق تردد أكبر.
 
عملَ فريق المقياس الراديوي في غودارد مع علماء ومهندسين في الجامعات، لحساب مدى سوء (RFI)، وتأثيره على قياسات العلماء.

يقول (بيبماير):"لقد إكتشفنا أنه من غير هذه التكنولوجيا، لن يرتقي SMAP إلى متطلباته العلمية ". 

سوف يشغل المقياس الراديوي SMAP بعد حوالي 11 يوم من انطلاق القمر الصناعي، قبل فترة نشر الهوائي الشبكي لتغذيته بإشارات من الأرض. بدلاً من ذلك، في هذه الأيام القليلة، سوف ينظر المقياس الراديوي خارجاً إلى الفضاء. الهدف هو تعيير القياس ل"نغمة" الجهاز. لدى علماء فلك الراديو خرائط مفصلة عن درجة حرارة موجات الميكرويف الباردة، حتى يتسنى ل SMAP أخذ القراءات ويؤمن أن المقياس الراديوي مضبوط، ويقوم بتعديلات إذا لزم الأمر.
 
مع تقدم المهمة، سيقوم القمر الصناعي بتغيير اتجاهه العمودي نحو الأرض بشكل دوري، ويتجه نحو الفضاء العميق لكي يتمكن من إجراء قياسات المعايرة، لكي يحافظ على دقة المقياس الراديوي على مدار الوقت. مع هذه القياسات الصحيحة، يأمل العلماء أن يأخذوا نظرة أفضل عن وضع التربة والذي سيساعد المزارعين ومدراء الطوارئ وخبراء الأرصاد الجوية وأكثر من ذلك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات