معضلة عصرنا

رسم تخطيطي للتاريخ الكوني. دعا العلماء للانتباه إلى معضلةٍ مهملة لتوسع الكون: على الرغم من أن التوسع الخارجي المُبين في الرسم (الذي يُمثل التسارع الكوني) قد يكون بدأ في أي وقت، فمن الغريب أنه بدأ في وقتنا.


حقوق الصورة: NASA / WMAP 


إحدى النجاحات الأكثر أهمية في علم الفيزياء الفلكية في القرن الأخير كانت اكتشاف حقيقة أن عمر الكون كما تم قياسه بواسطة أقدم نجومه عمراً، كان مساوياً للعمر المُقدر بطريقةٍ مختلفةٍ تماماً، وهي من ركود المجرات. كلتا الطريقتين قدمتا أرقاماً كبيرةً جداً –مليارات السنين– ما وفر تأكيداً على أن كلتا الطريقتين كانتا تسيران على الطريق الصحيحة.

 

لكن القيمتين لم تكونا متطابقتين وأدرك العلماء بسرعة وجود تناقضٍ كبير: فأقدم النجوم كانت بعمرٍ يزيد عن عمر الكون نفسه. كانت عمليات تحسين القياسات والنماذج من أجل حل هذا التناقض قيد التنفيذ حتى عام 1998 عندما تم اكتشاف التسارع الكوني (cosmic acceleration). حيث أثبت ذلك بسرعةٍ أنّ الكون أقدم بكثير مما كان يُعتقد سابقاً، أقدم من أقدم النجوم عمراً. 

لكن، كانت هناك معضلةٌ في ذلك الاكتشاف: يتم التحكم بحركة الكون بواسطة المادة، التي تميل جاذبيتها إلى إبطاء عملية التوسع، بالإضافة إلى التسارع الذي يزيد من سرعة التوسع. وبما أن الكون يتضخم فإن معدل كثافة المادة فيه سينخفض بانتظام، ومع الوقت سوف تنخفض قيمة ذلك المعدل أكثر فأكثر.

 

الغريب في الأمر، أن تلك القيمة تساوي اليوم إلى حدٍ كبير قيمة معامل التسارع (the acceleration parameter) (عند التعبير عنهما باستخدام الوحدات نفسها). لماذا؟ كان هناك معضلةٌ أخرى أيضاً: يمكن للحجم النظري الخاص بمعامل التسارع أن يكون أي شيء تقريباً. في الواقع، تقترح عمليات حسابية أساسية في ميكانيكا الكم أنه يجب أن يكون أكبر بكثير مما هو عليه. يبقى سبب كونه صغيراً كما نقيسه لغزاً. 

قام عالما الفلك أرتورو أفيلينو Arturo Avelino وبوب كيرشنار Bob Kirshner من مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية CfA بنشر ورقةٍ علمية تثير الانتباه بخصوص معضلةٍ أخرى. لم يتوسع الكون بمعدلٍ ثابت والذي كان مجرد مزيجٍ من هذين العاملين.

 

خلال التسعة مليارات سنة الأولى من تطور الكون، هيمنت عملية التقلص وبدأ توسع الكون بالتباطؤ تدريجياً. وبما أن الأهمية النسبية للتسارع الكوني تزداد مع الوقت فقد هيمن التسارع خلال الخمس مليارات سنة الأخيرة وزادت سرعة توسع الكون. لكن الغريب في الأمر، أن الكون يبدو اليوم كما لو أنه توسع بانتظام دائماً بمعدلٍ ثابت (المعدل اللازم لمنع إعادة انهيارٍ نهائي). 

مع أن ذلك يبدو مشابهاً للمعضلة الأصلية، يصف المؤلفان سبب كون هذه الأحجية مختلفة في الواقع: نحن نعيش (على ما يبدو) في حقبةٍ مميزة، لا تمتلك الأحاجي الأخرى هذا النوع من التضمين، لا تزال تفسيرات هذه المعضلات غير معروفة.

 

في حال وجود أنواعٍ جديدة ومحددة من الجسيمات الأساسية، يقترح العلماء إمكانية قدرتها على توفير الحل، ولكن إلى الآن فإن الشيء الوحيد المؤكد هو الحاجة إلى المزيد من الأبحاث الرصدية.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات