جهاز محمول جديد لتحديد درجة

تتفاوت الأورام في أشكالها وأحجامها و.... "إسفنجيتها"، فقد تَبيّن أن هذه الخاصية مهمة إذا أردنا أن نعرف كيفية علاج هذه الأورام.

صمَّم مهندسون من جامعة كاليفورنيا الجنوبية أداة بحجم حقيبة الظهر يمكن أن تضغط مجموعة متنوعة من المواد بلطف بحيث تتمكن من تحديد "مُعامل يونغ" Young’s modulus بشكل دقيق، وهي الطريقة العملية لتحديد درجة "الإسفنجية".

وقد أظهرت الاختبارات الأولية أن الأورام الأكثر عدوانية تكون بشكل عام أكثر قساوة، لكنّ هذه العلاقة المعقدة ستحتاج إلى المزيد من الأبحاث حسب ما يقول المهندسون.

"لا يؤذي هذا الجهاز العينة على الإطلاق، مما يسمح للباحثين بالاستمرار بإجراء الاختبارات عليها"، حسب ما يقول مارك هاريسون Mark Harrison الطالب المتخرج من كلية فيتربي الهندسية التابعة لجامعة كاليفورنيا الجنوبية، والباحث الرئيسي في هذه الدراسة، والتي نُشرت في دورية Applied Physics Letters في الرابع عشر من مايو/أيار الماضي.

احتاجت النماذج السابقة من كواشف الإسفنجية إلى الارتصاف الدقيق الذي يتطلب وقتاً، كما كانت حساسة للغاية للاهتزاز في الوسط المحيط. وللتغلب على هذه المصاعب فإن الجهاز الجديد يعتمد على الألياف البصرية (fiber optics)، مستفيداً بذلك من صناعة الاتصالات.

يضغط هذا الجهاز العينة فوق ليف ضوئي، مما يؤدي إلى تبدل استقطاب الليزر الموجود في الداخل بطريقة يمكن التنبؤ بها وتسمح للباحثين بحساب معامل ‘يونغ’.

"نمتلك مسبقاً معدات قادرة على قياس معامل يونغ للمواد المختلفة، لكن هذه المعدات كبيرة وتحتاج إلى المعايرة في كل مرة بعد تحريكها من مكانها" حسب ما تقول أندريا أرماني Andrea Armani الأستاذة المساعدة في كلية فيتربي الهندسية التابعة لجامعة كاليفورنيا الجنوبية، والمؤلفة المشاركة في الدراسة التي تم من خلالها الإعلان عن الجهاز، الذي تم تصنيعه بالتنسيق مع شركة هاريسون.
 

وتضيف أرماني: "يمكن حمل هذا الجهاز من غرفة لأخرى في المستشفى، ولا يحتاج تشغيله إلى مهندس". استوحت أرماني -وهي أحد القادة العالميين الشباب في المنتدى الاقتصادي العالمي 2015- هذه الفكرة بعد حوار مع زميلها ديفيد أغوس David Agus، الذي أطلعها أنه قد تم مؤخراً الكشف عن العلاقة بين درجة إسفنجية الورم والعدوانية الخاصة به، ولكنه كان يفتقر إلى جهاز سهل الاستخدام لقياس هذه الخاصية.

ويصرح أغوس -وهو أستاذ الطب والهندسة في كلية "كيك" الطبية وكلية "فيتربي" التابعتين لجامعة كاليفورنيا الجنوبية- قائلاً: "يعتبر هذا التطوير الذي أنجزته الدكتورة أرماني مثيراً للغاية، فالآن حصلنا على بُعد جديد يمكن قياسه في الأورام. ونحن نقوم بدراسة دور معامل ‘يونغ’ بالاشتراك مع الدكتورة أرماني للمساعدة في تحسين معالجة مرضى السرطان من خلال اختيار المعالجة الأنسب لكل مريض".

بالإضافة إلى تقييم دور الجهاز في الاستخدام السريري، فهناك أيضاً اهتمام متزايد بقضية أكثر جوهرية، ألا وهي فهم العلاقة بين الأنماط المختلفة من الأورام وبين خصائصها الميكانيكية. يعتبر هذا المجال البحثي الجديد جزءاً من الاهتمام المتزايد بعلم فيزياء الأورام (physical oncology) -وهو العلم المعني بدراسة الخصائص الفيزيائية للسرطان.

ركزت الأبحاث السابقة على التركيب الكيميائي للأورام، وتُركز معظم الاختبارات الحالية التي تهدف إلى استقصاء طبيعة الأورام السرطانية على بنيتها الكيميائية، وهي من الخصائص الهامة التي ينبغي فهمها، لكنها لا تعطي الصورة كاملة.

"يشكل علم فيزياء الأورام مقاربة جديدة كلياً للتعامل مع مشكلة السرطان، وقد يكون قادراً على منح العلماء قدراً كبيراً من البصيرة، إذ يُحاول العلماء في جميع أنحاء العالم فهم مرض السرطان لدى الإنسان وعلاجه، وفي النهاية منع حدوثه" حسب ما يقول بيتر كون Peter Kuhn الأستاذ في جامعة "دورنسايف" للآداب والفنون والعلوم التابعة لجامعة كاليفورنيا الجنوبية، والذي ساعد الشهر الماضي في إطلاق مجلة جديدة حول علم فيزياء الأورام تعتمد مقالاتها على مراجعة الزملاء (peer-reviewed).

وتعقب أرماني قائلة: "نظراً لأمان هذا الجهاز واستقراره ودقته، فهو قد يلعب دوراً محورياً في كل من الجهود التشخيصية والبحثية، حيث يؤمن طريقة سريعة لمسح العينات."

تقدمت أرماني بالاشتراك مع شركة ‘هاريسون’ بطلب للحصول على براءة اختراع، وستعمل لاحقاً مع ‘أغوس’ وبقية أفراد الفريق في مركز الطب الجزيئي التطبيقي لاختباره في الاستخدامات السريرية، وهم يأملون أن يتم تطوير نسخة أكثر حساسية من هذا الجهاز في المستقبل بحيث يساعد في تحديد درجة الإسنفجية في جميع الأورام.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات