فيزيائيون يرصدون مصدراً أساسياً لجسيمات

حاول الفيزيائيون البحث لعقود عن مصادر أكثر الجزيئات ما دون الذرية طاقة في الكون. أشعة كونية تضرب الغلاف الجوي بمقدار طاقي مساوي لقوة كرات البسيبول المقذوفة بشكل جيد.


قام فريق تلسكوب أرّاي Array وهو مجموعة من 507 مستشعر تغطي مساحة 700 كيلو متر مربع من صحراء يوتيه Utah باستكشاف بقعة في السماء حيث يبدو أن الأشعة الكونية تنشأ منها. وعلى الرغم أن هذا الأمر غير محسوم حتى الآن إلا أن المرصد يبين كون الأشعة الكونية تنتج من مصدر محدَّد قُرب مجرتنا وليس من مصادر منتشرة عدة عبر الكون.

 

وقد سلك العلماء هذا المنحى سابقاً عام 2007 حيث قام باحثون بمرصد بيير اوغير Pierre Auger بالتبليغ عن ظهور أشعة كونية شديدة الطاقة تنبعث من المراكز المتقدة لمجرات معينة ولكن فريق تلسكوب أرّاي رأى أن الرابط بين الأمرين يضعف أكثر عند النظر بشكل عام، آخذين بعين الإعتبار فقط الأدلة القائلة بأن الأشعة الكونية لا تصل بشكل متساوي من جميع الاتجاهات.

 

" إنها أكثر بساطةً ومباشرةً ، ولذلك فهي أقوى" هذا ما قاله جلينيز فارار Glennys Farrar وهو باحث نظري في جامعة نيويورك.

 

لا أحد يعرف كيف أن الأشعة الكونية شديدة الطاقة –البروتونات بشكل أساسي أو النوى الذرية الأثقل- تتطلب طاقة أكثر بملايين المرات من مسرعات الذرات التي بناها الإنسان. (وقد أَطلق الفيزيائيون على إحدى أولى هذه الجسيمات المكتشفة "جُسَيم يا إلهي). يُعتقد ان الأشعة الكونية الأقل طاقة تنبعث من بقايا الانفجارات النجمية المسماة المُستَعِر الأعظَم سوبرنوفا.

 

لكن مثل تلك الغيوم أصغر من ان تنتج الأشعة الكونية الأشدُّ طاقةً. وبدلا من ذلك فإن الباحثين توقعوا بشكل عام كون الأشعة الكونية الأشد طاقة دارت في الفضاء لملايين السنين بمسرعات فضائية غير محددة تساوي حجم المجرة.

 

هدف تلسكوب أرّاي هو المساعدة في حل ذلك اللُّغز. فعندما تضرب الاشعة الكونية عالية الطاقة الغلاف الجوي فإنها تختفي مُنهارةً إلى جسيمات أقلُّ طاقةً. وهذه الجسيمات تُشّغِل المستقبلات في التليسكوب مُمَكِّنَةً الباحثين من تتبع إتجاه وطاقة الشعاع الاصلي.

 

بين العامين 2008 و 2013 قام الباحثون بتقفِّي 72 شُعاع بطاقة تزيد عن 57 هيكسا الكترون-فولت وهي طاقة أعلى بخمسة عشر مليون مرة من أعلى طاقة تم تحقيقها في مسرع الجسيمات.

 

تسعة عشر منها ظهرت كمجموعة في بقعة في السماء بحوالي نصف قطر 20 درجة , وهذا ما صرح به هيروكي ساجاوا Hiroyuki Sagawa اليوم في مؤتمر صحفي في الجامعة وهو ممثل فريق تلسكوب أرّاي في جامعة طوكيو .

 

الإشارات ليست قوية كفاية ليعتبرها العلماء اكتشاف جديد, هذا ما حذَّرَ منه بيير سوكولوسكي Pierre Sokolsky من جامعة يوتيه في سولتليك سيتي Salt Lake City , وهو واحد من مئة وخمسة وعشرين شخص بفريق تلسكوب أرّاي.

