اكتشاف جديد لبعثة K2


اكتشف علماء الفلك أصغر كوكب مكتمل خارج المجموعة الشمسية، وجاء هذا الاكتشاف باستخدام كل من التلسكوب الفضائي كبلر التابع لناسا ومهمته K2 التي تم تمديدها، ومرصد دبليو أم كيك W. M. Keck الموجود في ماونا كيا في هاواي. تعرف الكواكب الخارجية بأنها الكواكب التي تدور حول التجوم الواقعة بعيداً وراء شمسنا.

 

عندما يمر كوكب مثل K2-33b أمام نجمه المضيف، فإنه يقوم عادةً بحجب بعضٍ من ضوء هذا النجم، وبالتالي فإن رصد هذا التعتيم الدوري -المسمى بالعبور عن طريق المراقبة المستمرة لسطوع النجم- يسمح لعلماء الفلك برصد الكواكب خارج نظامنا الشمسي بدرجةٍ عاليةٍ من اليقين. يدور هذا الكوكب الذي يعادل حجم نبتون حول نجمٍ يبلغ عمره بين 5 إلى 10 ملايين سنة، ويستضيف النجم -بالإضافة إلى هذا الكوكب- قرصاً من الحطام الكوكبي الذي ينظر إليه باعتباره حلقة ساطعة تحيط بالنجم.

يعد الكوكب المكتشف حديثاً "K2-33b" أكبر قليلاً من نبتون، ويدور بقربٍ حول نجمه المضيف كل خمسة أيام، ويبلغ من العمر بين 5 إلى 10 ملايين سنة مما يجعله من الكواكب حديثة الولادة القليلة التي وُجدت إلى الآن.

وفي حديثه مع مجلة الطبيعة Nature، يقول تريفور ديفيد Trevor David من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، والمؤلف الرئيسي لدراسةٍ جديدةٍ نشرت على الإنترنت في 20 حزيران/ يونيو 2016: "يبلغ عمر الأرض نحو 4.5 مليار سنة، وبالمقارنة معها، فإن كوكب K2-33b يُعد من الكواكب الفتية، حتى أننا نستطيع أن نصفه بالجنين". ديفيد هو طالب دراسات عليا يعمل مع عالمة الفلك لين هيلينبراند Lynne Hillenbrand، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

كوكب K2-33b الظاهر في الصورة هو أصغر الكواكب الخارجية التي اكتُشفت إلى الآن. ويدور دورة كاملة حول نجمه كل خمسة أيام. المصدر: NASA/JPL-Caltech
كوكب K2-33b الظاهر في الصورة هو أصغر الكواكب الخارجية التي اكتُشفت إلى الآن. ويدور دورة كاملة حول نجمه كل خمسة أيام. المصدر: NASA/JPL-Caltech


تعد عملية تشكّل الكواكب عمليةً معقدةً ومضطربة، وما زال يكتنفها الغموض حتى الآن. وقد اكتشف علماء الفلك وأكدوا وجود ما يقارب من 3000 كوكبٍ خارج النظام الشمسي حتى الآن، إلا أن هذه الكواكب تتبع لنجومٍ مضيفةٍ في منتصف عمرها، إذ تتراوح أعمار هذه النجوم بين المليار سنة أو أكثر. 


وبالنسبة لعلماء الفلك، فإن محاولة فهم دورة حياة الأنظمة الكوكبية باستخدام الأمثلة الموجودة، يشبه إلى حدٍ كبيرٍ محاولة فهم عملية نمو الإنسان من رضيعٍ إلى طفلٍ ثم إلى مراهق، والذي تتم فقط عن طريق دراسة البالغين.

يقول المؤلف المشارك إيريك بيتيغورا Erik Petigura، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: "ستمنحنا الكواكب حديثة الولادة فهماً أفضل لعملية تشكّل الكواكب، وهو أمرٌ هامٌ جداً لفهم العمليات التي أدت إلى تشكل الأرض".

نجحت بعثة K2 في قياس الإشارات الأولى لوجود هذا الكوكب، إذ كشفت كاميرا التلسكوب عن التعتيم الدوري للضوء المنبعث من النجم المضيف للكوكب، وهذا دليلٌ على وجود كوكبٍ يدور بشكلٍ منتظمٍ أمام النجم ويحجب ضوءه. 
وقد أكدت بيانات مرصد كيك Keck أن التعتيم ناجمٌ بالفعل عن كوكبٍ ما، كما أنها أكدت أنه كوكبٌ فتي.

وأظهرت قياسات الأشعة تحت الحمراء المستقاة من تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا، أن نجم النظام محاطٌ بقرصٍ رقيقٍ من حطام الكواكب، وهذا يشير إلى أن مرحلة تشكيل الكوكب تكاد أن تنتهي. تتشكل الكواكب من أقراص سميكة من الغاز والغبار، وتدعى أقراص كوكبية، وهي تحيط النجوم الشابة. 

تظهر هذه الصورة نظام K2-33، وكوكبه K2-33b، بالمقارنة مع نظامنا الشمسي.  هذا الكوكب له مدارٌ يدوم خمسة أيام، في حين يدور عطارد حول شمسنا في 88 يوم، كما أنه أقرب لنجمه أكثر بعشر مراتٍ من قرب عطارد إلى الشمس.  مرجعية الصورة: NASA/JPL-Caltech.
تظهر هذه الصورة نظام K2-33، وكوكبه K2-33b، بالمقارنة مع نظامنا الشمسي. هذا الكوكب له مدارٌ يدوم خمسة أيام، في حين يدور عطارد حول شمسنا في 88 يوم، كما أنه أقرب لنجمه أكثر بعشر مراتٍ من قرب عطارد إلى الشمس. مرجعية الصورة: NASA/JPL-Caltech.


تقول المؤلفة المشاركة آن ماري كودي Anne Marie Cody، وهي عضو في برنامج ما بعد الدكتوراة في مركز أبحاث أميس التابع لناسا في سيليكون فالي في كاليفورنيا: "في البداية، ربما تخفي هذه المواد (المقصود الأقراص الكوكبية) كل الكواكب المتشكلة، ولكن بعد ملايين السنين، يبدأ الغبار بالتبدد، وفي ذلك الوقت يمكننا البدء باكتشاف وجود هذه الكواكب الشابة عن طريق بعثة K2".

هناك ميزةٌ مثيرةٌ للدهشة في اكتشاف K2-33b، هو مدى قرب الكواكب حديثة الولادة من نجومها. إن قرب هذا الكوكب إلى نجمه بمسافةٍ تعادل 10 أضعاف قرب عطارد من الشمس، يجعله حاراً للغاية، وفي حين اكتشفت العديد من الكواكب الخارجية القديمة التي تدور بقربٍ شديدٍ من نجومها، إلا أن علماء الفلك قد ناضلوا طويلاً لفهم كيف ينتهي المطاف بكواكب ضخمة كهذه بالدوران في مثل هذه المدارات الصغيرة. 


تقترح بعض النظريات أن انتقال هذه الكواكب من مداراتٍ بعيدةٍ إلى مداراتٍ قريبةٍ للغاية يستغرق مئات الملايين من السنين، ولكن لا يمكن لهذا التفسير أن ينطبق على حالة الكوكب K2-33b والذي هو أصغر بقليل. 

يقول الفريق العلمي أن هناك نظريتين أساسيتين لتفسير وصول K2-33b إلى هذه المسافة القريبة من نجمه، إذ من الممكن أن يكون قد هاجر إلى هناك في عمليةٍ تسمى (هجرة القرص)، والتي تستغرق مئات الملايين من السنين. 


ومن جهةٍ أخرى، ربما يكون الكوكب قد تشكل "في الموقع" حيث هو موجودٌ اليوم. وعليه، يمكن القول إن اكتشاف K2-33b يعطي أصحاب النظريات نقطةً مرجعيةً جديدةً للتفكير بها. 

يقول ديفيد: "بعد الاكتشافات الأولى للكواكب الخارجية الضخمة في مداراتٍ قريبةٍ منذ حوالي 20 عاماً، اقترح العلماء على الفور أنها لا يمكن أن تكون قد تشكلت هناك، ولكن في السنوات القليلة الماضية، ازداد زخم الاقتراحات التي تدعم نظرية موقع التشكل، وبالتالي لا تعد هذه الفكرة بعيدةً عن الواقع كما يبدو الأمر لنا". 

ثم يضيف قائلاً: "السؤال الذي نجيب عنه هنا هو: هل استغرقت هذه الكواكب وقتاً طويلاً للوصول إلى هذه المدارات الحارة أم أنها كانت موجودةً هناك في فترةٍ مبكرة؟ نحن نقول -على الأقل في هذه الحالة- نعم لقد كانت موجودةً في فترةٍ مبكرة".

يدير مركز أبحاث أميس بعثات كبلر وK2 لصالح مديرية المهام العلمية التابعة لناسا، ويدير مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا/ كاليفورنيا عملية تطوير بعثات كبلر. ومن جهتها، تتولى شركة Ball Aerospace & Technologies Corporation تشغيل نظام طيران الرحلة بدعمٍ من مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو في بولدر.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات