دراسة جديدة: هل فهمنا حقًا كيف يتحرك وشاح الأرض؟


قد تعتقد أن لدى الجيولوجيين فكرة واضحة جدًا عما يحصل داخل وشاح الأرض (المسمى بالستار وأحيانًا الدثار) وهو المنطقة الصخرية الملتهبة بين القشرة واللب والتي تشكل 84% من إجمالي حجم كوكبنا؛ ولكن تشير دراسة جديدة إلى أن حركة الوشاح قد تتأثر بعوامل لم نفكر بها حتى الآن، وأنّ ذلك قد يغير طريقة تفكيرنا حول الزلازل والبراكين، وأحداث انزياح الصفائح الأخرى بشكل تام.

يُركز البحث الجديد الذي أجراه فريق من جامعة كولومبيا على طبقتين: طبقة الليثوسفير (Lithosphere) التي تضم القشرة (crust) والوشاح الأعلى (upper mantle) والصفائح التكتونية (tectonic plates) التي تنزلق على طول سطح الأرض؛ وطبقة الأثينوسفير (Asthenosphere) الأعمق، وهي الجزء الأكثر حرارةً ولزوجةً من الوشاح، ويعتقد أن لها دورًا في دفع حركة الصفائح أعلاها.

كان يعتقد حتى وقتنا هذا أن قوى الشد والضغط العظمى في الصفائح التكتونية -الناتجة عن صعود وانغماس أجزاءٍ من طبقة الليثوسفير- هي ما يثير معظم الحركة في طبقة الأثينوسفير في الأسفل؛ أما الآن فيبدو أن لعوامل أصغر وأكثر استقلالية تأثيرًا أيضًا! 

ثبّت الباحثون منظومة من أجهزة قياس الزلازل (seismometers) على قاع المحيط الهادىء للحصول على نظرة أقرب إلى تيارات الحمل الحراري في الوشاح وتكتونيات الصفائح، معتمدين في ذلك على الاهتزازات التي تُرصد في الزلازل (earthquakes)؛ وقد أمعنوا النظر تحديدًا في أنماطٍ تكونت على شكل بلورات تدعى أوليفين (olivine) "زبرجد زيتوني" -وهي أنماط فرضها تدفّق الوشاح الأرضي- وقد يحل لغزها اعتمادًا على سرعة الأمواج الزلزالية. 

المدهش في الأمر هو أن هذه النماذج لم تتوافق مع حركات الصفائح التكتونية، ومن الواضح أن قوى الضغط والشد العظمى في طبقة الليثوسفير فوقها لم تؤثر عليها بشكل كبير؛ فقد تبين أن تدفق الحركة الرئيسي يحدث على عمق 250 كيلومترًا (155 ميلًا) في الأسفل.

Jose F . Vigil / USGS
Jose F . Vigil / USGS


يعتقد الفريق أن الضغط الذي تسببه درجات الحرارة المختلفة داخل الوشاح يمكن أن يتسبب في تيارات حمل حرارية صغيرة النطاق؛ وبشكل أساسي فإن هذه العمليات صغيرة النطاق يمكن أن تكون أكثر أهمية من التشوه الناشىء عن حركة الصفائح في أعلى الوشاح. ويشرح عالم الجيوفيزياء والمؤلف المشارك في الدراسة "جيمس غاهيرتي" James Gaherty الأمر قائلًا: "تشير بياناتنا إلى وجود عمليتين أخريين في الوشاح وتأثيرهما أقوى من تأثير الصفائح المتحركة".

ويكمل قائلًا: "أولًا: من الواضح أن طبقة الأثينوسفير تطفو بمفردها، لكنها أعمق ونطاقها أصغر؛ ثانيًا: يُشكل قاع المحيط الممتد على منطقة الصدع نسيجًا ليثوسفيريًا قويًا جدًا لايمكن تجاهله". لا تزال آلية عمل الأثينوسفير واتجاهات تدفق مواده غير واضحة تمامًا، لكن يوجد الآن أساس متين لدراسة مستقبلية؛ وقد نُشر عمل الفريق في مجلة "نيتشر" Nature.

لا يلقي هذا الاكتشاف الأخير وحده الضوء على ما يجري تحت سطح الأرض، ففي الشهر الفائت وجد باحثون من جامعة ولاية أريزونا فقاعتي صهارة (Blobs) كبيرتين داخل الكوكب -كل منهما بحجم قارة وتمتد 2900 كيلومتر (1800 ميل) نحو الأسفل، وتتكونان من مواد مختلفة عن بقية مواد الوشاح. 

يقول "إدوارد غارنيرو" Edward Garnero، العضو في الفريق: "بينما لا يزال أصل وتركيب هذه الفقاعات مجهولًا، إلا أننا نعتقد أنها تحمل دلائل هامة عن كيفية تشكّل الأرض وكيفية عملها اليوم". ربما تلعب هذه الفقاعات التي لم تكتشف في السابق دورًا في حركات الوشاح التي جرى تحليلها في الدراسة التي ذكرناها أولًا.

ومجددًا استُخدمت سرعة الموجات الزلزالية لتكتشف أن هذه الفقاعات السائلة مكونة من مواد مختلفة -مهما سيكون نوعها- عن المواد الأخرى حولها. وقد نُشرت هذه النتائج الجديدة في مجلة nature Geoscience.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات