نموذج (أوركا) جاهز للمحيطات المفتوحة

يشير اسمها إلى واحد من أكبر الحيوانات في البحر، ولكن أوركا(ORCA)،التسمية المختصرة لآلة راديومتر المحيط لقياس تخمين الكربون (Ocean Radiometer for Carbon Assessment)، ستراقب أصغر الكائنات البحرية. 

إذا اختيرت لمهمة طيران، سوف تدرس (أورْكا) العوالق النباتية المجهرية، وهي نباتات خضراء صغيرة جدا تطفو على الطبقة العليا من المحيط وتشكل قاعدة السلسلة الغذائية البحرية.

اعتُقِد في عام ٢٠٠١ بأنها الخطوة التكنولوجية التالية إلى الأمام في رصد لون المحيط. استَخدم فريق تطوير (أوركا) التمويل من البحوث الداخلية لغودارد (Goddard) وبرنامج البحوث والتطوير وبرنامج حضانة أدوات ناسا، لتطوير نموذج (IIP). اكتمل(أوركا) في عام ٢٠١٤، والجهاز الآن في تنافس ليُصبح الأداة الأولية في مهمة قادمة تخص علوم الأرض.

في حالة اختيارها، سوف تأخذ (أوركا) مراقبة لون المحيطات إلى المستوى التالي، مما سيساعد العلماء على قياس التمثيل الضوئي البحري بدقة أفضل، باعتباره عنصراً أساسيا في دورة الكربون والسلسلة الغذائية في المحيط.

مثل أسلافها التي تقيس لون البحر أيضا، سوف تراقب هذه الآلة العوالق النباتية التي تنتشر بشكل جماعي، وتغطي مئات الأميال المربعة من سطح البحر في آن واحد، تاركة وراءها أثراً واضحا يُرى من الفضاء. على وجه الخصوص، سوف يرصد الباحثون التغييرات العالمية في لون المحيط لتقدير تركيز الكلوروفيل، وهو الصبغة التي تستعملها النباتات في عملية التمثيل الضوئي –خلال تلك العملية، تُحَوّل النباتات الصغيرة الطاقة القادمة من الشمس وغاز ثنائي اكسيد الكربون، إلى المركبات العضوية الداعمة للحياة.

ينتهي حوالي ربع ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه الإنسان بالمحيط. قال تشاك ماكلين (Chuck McClain) الباحث المؤسس ل(أوركا) مع مجموعة غودارد للون المحيط: ''يُكَوّن المحيط حوضا كبيرا لثاني أكسيد الكربون، وجزء من هذا الحوض يتضمن بيولوجيا المحيط.''

بُنِيت (أوركا) على عمل علماء غودارد ومهندسين رائدين في تطوير أجهزة استشعار لون المحيطات. أُثْبِتت صحة مفهوم غودارد من خلال استخدام ماسح لون المنطقة الساحلية (the Coastal Zone Color Scanner) الذي حلق على متن نيمبوس ٧ (Nimbus 7) من عام ١٩٧٨ الى ١٩٨٦؛ هو أول مستشعر أثبت أنه بإمكاننا قياس كلوروفيل المحيط من الفضاء. إن مهمة جهاز الاستشعار البحري في مجال واسع للمشاهدة (SeaWiFS) التابعة لناسا، والتي جمعت البيانات من العام ١٩٩٧ الى ٢٠١٠، هي البعثة الرئيسية الأولى التي راقبت لون المحيط بانتظام لأجل بحوث مناخية على المدى الطويل. حاليا، يستخدم الباحثون مقياس الطيف التصويري المعتدل الموجود على المركبة الفضائية (Terra and Aqua) التابعة لناسا، بالإضافة إلى مجموعة الراديومتر المصوِّر للأشعة تحت الحمراء المرئية، الموجود على القمر الصناعي الوطني المشارك سومي (Suomi) ذات المدار القطبي.


الخصائص المميزة ل (أوركا) 


ما يميز (أوركا) عن أسلافها هي كفاءتها الفائقة الطيفية. بدلا من رصد عدد قليل من النطاقات المنفصلة عند أطوال موجية محددة منعكسة عن المحيط، تقيس (أوركا) نطاقات واسعة من ٣٥٠ نانومتر الى ٩٠٠ نانومتر بدقة ٥ نانومتر. وعِوَض اختيار صبغ لتمثيل كل لون من ألوان قوس قزح، سوف ترى (أوركا) قوس قزح كاملا، بما في ذلك درجات اللون الأخضر الذي يتداخل تدريجيا في اللون الأزرق. وبالإضافة إلى النطاقات الطيفية الفائقة، تحتوي الآلة على ثلاث نطاقات موجات قصيرة للأشعة تحت الحمراء، تقيس موجات محدودة بين ١٢٠٠ و٢٢٠٠ نانومتر لتطبيقات الغلاف الجوي. 

قال (ماكلين): ''نقيس ما يزيد عن مئة موجة؛ نبدأ من الأسفل بالأشعة فوق البنفسجية وهي موجات قصيرة جدا، ثم ننتقل إلى الموجات القصيرة للأشعة تحت الحمراء. حتى الآن، لا توجد أي آلة للأقمار الصناعية ترصد لون المحيط وتوفر مثل هذا النطاق الموجي؛ عدد أكبر من الأطوال الموجية المتصلة يعني المزيد من البيانات والملاحظات الأكثر دقة عن الطبقات العليا من المحيط. 

فال جيرهارد مايستر (Gerhard Meister) الباحث الرئيسي في (أوركا): ''عندما يكون لديك معلومات أكثر حول طيف الماء، يمكنك تحليل ما يوجد في الماء بشكل أفضل، معظم أنواع العوالق النباتية خضراء، ولكن لديهم أنواع مختلفة من اللون الأخضر، لذلك لديهم أطياف مختلفة قليلا. لذلك تحتاج إلى الكثير من الأطوال الموجية للتمييز بين هذه الاختلافات.''

بشكل خاص، سوف يحصل الباحثون على قياسات أكثر دقة لتركيزات الكلوروفيل.إن التركيز يعكس حجم انتشار العوالق النباتية ومقدار الكربون التي تحمله. سيما على ذلك، فالكشف عن الكلوروفيل في مختلف الأطوال الموجية سيمكن للباحثين من التمييز بين أنواع هذه العوالق النباتية. يستطيع الباحثون أيضا جمع المعلومات عن أنواع أخرى من الجسيمات الموجودة، مثل الرواسب العالقة في المناطق الساحلية. 

يحتوي النموذج الأولي ل(أوركا) على تلسكوب مسح، صُمّم لتغطية مسافة ٢٠٠٠ كم (١٢٤٣ ميل) من المحيط في نفس الوقت. فيُجَمِّع الضوء المنعكس من سطح البحر، الذي ينتقل بعدها عبر سلسلة من المرايا والمرشحات الضوئية والحواجز الشبكية، والعدسات. توجِّه هذه المكونات الضوء نحو صف من أجهزة الكشف التي تغطي كامل نطاق الأطوال الموجية.

كان الهدف من تطوير هذا النموذج هو استعداد (أوركا) للطيران مع وجود حد أدنى من الخطر. وقال (ماكلين):''جزء من مشروع (IIP) لم يكن فقط بناء (أوركا)، و كان أيضا تقييم الأداء بشكل دقيق للغاية. حاولنا المصادقة على أننا لبّينا جميع متطلبات الأداء، كل ما يمكننا القيام به من دون امتلاك أداة الطيران، وقد نجحنا في القيام بذلك. 

ويتفق مايستر قائلا: ''عندما وصلتنا المعلومات الفعلية من الآلة، أدركنا النجاح؛ هذه آلة جيدة حقا! فالآن، هذا النموذج مكتمل، وفريق (أوركا) ينتظر الضوء الأخضر لبدء العمل على النسخة التي سوف تطير في الفضاء.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات