ارتفاع منسوب مياه البحار يهدد ناسا

هيمن على أرجاء الولايات المتحدة الأميركية خلال القرنين الماضيين اتجاهان ثابتان وواضحان هما: ارتفاع منسوب مياه البحار، وانتقال العديد من الناس للسكن في المناطق الساحلية.


مع ارتفاع درجة المحيط، ذاب الجليد في المناطق القطبية، وحدث اختراق لليابسة بشكل كبير، وبالتالي زاد متوسط مستوى مياه البحر بمقدار 8 إنش (20 سم) منذ عام 1870. وتعتبر هذه الزيادة الحالية في منسوب مياه البحار أسرع من أي وقت مضى خلال الـ 2000 سنة الماضية، كما تضاعفت هذه الزيادة خلال العقدين الماضيين.

 

شروق الشمس فوق مركز كينيدي للفضاء. البحر في حالته الطبيعية. المصدر: NASA/Andres Adorno
شروق الشمس فوق مركز كينيدي للفضاء. البحر في حالته الطبيعية. المصدر: NASA/Andres Adorno



جدول إحصائي:


وعلى الرغم من هذا، لم يتوقف الناس عن شراء وبناء المنازل على طول السواحل، حيث يُقدر أن نسبةً تتراوح بين 55 إلى 60 بالمئة من مواطني الولايات المتحدة الأميركية يعيشون في مقاطعات محاذية للمحيطين الأطلسي والهادي، خليج المكسيك، أو منطقة البحيرات العظمى. وتُقدر دراسة أعدها كبار المختصين في عالم المال والأعمال أن عدداً من الممتلكات في المناطق الساحلية والتي تتراوح قيمتها المالية بين 60 إلى 106 مليارات دولار، ستغمرها المياه على الأرجح بحلول عام 2050 مما يجعلها مناطقَ دون مستوى سطح البحر.

 

استُخدمت أجهزة قياس المد والجزر لقياس مستوى سطح البحر لأكثر من 130 عاماً. وتعتبر قياسات الأقمار الصناعية الحالية بمثابة تتمة لهذا السجل التاريخي. صورة للمرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا تم التقاطها بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens وذلك استناداً إلى بيانات منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية، وبيانات منظمة NOAA المختصة بأبحاث المناخ والمحيطات.
استُخدمت أجهزة قياس المد والجزر لقياس مستوى سطح البحر لأكثر من 130 عاماً. وتعتبر قياسات الأقمار الصناعية الحالية بمثابة تتمة لهذا السجل التاريخي. صورة للمرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا تم التقاطها بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens وذلك استناداً إلى بيانات منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية، وبيانات منظمة NOAA المختصة بأبحاث المناخ والمحيطات.


وتعد هذه المشكلة الخطيرة التي تحدق بالأمّة بمثابة مشكلة لوكالة ناسا أيضاً، ليس ذلك فقط لأن عدداً من الأقمار الصناعية والمئات من علماء الأرض يقومون بمراقبة ارتفاع مستوى البحار، بل لأن ارتفاع مستوى سطح البحر يشكل خطراً محدقاً بناسا نفسها، على اعتبار أن نصف أو ثلث البنية التحتية للوكالة وممتلكاتها تقع في منطقة ترتفع عن سطح البحر 16 قدماً (5 أمتار). وباعتبار وجود بنية تحتية تقدر قيمتها ب 32 مليار دولار تشمل منصات إطلاق صواريخ ومصانع ومطارات ومراكز للبيانات وغيرها، تنتشر على مساحة تقدر بـ 330 ميلاً مربعاً (850 كم)، فإن وكالة ناسا يحيط بها خطر كبير يحدق بعدد كثير من الناس والممتلكات.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية يعيشون في المقاطعات الساحلية. (خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens. وقد استخدم ستيفينز بيانات مأخوذةً من مركز البيانات والتطبيقات الاجتماعية والاقتصادية التابع لوكالة ناسا).
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية يعيشون في المقاطعات الساحلية. (خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens. وقد استخدم ستيفينز بيانات مأخوذةً من مركز البيانات والتطبيقات الاجتماعية والاقتصادية التابع لوكالة ناسا).


وفقاً للأخصائية في علم المناخ سينثيا روزنويغ Cynthia Rosenzweig، تبلورت النظرة إلى هذه المشكلة باعتبارها أمراً ملحاً في عام 2009. وباعتبارها جزءاً من ورشة العمل المخصصة للاستعداد لحدوث التغيرات المناخية، انضمت روزنويغ إلى علماء آخرين ومهندسين ومدراء مراكز علمية وإداريين في جولة تشمل منصات إطلاق الصواريخ 39A وB في مركز كينيدي للفضاء Kennedy Space Center. وقد اعتبرت هاتان المنصتان أمراً مهماً وأساسياً بالنسبة لبعثات وكالة ناسا، وذلك منذ إطلاق صاروخ أبولو-زحل وحتى رحلات المكوك إلى الفضاء خلال الـ 25 سنة الماضية.

ولكن عندما نزلت سينثيا من الحافلة ونظرت حولها، أمكنها رؤية أن تقلص حجم الرمال الشاطئية والضرر الكبير اللاحق بالشاطئ هما على مرمى حجر فقط من منصات الإطلاق.

تقول روزنويغ: "جميع المراكز التابعة لوكالة ناسا لديها مجموعة من نقاط الضعف، كما أن بعضها هو أكثر عرضة للخطر من غيره. ولذلك يشكل هذا الارتفاع في منسوب مياه البحر تحدياً حقيقياً لجميع هذه المراكز على طول الخط الساحلي".

 

الساحل هو المكان المناسب

يقول كيم توفيكتيس Kim Toufectis، وهو مخطط منشآت في مكتب البنى التحتية الاستراتيجية التابع لوكالة ناسا: "تتواجد مراكز ناسا على طول الساحل لأنه المكان المناسب والمثالي لإطلاق المركبات الفضائية". 

اختارت حكومة الولايات المتحدة الأميركية منذ فترة طويلة أن تُطلق معظم صواريخها ومركباتها التجريبية من منطقة الساحل، وذلك لأن الأخطاء واردة، وستكون هذه الأخطاء أقل خطورة عندما تحدث فوق المياه منها فوق اليابسة. 


وبالطبع، تتطلب عملية الإطلاق من الساحل أن تكون منشآتُ اختبار وتخزين وتجميع المركبات الفضائية موجودة في منطقة قريبة من مكان الإطلاق، وبناءً على هذا، إذا رغبت في السفر إلى الفضاء من الولايات المتحدة الأميركية، فعليك مواجهة التحدي المتمثل في ارتفاع منسوب مياه البحار. 

تقع معظم مراكز ومنشآت وكالة ناسا على الساحل أو بالقرب منه. (خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens.
تقع معظم مراكز ومنشآت وكالة ناسا على الساحل أو بالقرب منه. (خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens.


وكما هو الحال في مركز كينيدي، تكون منصات الإطلاق والمباني في منشأة والوبس للطيران على بعد مئات قليلة من الأقدام عن المحيط الأطلسي. كما يقع مركز لانغلي للأبحاث على طول نهر باك بالقرب من مصب خليج تشيسابيك. أما مركز أميز للأبحاث فيقع في منطقة ضيقة في جنوب خليج سان فرانسيسكو. بينما يقع مركز جونسون للفضاء قرب بحيرة كلير التي تعد منفذاً على خليج جالفيستون. وترتفع جميع هذه المراكز فوق مستوى سطح البحر بمقدار يتراوح بين 5 إلى 40 قدماً (أي من 2 إلى 12 متراً)، ما عدا منشأة جمعية ميتشود التي تنقلب المعادلة عندها رأساً على عقب، باعتبارها تقع وراء السدود قرب نهر ميسيسيبي وبحيرة بونتشارترين. 

في مراجعة لإمكانية تعرض الوكالة لخطر ارتفاع منسوب مياه البحر، قام مؤخراً فريق عامل في منظمة
باحثو علوم التكيف مع المناخ CASI بكتابة ما يلي: 


من المتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار يتراوح بين 13 إلى 69 سم بحلول عام 2050، بجوار خمسة مراكز ومنشآت تابعة لناسا......وحتى في ظل سيناريو يفترض انخفاضاً في زيادة منسوب مياه البحر، فإن فيضان البحر على الشواطئ والذي يحدث حالياً وغالباً بمعدل يبلغ مرة كل 10 سنوات، من المتوقع أن يحدث بنسبة أعلى تبلغ تقريباً 50 بالمائة في 2050 في منطقة خليج جالفيستون حيث يقع مركز جونسون للفضاء. كما أنه من المحتمل أن يحدث بين مرتين إلى ثلاث مرات بالقرب من مركز كينيدي للفضاء ومركز لانغلي للأبحاث، وقد يصل أحياناً إلى عشر مرات في خليج سان فرانسيسكو حيث يقع مركز أميز للأبحاث. 


وبناء على ما سبق، سيكون من المؤكد أن مراكز وكالة ناسا الساحلية التي تعيش الآن بالفعل تحت خطر الفيضان، ستغدو أكثر عرضة للخطر في المستقبل. 

 
يشير اللون الأحمر إلى المناطق التي تحيط بمراكز وكالة ناسا، والتي ستغمرها المياه إذا ما ارتفع مستوى مياه البحر بمقدار 12 إنشاً (30 سم). قم باستكشاف هذه البيانات باستخدام أداة منظمة NOAA الخاصة بارتفاع مستوى سطح البحر وإظهار ما تتعرض له المراكز من مخاطر. (تعتمد خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens على بيانات مستقاة من الفريق العامل في منظمة محققي علوم التكيف مع المناخ
يشير اللون الأحمر إلى المناطق التي تحيط بمراكز وكالة ناسا، والتي ستغمرها المياه إذا ما ارتفع مستوى مياه البحر بمقدار 12 إنشاً (30 سم). قم باستكشاف هذه البيانات باستخدام أداة منظمة NOAA الخاصة بارتفاع مستوى سطح البحر وإظهار ما تتعرض له المراكز من مخاطر. (تعتمد خريطة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens على بيانات مستقاة من الفريق العامل في منظمة محققي علوم التكيف مع المناخ

إذا كنت تعتقد أن ارتفاع مستوى سطح البحر مشابه لارتفاع المياه في حوض الاستحمام، فإن ارتفاعه بمقدار عشرات قليلة من السنتيمترات بغضون عقود من الزمن لن يبدو بتلك الأهمية، ولكن مستوى سطح البحر لا يرتفع بشكل متساو، حيث أنه يتجمع في بعض المناطق بسبب الرياح وأنماط المناخ الحالية. قد يكون الأمر مربكاً بعض الشيء، لذا تخيل حوض الاستحمام وبداخله طفل يحرك المياه بعنف، في هذه الحالة يمكن للأمواج (داخل الحوض) أن تحدث في جانب واحد دون الآخر، كما أنه أحياناً قد يؤدي إلى رش الماء على حافة الحوض. وبالتالي كلما كان خط المياه المسطح أعلى زادت الفرصة كي ينسكب الماء إلى خارج الحوض بفعل الرياح والعواصف. 

كما يعتبر مستوى سطح البحر في الاتجاه الأفقي مسألة مهمة أيضاً، حيث تنص قاعدة قديمة مبنية على التجربة على أن تغيراً عمودياً بمقدار إنش واحد في مستوى البحر
يؤدي إلى انحسار الشاطئ بمقدار 100 إنش، سواء كان عبارة عن شاطئ رملي مسطح أم مستنقع. وهكذا، يمكن أن يؤدي ارتفاع قليل في مستوى سطح البحر إلى وصول الكثير من مياهه إلى مناطق داخل اليابسة، عند وجود عواصف وموجات مد عالية بشكل غير طبيعي. 

يقول جون جيغر John Jaeger، وهو عالم جيولوجيا مختص بالسواحل من جامعة فلوريدا: "يعتبر ارتفاع سطح البحر مهماً لأنه يقوم تدريجياً بتحريك خط المد العالي بعيداً عن الشاطئ ويجعله يقترب من المناطق العمرانية. كما يسمح للعواصف بالوصول واختراق مناطق أبعد داخل اليابسة".
 
الإطلاق من المناطق الرملية

كان خط المد العالي يتحرك باتجاه اليابسة منذ فترة من الزمن بالقرب من مركز كينيدي للفضاء على الساحل الشرقي لفلوريدا. يُعد مركز كينيدي من أشهر مراكز وكالة ناسا ويقع في مأوى جزيرة ميريت Merritt القومي للحياة البرية ويتاخم محطة كيب كانافيرال Cape Canaveral الجوية. يمتد مركز كينيدي على مساحة تقدر بـ 66 ميلاً مربعاً (أي 170 كم مربعاً)، وهو يشكل ما نسبته 20% من أصول الوكالة المبنية. وقد تم بناء معظمه في الأهوار الساحلية على ارتفاع يتراوح بين 5 إلى 10 إنشات فوق سطح البحر.


تظهر الصورة منصة الإطلاق 39B في مركز كينيدي، والتي كانت الموقع الذي انطلقت منه الكثير من بعثات أبولو وبرنامج مكوك الفضاء. وسيكون مستقبلا موقعًا لاقلاع أورايون Orion و[1] SLS   المصدر: NASA
تظهر الصورة منصة الإطلاق 39B في مركز كينيدي، والتي كانت الموقع الذي انطلقت منه الكثير من بعثات أبولو وبرنامج مكوك الفضاء. وسيكون مستقبلا موقعًا لاقلاع أورايون Orion و[1] SLS المصدر: NASA


يشير مشروع النماذج المناخية المحافظ Conservative climate models project إلى أن المياه قبالة مركز كينيدي سترتفع بمقدار يتراوح بين 5 إلى 8 إنشات بحلول خمسينيات هذا القرن، وبين 9 إلى 15 إنشاً بحلول الثمانينيات. وإذا ما حافظت الصفائح الجليدية في غرينلاند Greenland على معدل ذوبانها السريع الذي أشارت إليه القياسات الحالية، فيمكن لهذه الأرقام أن تتغير لتصبح بين 21 إلى 24 إنشاً بحلول الخمسينيات، وبين 43 إلى 49 إنشاً بحلول الثمانينيات.

تقول نانسي براي Nancy Bray، وهي مديرة التنسيق والخدمات للميناء الفضائي في مركز كينيدي: "نحن نعتبر ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات المناخية أمرين عاجلين في غاية الأهمية".

حتى عندما تم تأسيس مركز الفضاء في عام 1961، كان العلماء والإدارة على وعي بأن مستويات البحار كانت ترتفع ويمكن أن تشكل يوماً ما تهديداً له. ولكن في تلك الحقبة، كان التحدي الحقيقي يكمن في الوصول إلى القمر في أقرب وقت ممكن. وكانت هناك محطة مُقامة لسلاح الجو تقع على مقربة من المكان وتتمتع بإمكانية الوصول إلى مدارات لا يمكن الوصول إليها من أي مكان آخر في الولايات المتحدة الأميركية. فكان القرار سهلاً وصحيحاً في ذلك الوقت.

ولكن الزمن لم يكن رحيماً على الإطلاق بهذا الساحل الرملي المنبسط، حيث تظهر السجلات التاريخية والصور الجوية أن الشاطئ أمام مركز كينيدي قد انحسر وتراجع إلى المناطق الداخلية بمقدار 200 قدم (أي 60 متراً). وقد كانت أعلى نسبة للانحسار والتقهقر على امتداد الساحل الرملي المنبسط بالقرب من منصتي الإطلاق في المركز، واللتين تعتبران أكثر الموجودات في هذا المركز قيمة.


وتم مؤخراً استئجار المنصة 39A لمدة عشرين سنة لصالح مشروع القمر الاصطناعي Space X، حيث إن هناك نية لاستخدامها في إقلاع صاروخ فالكون Falcon ثقيل الحجم والوزن. كما أن نظام الإطلاق الجديد التابع لوكالة ناسا والمركبة الفضائية أورايون سيشغلان منصة الإطلاق Complex 39B خلال العقود القادمة. هذا ويبعد المحيط الأطلسي عن موقع المنصتين مسافة تقدر بربع ميل فقط.


لا تعد الأمواج المتكسرة والشواطئ الرملية بعيدة عن منصات الإطلاق في مركز كينيدي للفضاء، المسافة التي تفصل بينهما تتقلص كل عام. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، وذلك باستخدام بيانات [2]لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية
لا تعد الأمواج المتكسرة والشواطئ الرملية بعيدة عن منصات الإطلاق في مركز كينيدي للفضاء، المسافة التي تفصل بينهما تتقلص كل عام. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، وذلك باستخدام بيانات [2]لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية


خلال عام 2004 عبرت ثلاثة أعاصير شبه جزيرة فلوريدا، وفي حين أنه لم تضرب أي منها قاعدة كاب كانافيرال أو تصبها بأذىً، إلا أنها أحدثت أضراراً في مركز الفضاء تقدر قيمتها بـ 100 مليون دولار.

وفي سنة 2007 هبت العاصفة nor’easter بقرب الشاطئ واستمرت لمدة أسبوعين ثم عصفت به؛ هذا وضربت العاصفة الاستوائية فاي Fay الشاطئ مرة أخرى عام 2008.

وكرد فعل على الأضرار الناجمة عن العواصف المستمرة، وقّع مدراء منشآت مركز كينيدي عقوداً لإنشاء وبناء كثبان رملية يصل ارتفاعها إلى 15 قدماً وتبلغ مساحتها 725 قدماً، وذلك كمحاولة منهم لإثبات صحة مفهوم: إدارة التقهقر أو التراجع. كما عمل العلماء والمهندسون بالتعاون مع هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لتحديد شكل الشاطئ (من الناحية الطبوغرافية) وذلك باستخدام تكنولوجيا التحديد والقياس باستخدام اليزر أو اختصارًا (LiDAR). وبعد ذلك جندوا كلاً من عالم الجيولوجيا المختص في السواحل جون جايغر John Jaeger وبيت أدامز Pete Adams من جامعة فلوريدا، بهدف اكتشاف سبب الانجراف المستمر لكثبان الرمال التي على الشاطئ الموجودة بالقرب من منصتي الإطلاق 39A و B.

وعلى امتداد 5 سنوات قام كل من جايغر وأدامز تساعدهم مجموعة من طلاب الدراسات العليا برسم خرائط الـ GPS صعوداً وهبوطاً لمساحة من الشاطئ تبلغ 6 أميال، وذلك لمرة واحدة على الأقل شهرياً، وغالباً ما يكون ذلك في أعقاب حدوث العواصف. الهدف من وراء ذلك كان هو بناء نموذج ثلاثي الأبعاد للمنطقة.

وقد اكتشف العلماء أن سبب تراجع الشواطئ كان شكل قاع البحر في المنطقة القريبة من الشاطئ، حيث عملت الفجوات الموجودة بين قنوات الحواجز الرملية على تحريك الطاقة نحو مناطق معينة. كما وجدوا أيضاً أن الرمال الشاطئية تتجمع (تتراكم) في مناطق أخرى معظمها بالقرب من منصة الإطلاق Complex 41. وخلاصة القول هنا، أن الشاطئ كان يتقهقر وينتقل باتجاه الجنوب، بينما ظلت البنية التحتية للمركز ثابتةً في مكانها.

في عام 2012 عرض إعصار ساندي لمحة بسيطة عن الوضع الطبيعي الجديد على طول سواحل المحيط الأطلسي. قطعت العاصفة 200 ميل بعيدًا عن الشاطئ وعن مركز كينيدي، ولكنها انتقلت وتحركت ببطء شديد بحيث أن الأمواج المتكسرة الضخمة جابت الشاطئ لثلاث أو أربع دورات من المد العالي. وبحلول الوقت الذي صفت فيه السماء، تبين أن الكثبان الرملية التي كانت تمتد على مساحة تقدر بميلين (أي 3 كم) بالقرب من منصتي الإطلاق Complexes 39A وB قد تراجعت بمقدار 65 قدماً ( 20 متراً).

تم تقويض ما يقارب من 650 قدماً (200 متر) من السكة الحديدية في محيط المنصة 39A. كما اقترب خط المد العالي من طريق الخدمات والذي يوجد تحته غاز طبيعي، ووسائل اتصال، ووقود الصواريخ وخطوط المياه. ويرتفع هذا الطريق فوق سطح البحر بمقدار 4 أقدام (1.2 متر).

سبّب إعصار ساندي آثاراً على خمسة مراكز تابعة لوكالة ناسا على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، وقد شملت هذه التأثيرات الرياح وموجات البحر والأمطار. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، باستخدام بيانات سومي NPP VIIRS التي تقدمها منظمة NOAA CLASS
سبّب إعصار ساندي آثاراً على خمسة مراكز تابعة لوكالة ناسا على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، وقد شملت هذه التأثيرات الرياح وموجات البحر والأمطار. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، باستخدام بيانات سومي NPP VIIRS التي تقدمها منظمة NOAA CLASS

يقول أدامز: "نحن متفاجئون جداً بقدرة عاصفة عابرة على إحداث مثل هذه التأثيرات الكبيرة. وعلى الرغم من أن عاصفة ساندي وغيرها من العواصف الأخرى لم تعصف مباشرة بمركز كينيدي، إلا أنها سببت الكثير من الأضرار التي لحقت بالكثبان الرملية على الشاطئ". ويردف أدامز قائلاً: "تحظى الأعاصير هنا بالكثير من الاهتمام والمراقبة، ولكن عواصف nor’easters الشتوية هي التي تحدث بشكل دائم في هذه الشواطئ".

دعم مركز كينيدي الشاطئ مرة أخرى بعد عاصفة ساندي، حيث تمت إزالة أجزاء من السكة الحديدية وقام بعدها المهندسون المختصون بالسواحل بتجميع أكثر من 90 ألف ياردة مكعب من الرمل بهدف إنشاء كثبان رمل ثانوية تقدر مساحتها بـ 1.2ميل. كما تم أيضاً زراعة ما يقرب من 180 ألفاً من أعشاب الكثبان الرملية المحلية وغيرها من النباتات بهدف تثبيت الرمل في مكانه. وحتى الآن، كان أداء الكثبان الرملية مطابقاً للهدف الذي صممت من أجله وهو: توفير الحماية للبنى التحتية التي تقف على حافة الخطر من العواصف وموجات فيضان مياه البحر وارتفاع منسوب مياهه.

ويعمل براي وزملاؤه في مركز كينيدي على المدى الطويل على ما يسمونه: التراجع المُدار managed retreat. حيث يعملون على بناء وتصميم دفاعات على طول الشاطئ، بالإضافة إلى تخصيص منطقة داخل اليابسة لإقامة منصة إطلاق إضافية ما يجدر به أن يحقق الغاية المنشودة.

يقول جايغر: "ستمر عقود طويلة قبل أن تضرب الموجات منصات الإطلاق في مركز كينيدي. ومع ذلك، عندما تضع بنىً تحتية مكلفة وغير قابلة للنقل على طول الشاطئ، فستحصل على نتيجة في النهاية".
 

تكون حالة الترقب والقلق حيال ارتفاع مستوى سطح البحر على أشدها بالنسبة لمركز كينيدي للفضاء، وذلك نظراً إلى تاريخ الولاية والمكانة العالية للعقارات فيها. ولكن مع ذلك، تمس هذه القضية معظم مراكز وكالة ناسا. 

تم بناء الشواطئ والكثبان الرملية بجانب منشآت الإطلاق في جزيرة والوبس، في ولاية فيرجينيا، ولكنها انجرفت وتراجعت. وقد تم بناؤها عدة مرات أخرى خلال العقد الماضي.  المصدر: NASA/Bill Ingalls
تم بناء الشواطئ والكثبان الرملية بجانب منشآت الإطلاق في جزيرة والوبس، في ولاية فيرجينيا، ولكنها انجرفت وتراجعت. وقد تم بناؤها عدة مرات أخرى خلال العقد الماضي. المصدر: NASA/Bill Ingalls


شيّدت منشأة والوبس للطيران التابعة لناسا بالقرب من الأهوار الساحلية على الساحل الشرقي لفيرجينيا، وهي الأكثر شبهاً بمركز كينيدي من حيث نقاط الضعف الموجودة فيها. ولعبت المنشأة دوراً مهماً وبارزاً في الأيام الأولى لرحلات الفضاء، وذلك قبل أن يستقر دورها ويقل الاعتماد عليها خلال العقود اللاحقة. في السنوات الخمس عشرة الماضية، تمت إعادة تطوير المنشأة لإطلاق صواريخ وكالة ناسا والصواريخ التجارية، بما في ذلك بعثة 2013 LADEE إلى القمر. حيث تم إنفاق أكثر من مليار دولار في عملية تطوير البُنى التحتية الخاصة بالرحلات الفضائية على طول شواطئ المحيط الأطلسي. 

تقع منشأة والوبس في وسط نظام حواجز رملية موجودة على الشاطئ، وحسب ما يبدو أن هذه الحواجز الرملية هي على وشك التحرك. وعمل انجراف وانتقال الرمال على إعادة تشكيل حاجز الشاطئ في جزيرة أساتيجوي التي تقع شمال شرق منشأة والوبس. وتفقد جزيرة أساتيجوي كل سنة نسبة تتراوح بين 10 إلى 22 قدماً (أي بين 3 إلى 7 أمتار) من مساحة الشاطئ، بينما خسرت جزيرة والوبس ما مساحته 12 قدماً. ووفقاً لوكالة حماية البيئة، تتحول كل سنة في مقاطعة أكوماك مساحة تقدر بـ 50 هكتاراً من أراضي زراعية إلى أهوار (أراض رطبة)

تتراجع حواجز الشواطئ الموجودة بالقرب من منشأة والوبس للطيران والميناء الفضائي الإقليمي في منطقة وسط الأطلسي، بمقدار 12 قدم في كل سنة. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جيسي آلن Jesse Allen، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية)
تتراجع حواجز الشواطئ الموجودة بالقرب من منشأة والوبس للطيران والميناء الفضائي الإقليمي في منطقة وسط الأطلسي، بمقدار 12 قدم في كل سنة. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جيسي آلن Jesse Allen، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية)

ألحق إعصار إيرينا في سنة 2011 أضرارً كبيرة في منشأة والوبس، ما دفع وكالة ناسا وشركاءها المحليين إلى مضاعفة جهودهم للحد من اندفاع موجات المد والجزر في المنطقة. شيد المهندسون المختصون بالسواحل جداراً بحرياً بارتفاع 14 قدماً وبامتداد 3 أميال. وعند انتهاء وقت البناء بحلول شهر آب/أغسطس 2012، كان المهندسون قد ضخوا أكثر من 3 ملايين ياردة مكعبة من الرمال على الشاطئ وذلك كجزء من مشروع إعادة ترميمه التي تصل كلفته إلى 43 مليون دولار. ولكن بعد عدة أشهر، قام إعصار ساندي بإزالة أكثر من 20 % من الرمال التي تم وضعها على الشاطئ، ثم انجرفت نسبة أخرى من الرمال تقدر بـ 10% في غضون الأشهر القليلة اللاحقة. تم بعد ذلك تم إنفاق مبلغ إضافي يقدّر ب11 مليون دولار لإصلاح كل من الجدران والشواطئ.

يقع مركز لانغلي للأبحاث التابع لوكالة ناسا بالقرب من ثالث أكبر ميناء بحري في الولايات المتحدة الأميركية وأكبر قاعدة بحرية فيها (محطة نورفولك البحرية). وكان يتوجب على المركز مواجهة خطر كلٍّ من ارتفاع مستوى مياه البحر، وغرق الأراضي. حيث وجد العلماء أن مستوى سطح البحر حول خليج تشيسابيك ظل يرتفع بحدود 0.13 إنشاً (3.4 ملم) كل سنة، وهو ضعف المعدل العالمي البالغ 0.07 إنشاً (1.7 ملم) كل سنة.

أظهرت الدراسات الحديثة أن الأراضي والتضاريس حول خليج تشيسابيك كانت تغرق نتيجة للعمليات التي بدأت في العصر الجليدي الأخير، وذلك عندما قامت الألواح الجليدية الضخمة التي كانت تغطي معظم مساحة أمريكا الشمالية بالضغط على قشرة الأرض وغلافها، ما جعل الصخور الباطنية المنصهرة ترتفع تحت خليج تشيسابيك ومناطق أخرى في الجنوب. وعندما تراجع الجليد، بدأت الأراضي الشماليّة بالارتفاع - الارتداد- بينما بدأت الأراضي الجنوبية بالانحسار مرة أخرى.


يحاط مركز لانغلي للأبحاث بالمياه، وهو يقع في منطقة لا تزال ساكنة بشكل طبيعي منذ العصر الجليدي الأخير. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية).
يحاط مركز لانغلي للأبحاث بالمياه، وهو يقع في منطقة لا تزال ساكنة بشكل طبيعي منذ العصر الجليدي الأخير. (صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جوشوا ستيفينز Joshua Stevens، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية).

يشير هذا المزيج من ارتفاع مستوى سطح البحر وغرق الأراضي إلى أنه من المحتمل أن يحصل في منطقة هامبتون رودز (نورفولك- نيوبروت نيوز- فيرجينيا بيتش)، ارتفاع نسبي في مستوى سطح البحر يتراوح بين 41 إلى 53 إنشاً (104 إلى 135 سنتمتراً) بحلول الثمانينيات من القرن الحالي. وقد دفع هذا الاحتمال كلاً من قادة ومدراء مركز لانغلي التابع لناسا وقاعدة لانغلي لسلاح الجو، إلى التخطيط للتراجع ببطء بعيداً عن مناطق الفيضانات الساحليّة. حيث عمل العلماء على مسح المنطقة باستخدام جهاز 

قياس محمول جواًّ (airborne lidar)، كما قام مصممو النماذج بالنظر عن كثب في جميع التوقعات المستقبلّة للمناطق المعرضة للفيضانات. وبعدها بدأ تدعيم المباني القديمة كي تستطيع تحمل الأجواء المناخية الصعبة، أما المباني الحديثة فتم اختيار مواقعها في مناطق داخليّة بعيدة. 

يقع مركز جونسون للفضاء داخل أعتى مناطق الأعاصير على طول ساحل خليج المكسيك، وهو المركز الأساسي لوكالة ناسا للتدريب والعمليّات الخاصة برحلات الفضاء البشرية. ويعتبر المركز عرضة بشكل خاص لعدة أخطار مائية بما في ذلك سيول العواصف التي تتسبب بها الأعاصير، والفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة، وارتفاع مستوى مياه البحر.

في حين أن هذه المخاطر ليست جديدة على منطقة خليج جالفيستون، إلا أن عدة سيناريوهات خاصة بتغيرات المناخ تتوقع زيادة في وتيرة وشدة مثل هذه الأحداث في المناطق التي تشهد ارتفاعاً في منسوب مياه البحر. حيث ارتفع مستوى مياه البحر في خليج جالفيستون 2.5 إنشاً (6.4 سم) في العقد الواحد، وتعد هذه النسبة أعلى بكثير من أي مركز آخر تابع لناسا. 


ارتفع مستوى مياه البحر في خليج جالفيستون بالقرب من مركز جونسون للفضاء، 2.5 إنشاً تقريباً (6.4 سم) في العقد الواحد، وتعد هذه النسبة أعلى بكثير من أي مركز آخر تابع لناسا.  المصدر: Astronaut photograph ISS024-E-10403 provided by the ISS Crew Earth Observations experiment, Johnson Space Center
ارتفع مستوى مياه البحر في خليج جالفيستون بالقرب من مركز جونسون للفضاء، 2.5 إنشاً تقريباً (6.4 سم) في العقد الواحد، وتعد هذه النسبة أعلى بكثير من أي مركز آخر تابع لناسا. المصدر: Astronaut photograph ISS024-E-10403 provided by the ISS Crew Earth Observations experiment, Johnson Space Center


قدم لنا إعصار أيك في سنة 2008 بروفة مفيدة وتعليمية حول الأحداث المستقبلية. وعلى الرغم من أنه يصنف كإعصار من الدرجة الثانية من حيث سرعة الرياح، إلا أن سيول العواصف التي وصل ارتفاعها إلى 20 قدم كانت مشابهة لتلك الناجمة عن إعصار من الدرجة الخامسة. وقد أدى هذا الإعصار إلى انقطاع التيار الكهربائي عن نطاق واسع في هيوستن، وفقدان للطاقة وإغلاق مركز جونسون لتنظيف الحطام. ودفعت هذه التجربة إلى القيام بتحسينات للبُنى التحتيّة بما في ذلك وضع بوابات جديدة في المرافق الرئيسية مثل مركز مراقبة البعثة، بالإضافة إلى حماية ورفع فتحات الأنفاق من أجل تعامل أفضل أثناء حدوث سيول فيضانات العواصف.

يقع مقر وكالة ناسا الرئيسي في نيو أورليانز. وتتضمن منشأة جمعية ميتشود أحد أكبر المصانع الموجودة في العالم والذي تبلغ مساحته 43 فداناً، ويحتوي هذا المصنع على صواريخ زحل وأجهزة إقلاع مكوك الفضاء حيث يتم تجميعها هناك، كما يتم أيضاً تجميع نظام الإطلاق الفضائي الجديد. وتوفر هذه المنشأة فرصة الوصول إلى المياه العميقة بالنسبة إلى السفن التي تحمل الصواريخ عبر خليج المكسيك إلى مركزي كينيدي ووالوبس.


تعاني منشأة ميتشود التي تقع بالقرب من الأهوار والجداول في دلتا الميسيسيبي، من انخفاض كبير في سطح الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر.  المصدر: صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جيسي آلن Jesse Allen، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية.
تعاني منشأة ميتشود التي تقع بالقرب من الأهوار والجداول في دلتا الميسيسيبي، من انخفاض كبير في سطح الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر. المصدر: صورة المرصد الأرضي التابع لوكالة ناسا بواسطة جيسي آلن Jesse Allen، وذلك باستخدام بيانات لاندسات من منظمة المسح الجيولوجي الأميركية.

تقع منشأة ميتشود تحت مستوى سطح البحر، وهي توجد خلف سدود ترابية يصل ارتفاعها إلى 19 قدماً. وتتصف الأرض تحت المنشأة بأنها ساكنة وذلك نتيجة تجفيف وضغط منطقة دلتا الميسيسيبي أثناء بناء وتشييد مدينة نيو أورليانز على مدى عدة قرون. وبعد إعصار كاترينا، توجب على فريق هاردي للمرافق في ميتشود ضخ أكثر من مليار غالون من الماء خارج المنشأة.

وفقاً لمنظمة "محققو علوم التكيف مع المناخ" التابعة لناسا، هناك احتمال أن يرتفع سطح البحر ما بين 30 إلى 34 إنشاً (76 إلى 86 سنتمتراً) حول منشأة ميتشود، حتى في ظل وجود تقديرات منخفضة بهذا الشأن. يعتبر خط الماء هذا عالياً جداًّ للطبيعة الأم للاعتماد عليها عندما تهب العواصف والأعاصير المستقبليّة.
 

الارتقاء إلى مستوى التحديات المستقبلية 

إذاً، ما الذي فعلته وكالة ناسا لمواجهة خطر ارتفاع مستوى سطح البحر بالقرب من منشآتها؟. الإجابة على هذا السؤال تأتي على لسان سينثيا روزنويغ وهي: مسارات تكيّف مرنة.

تقول روزنويغ: "ما هو الشيء المنطقي الذي يجب علينا فعله الآن؟ وماذا يتوجب علينا القيام به لاحقاً؟ حسناً، يجب علينا أن نفهم ونعيَ جيداً حجم المخاطر، ومن ثم نعمل على بناء شيء ما يمكن تعديله". 

ترتفع ثلثا البنى التحتية التابعة لوكالة ناسا فوق مستوى سطح البحر بمقدار يبلغ 16 قدماً (5 أمتار). المصدر: NASA/Bill Ingalls
ترتفع ثلثا البنى التحتية التابعة لوكالة ناسا فوق مستوى سطح البحر بمقدار يبلغ 16 قدماً (5 أمتار). المصدر: NASA/Bill Ingalls


تُجري روزنويغ أبحاثها في مركز غودارد لدراسات الفضاء وجامعة كولومبيا، وكلاهما يقعان على المسار القاسي لإعصار ساندي المار في مدينة نيويورك. وقد عملت لسنوات عدة مع قادة المدينة والولاية لتقييم آثار تغير المناخ وتطوير ووضع استراتيجيات للحد من المخاطر. وفي عام 2009، طُلب من روزنويغ أن تقدم ما لديها من خبرة لصالح الفريق العامل في منظمة باحثي علوم التكيف مع المناخ CASI التابعة لوكالة ناسا، وهو جهد مدفوع بأمر رئاسي لتقييم "المخاطر ونقاط الضعف" الموجودة في كل وكالة من الوكالات الفدرالية. 

تقول روزنويغ: "لعلها المرة الأولى التي يعمل فيها العلماء والمدراء في وكالة ناسا معاً من أجل إدارة مخاطر المناخ المتعلقة بمنشآتنا ومواردنا الطبيعية."


استطاعت منظمة CASI بالعمل جنباً إلى جنب مع الولاية والمسؤولين المحليين وكذلك الشركاء الفيدراليين، العسكريين، التجاريين والمحافظين، وضع فكرة رائعة لمعرفة نوع المعلومات المطلوبة بالتحديد من قبل مدراء المنشآت، وكذلك الأمر بالنسبة لنوع الاستجابة وردة الفعل المطلوبة. 

عمل فريق منظمة CASI على نقل التوقعات والتقارير الدولية، مثل الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change أو اختصاراً IPCC، إلى مستوى عملي وذو نطاق إقليمي لتقديم المشورة إلى مراكز وكالة ناسا. وقد عمل الباحثون على دراسة الأثر البيئي ووضعوا نماذج كي يظهروا كم سيرتفع مستوى سطح البحر بالقرب من كل منشأة. وقد قاموا بفحص الأراضي مستخدمين التغيرات الحاصلة بالقرب من كل مركز، حتى أنهم أخذوا بعين الاعتبار كيف يمكن لارتفاع مستوى سطح البحر أن يشكل خطرا على الأنواع المهددة بالانقراض والكائنات التي وجدت ملاجئ آمنة لها في أراضي وكالة ناسا. 

من المتوقع وفقاً لنماذج المناخ العالمي GCMs أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 5 إنشات (13 سنتيمتراً) بالقرب من معظم مراكز وكالة ناسا بحلول 2050 وسترتفع هذه الأرقام بشكل كبير إذا استمرت الصفائح الجليدية بالذوبان.  ملاحظة: تعتبر التقديرات بالنسبة إلى منشأة ميتشود عالية جداً بسبب هبوط الأرض في منطقة نيو أورلينز.  المصدر: بيانات الفريق العامل في منظمة باحثي علوم التكيف مع المناخ ومركز علوم البحار الوطني لمتوسط مستوى سطح البحر.
من المتوقع وفقاً لنماذج المناخ العالمي GCMs أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 5 إنشات (13 سنتيمتراً) بالقرب من معظم مراكز وكالة ناسا بحلول 2050 وسترتفع هذه الأرقام بشكل كبير إذا استمرت الصفائح الجليدية بالذوبان. ملاحظة: تعتبر التقديرات بالنسبة إلى منشأة ميتشود عالية جداً بسبب هبوط الأرض في منطقة نيو أورلينز. المصدر: بيانات الفريق العامل في منظمة باحثي علوم التكيف مع المناخ ومركز علوم البحار الوطني لمتوسط مستوى سطح البحر.


يقول كيم توفيكتيس Kim Toufectis: "كيف سنحارب أمنا الطبيعة لخمسين سنة أخرى؟". حيث يتوجب الآن عليه هو وزملاؤه العاملون في مكتب استراتيجيات البنى التحتية، وهم أشخاص من ذوي المهارة في مجال الهندسة المدنية والكيميائية، التخطيط المدني، العقارات، تشييد المرافق وصيانتها، أن يزنوا خياراتهم كي يضعوا خططاً طويلة الأمد. 

سيحتاجون في بعض المناطق إلى تصميم مبانٍ أكثر ذكاءً، بينما في أماكن أخرى سيعملون على إصلاح وتدعيم البنى التحتية الموجودة فيها. وإذا كان لا بد من بقاء المنشأة على مقربة من الماء، فإنه لا ينبغي بقاء المختبرات المهمة وغرف التخزين والتجميع في الطابق الأرضي. أما بالنسبة إلى منشآت الإطلاق التي يجب أن تبقى على طول الشاطئ، فسيغدو بناء الكثبان الرملية وإصلاح الجدار البحري وتجديد الشاطئ جزءاً من الإصلاحات الروتينية الخاصة بها. 

هل حان الوقت للتخلي عن هذا المكان والانتقال إلى مناطق داخلية؟ حسناً سيبقى هذا التساؤل يجوب أروقة وكالة الفضاء انطلاقاً من مدير المختبر، مروراً بمدير المركز، وانتهاءً بمدير الوكالة. وفي نهاية المطاف لا بد لكل شخص لديه ملكية في مناطق ساحلية في أمريكا من الإجابة عن هذا السؤال يوماً ما. 

 
 
ملاحظات

[1] SLS: نظام الإطلاق الفضائي
[2] landsat: سلسلة من الأقمار الصناعية

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً
  • الإدارة الوطنية للغلاف الجوي والمحيطات (NOAA): وهي منظمة حكومية أمريكية تعنى بدراسة الغلاف الجوي والمحيطات، وNOAA اختصار لـ National Oceanic and Atmospheric Administration.

اترك تعليقاً () تعليقات