 

يقول : " إنه لشيء ساحر على الصعيد الإحصائي وليدعو للإعجاب"بوجود ملايين الإشارات الزائفة حيث تظهر في السماء باثنين وسبعين نقطة غير معينة فإن الباحثين يوضحون كون فرصة ظهور مثل تلك البقعة الناتجة عن أشعة كونية غير محددة تساوي 1\2700 وهذا ما شرحه الفريق في مقال لهم في مؤتمر The Astrophysical Journal Letters .

 

تحليل مثل هذه المعلومات القليلة قد يكون مضللا بحسب كارلهينز كامبيرت Karl-Heinz Kampert وهو فيزيائي في جامعة فيبرتال في المانيا والمتحدث بالنيابة عن خمسمائة عضو في فريق اوجرAuger  .

 

ويقول أن باحثي تلسكوب أرّاي ليس لديهم سبب كافي لتوقع كون تلك البقعة ستكون بقطر عشرين درجة, وعليه فلا يمكن ان يكونوا على يقين أنهم لم يسوّوا ذلك النطاق ليؤكدوا على نحو غير متعمد وجود مثل هذا التجمع العشوائي للأشعة. ولكن ما يزال جديراً بالتصديق أن الفريق يرصد إشارات حقيقية و ذلك مثير للملاحظة أكثر لأن مرصد "اوغر" قد لاحظ قبلا تجمعات مماثلة في اتجاه مجرة Centaurus A " اكتشفنا ما قد تسميه بقعة متوهجة ."

 

وإن كان تلسكوب أرّاي قد بدأ برؤية مصدر الأشعة الكونية شديدة الطاقة فأن هويتها ما تزال مجهولة. حيث يعتقد الفيزيائيون بأن الأشعة الكونية ذات الطاقة القصوى لا يمكن ان تأتي من أبعد من 500 سنة ضوئية , ولما كانت التفاعلات مع الإشعاع المُنبَعِث من الإنفجار العظيم يجب أن تكون باقية من الأشعة الكونية القادمة من مصادر أكثر بُعداً. لكن ما من ترشيح واضح لوجود مسارع كوني قريب واقع على الخط المباشر الواصل مع البقعة التي تنشأ منها الأشعة, هذا ما يقوله سوكولوسكي وعلى الرغم من ذلك فقد لاحظ أن في تلك المنطقة خيط من المجرات التي تلتوي ناحية الارض وتتضارب تلك المجالات المغناطيسية في تلك السلسلة قد يساعد بتحريك الجسيمات كعمل مسارع كوني.

 

هذا ليس بالأمر المفاجئ , يقول فارار من جامعة نيويورك. في العقد الماضي قام الفيزيائيون بتطوير خرائط أكثر تفصيلا للحقل المغناطيسي داخل المجرة والذي يستطيع حرف الجسيمات المشحونة كالبروتونات. فهذه الحقول يمكن أن تحرف مسار بروتون عالي الشحنة بعشر درجات. وأكثر من ذلك بالنسبة للنوى الذرية الثقيلة . ومع ذلك يقول فارار : " لن أكون متفاجئاً إن تمكَّنا خلال خمس سنوات من توقع الإنحراف بمقدار درجات قليلة ." على الأقل بالنسبة للبروتونات .

 

وفي نفس الوقت فان فريق تلسكوب أرّاي يأمل باثبات إذا ما كانت البقعة حقيقية أم لا. مرصد أرّاي بني بتكلفة خمسة وعشرون مليون دولار بشكل أساسي من عائدات الحكومة اليابانية ويُدار بشكل رئيسي من قبل مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية. سوكولسكي وزملاؤه يتمنون توسيع المرصد بمضاعفة عدد المستقبلات وزيادة مساحة المنطقة بأربع أضعاف بتكلفة 6,4 مليون دولار للتطوير فإنه سيمكنهم من جمع خمسة أضعاف البيانات في سنينٍ قليلة وحسم المسألة أخيراً .

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات