دراسة تبين تناقص الجليد في بحار العالم على الرغم من تزايده في القطب الجنوبي

يزداد الجدل بين عامة الناس حول قضية فقدان الغطاء الجليدي في العالم؛ إذ يُجادل الكثيرون أن الزيادة الحاصلة في الجليد في القطب الجنوبي تُعوض خسارته في القطب الجنوبي. وفي هذا الإطار تُجيب أحد عالمات ناسا وبشكلٍ قاطع: "الجواب هو لا"


في دراسة جديدة لناسا، وُجد أن تزايد الجليد في بحار القطب الجنوبي لم يعوض فقدان الجليد في بحار القطب الشمالي خلال العقود الماضية. تفقد الأرض الجليدَ البحري بمعدل سنوي قدره 13.500 ميل مربع (35.000 كيلو متر مربع) منذ عام 1979، أي ما يعادل فقدان مساحة جليدية أكبر من ولاية ميريلاند كل عام.

 

قالت كلير باركنسون (Claire Parkinson)، وهي مؤلفة الدراسة وعالمة مناخ في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرين بيلت بولاية ماريلاند: "على الرغم من أن الجليد البحري في القطب الجنوبي وصل إلى حد أقصى في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن جليد البحار العالمي لا زال يتناقص، وذلك لأن نقصان جليد البحر في القطب الشمالي تجاوز زيادة الجليد في بحر القطب الجنوبي بكثير".

 

استخدمت باركنسون بيانات الأمواج الميكروية التي جمعتها ناسا وأقمار وزارة الدفاع، وقامت بدراستها ومن ثمَّ نُشرت النتائج في سبتمبر/أيلول الماضي في Journal of Climate. وأضافت العالمة امتدادات الجليد البحري في القطبين الشمالي والجنوبي شهراً بشهر منذ نوفمبر 1978 حتى ديسمبر 2013، بهدف تحديد مدى تمدد الجليد العالمي كل شهر.

 

يُظهر تحليلها أنه خلال فترة تزيد عن 35عاماً، كان التمدد الجليدي في انخفاض خلال جميع أشهر السنة، حتى في الأشهر التي يبلغ فيها امتداد الجليد البحري لمنطقتي القطبين الشمالي والجنوبي أقصى حدوده. وعلاوة على ذلك، تسارع انخفاض الجليد العالمي. ففي النصف الأول من سجل (1979-1996)، بلغ فقدان الجليد البحري حوالي 8.300 ميل مربع (21.500 متر مربع) سنوياً، ثم تضاعف هذا المعدل في النصف الثاني من الفترة (1996 إلى 2013)، عندما أصبح متوسط الخسارة 19.500 ميل مربع (50.500 كيلومتر مربع) سنوياً – وهو متوسط خسارة سنوية أكبر من مساحة ولايتي فيرمونت وهامبشاير سويا.

 

قالت باركنسون: "هذا لا يعني أن خسارة الجليد البحري ستستمر بالتسارع، ففي النهاية هناك حدود. على سبيل المثال، في حال اختفاء كل الجليد في القطب الشمالي في فصل الصيف، لا يمكن أن يتسارع فقدان الجليد الصيفي في القطب الشمالي أكثر من ذلك".

 

تضاءَل الجليد البحري في جميع مناطق القطب الشمالي تقريباً، في حين كان تزايد الجليد البحري في القطب الجنوبي أقل انتشاراً جغرافياً. وعلى الرغم من أن الغطاء الجليدي توسع في معظم المحيط الجنوبي بين عامي 1979 و2013، إلا أنه انخفض بشكل كبير في بحري بيلنجشاوسن (Bellingshausen) وأموندس (Amundsen) -هذين البحرين على مقربة من شبه الجزيرة القطبية الجنوبية، وهي منطقة ارتفعت درجات حرارتها بدرجة كبيرة على مدى العقود الماضية.

 

بالإضافة إلى ذلك، تُظهر باركنسون في دراستها أن الدورة السنوية لامتدادات الجليد العالمية هي مشابهة أكثر للدورة السنوية لجليد القطب الجنوبي من جليد القطب الشمالي. يحدث الامتداد الأدنى للجليد العالمي في شهر شباط/فبراير من كل عام، وكذلك الأمر بالنسبة للقطب الجنوبي. ويحدث الامتداد الأقصى للجليد البحري العالمي في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، أي شهر أو شهرين بعد الامتداد الأقصى في القطب الجنوبي.

 

 

وهذا يتناقض مع الامتداد الأدنى للقطب الشمالي الذي يحدث في سبتمبر/أيلول والامتداد الأقصى للقطب الشمالي الذي يحدث في مارس/آذار. وعند أخذ المعدل على مدى 35 عاماً من سجل القمر الصناعي، تتراوح درجات جليد الكوكب شهرياً من امتداد أدنى يبلغ 7.03 مليون ميل مربع (18.2 مليون متر مربع) إلى امتداد أقصى يبلغ 10.27 مليون ميل مربع (26.6 مليون متر مربع) في شهر نوفمبر/تشرين الأول.

 

قالت باركنسون: "أحد أسباب اهتمام الناس بانخفاض مستوى الجليد البحري هو أن الجليد البحري عاكس لأشعة الشمس في حين أن المحيط السائل يمتص الأشعة بكمية كبيرة. لذلك عندما تقلَّص منطقة تغطية الجليد البحري، تصبح المنطقة التي تعكس أشعة الشمس باتجاه الفضاء أصغر؛ وهذا يعني احتجاز المزيد من أشعة الشمس داخل النظام الأرضي والمزيد من التدفئة".

 

تعتقد باركنسون أنه ليس من المرجح أن يتسارع توسع البحرالجليدي في القطب الجنوبي ويتجاوز في المستقبل النمط التراجعي للجليد البحري العالمي. وأضافت في هذا السياق: ''اعتقد أن التوقع المحتمل على المدى الطويل هو تباطؤ توسع البحر الجليدي في القطب الجنوبي أو حتى انعكاسه".

 

حسبت باركنسون النتائج العالمية ونشرتها بعد أن شاهدت ارتباك الناس حول ما إذا كانت زيادة الجليد البحري في القطب الجنوبي ستلغي فقدان الجليد البحري في القطب لشمالي.

 

وتقول: ''عندما أعطي محاضرات عامة أو حديث بشكل عشوائي مع الناس المهتمين بالموضوع، غالباً ما يسأل أحدهم: ''حسنا الجليد يتناقص في القطب الشمالي ولكنه يتزايد في القطب الجنوبي، ألا يعني ذلك أنهما يلغيان أثر بعضهما؟'' والجواب هو لا".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات