اكتشاف مجرات قزمة جديدة في المدار حول مجرة درب التبانة

حدد فريق من علماء الفلك بجامعة كامبريدج مدارات تسع أجسام سماوية قزمة جديدة تدور في مجرة درب التبانة، وهذا هو العدد الأكبر الذي يُكتشف في مرةٍ واحدةٍ. ربما يساعد هذا الاكتشاف، الذي وجِد في بيانات الصور المنشورة حديثاً من مسح الطاقة المظلمة (Dark Energy Survey)، في الكشف عن الغموض الذي يقف وراء طبيعة المادة المظلمة، هذه المادة الغير مرئية التي تجمع المجرات معاً.


تُصنَّف النتائج الجديدة على أنها الاكتشاف الأول للمجرات القزمة، مجموعة من الأجسام الكريستالية تدور حول مجرات أكبر، في عِقد من الزمان، ذلك بعد اكتشاف الكثير منها في العامين 2005 و 2006 في أجزاء السماء الواقعة في القسم الجنوبي للكرة الأرضية. 

اُكتشِفت هذه الأجسام الفضائية في نصف الكرة الجنوبي بالقرب من سحب ماجلان الكبيرة والصغيرة؛ حيث تُعتبر هذه المجرات القزمة الأكبر والأكثر شهرة في مدار مجرة درب التبانة. 


نُشِرت نتائج جامعة كامبريدج في العاشر من مارس مع نتائج مسح منفصلة من قبل علماء الفلك في - مسح الطاقة المظلمة -، ومقرها في مختبر مسرع فيرمي الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، استخدم كلا الفريقين البيانات المتوفرة بشكلٍ عام، والتي جُمِعت خلال السنة الأولى من مسح الطاقة المظلمة؛ لإجراء التحليلات اللازمة عليها.


هذه الأجسام المُكتشَفة حديثاً هي أقل إضاءة بمليارات المرات من مجرة درب التبانة، وأقل من كتلة درب التبانة بملايين المرات، أقرب هذه الأجسام يبعد حوالي 95000 سنة ضوئية عن الأرض، أما أبعدها فيقع علي مسافة تصل لأكثر من مليون سنة ضوئية.

وفقاً لفريق جامعة كامبريدج، فإن ثلاثة من الأجسام المُكتشَفة قد صُنِّفت على أنها مجرات قزمة، بينما الأجسام الأخرى ربما قد تكون إما مجرات قزمة أو عناقيد كروية، وهذه عبارة عن أجسام لها الخصائص المرئية نفسها للمجرات القزمة لكنها لا تتجمع مع المادة المظلمة .


قال الدكتور سيرغي كوبوسوف(Sergey Koposov) ، من معهد كامبريدج لعلوم الفلك، والمؤلف الرئيس للدراسة: " كان اكتشاف الكثير من الأجسام في منطقة صغيرة جداً غير متوقعاً أبدا "، وأضاف: " لم استطع أن أصدق عيني ".

تعتبر المجرات القزمة أصغر بناء مَجَرِّيّ يتم رصده؛ حيث تحوي أصغرها نحو خمسة آلاف نجم فقط، في المقابل تضم مجرة درب التبانة مئات المليارات من النجوم.
تتنبأ النماذج الكونية القياسية للكون بوجود مئات المجرات القزمة في مدار درب التبانة، لكن خفوتهم وصغر حجمهم يجعل من الصعب جداً العثور عليهم حتى ولو كانوا في - باحتنا الخلفية -.


يقول ألكيس دراليكا-فاغنر (Alex Drlica-Wagner)، من مختبر فيرمي(Fermi lab)، وأحد كبار المحللين لبيانات مسح الطاقة المظلمة :" إن محتوى المادة المظلمة الكبير من مجرات درب التبانة الفضائية يقدم نتيجة هامة لكل من علم الفلك والفيزياء ".

نظراً لأن الكون هو 99% مادة مظلمة، وفقط 1% مادة يمكن ملاحظتها؛ تعتبر المجرات القزمة مثالية لاختبار صحة النماذج الموجودة للمادة المظلمة. ولا يمكن رؤية المادة المظلمة، والتي تشكل 25% من كل المادة والطاقة في كوننا، لكن الذي يجعلها معروفة بالنسبة لنا هو سحبها الثقالي.


يقول الدكتور فازيلي بيلوكوروف (Vasily Belokurov)، من معهد الفضاء، وواحد من الأعضاء المشاركين بالدراسة :" الأجسام السماوية القزمة هي الوجهة النهائية لاختبار نظرياتنا حول المادة المظلمة ".

ثم أضاف قائلاً: " نحتاج للعثور على هذه الأجسام لتحديد فيما إذا كانت صورتنا للكون منطقية، العثور على هذه المجموعة من الأجسام قرب سحب ماجلان كان مفاجئاً؛ حيث أن مسوحنا المبكرة في قسم الكرة الجنوبي وجدت القليل جداً منها؛ لذلك لم نكن نتوقع العثور على مثلما هكذا كنز! ".


أقرب أجزاء - هذا الكنز - يبعد نحو 97,000 سنة ضوئية عن الأرض، وهذا حوالي نصف الطريق إلى سحب ماجلان، وتقع في كوكبة (Reticulum) أو (the Reticle)، ونظراً لقوى الجذب الهائلة التي تتعرض لها من مجرة درب التبانة، فإنها في طريقها للتمزق، أما الأجسام الأكثر بعداً والأكثر إضاءةً فهي تبعد نحو 1,2 مليون سنة ضوئية في كوكبة النجوم النهر (Eridanus). 


هذه الأجسام موجودة بالضبط على الطرف الخارجي لمجرة درب التبانة وهي على وشك أن تُسحب لداخلها، وفقاً لفريق جامعة كامبريدج، فإنها تبدو كعنقود كروي صغير من النجوم، والتي تجعلها تملك صفة اصغر مجرة.


يقول واين ايفانس (Wyn Evans)، والذي هو أيضاً في معهد الفضاء: " النتائج كانت غير مفهومة بشكل كبير،ربما كانت هذه الأجسام تدور حول سحب ماجلان وتم رميها خارجاً؛ نتيجة التفاعل بين سحب ماجلان الكبيرة والصغيرة، أو ربما كانوا معاً في مجموعة هائلة من المجرات، جنباً إلى جنب مع سحب ماجلان، وسقطت داخل مجرتنا درب التبانة ".
إن مشروع ( مسح الطاقة المظلمة ) هو جهد خمس سنوات من التصوير لقطاع كبير من سماء الجزء الجنوبي للكرة الأرض بتفاصيل دقيقة لم يسبق لها مثيل.


كانت الأداة الأساسية هي ( كاميرا الطاقة المظلمة )، والتي تبلغ دقتها 570 ميجا بكسل، وتعتبر الكاميرا الرقمية الأكثر قوة في العالم والقادرة على رؤية المجرات التي تبعد عن الأرض 8 مليون سنة ضوئية. 


صُنِعت وجُرِبت هذه الكاميرا في (Fermi lab)، وهي الآن مُركَّبة على ارتفاع أربعة أمتار في تلسكوب (M. Blanco Victor)، بمرصد كيررو تولولو، في جبال الانديز، تشيلي.
تتضمن الكاميرا خمسة عدسات حادة دقيقة، أكبرها يبلغ عرضها ياردة تقريبا، وقد صُممت وصُنعت في جامعة كوليدج في لندن (UCL)، ومُولت من قبل (UK Science)، ومجلس المنشآت التكنولوجية والمعروف اختصاراً باسم (STFC).

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الطاقة المظلمة (Dark Energy): هي نوع غير معروف من الطاقة، ويُعتقد بأنه المسؤول عن تسارع التوسع الكوني.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات