يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الفلكيون يعبرون عن قلقهم مع قرب دخول آلاف الأقمار الصناعية الجديدة إلى المدار

حقوق الصورة: (Stuart Grey/University of Strathclyde/YouTube)


أصبح المدار السفلي حول الأرض عبارة عن بيئةٍ مزدحمةٍ على نحو متزايد منذ إطلاق القمر الصناعي سبوتنيك1 Sputnik1 في عام 1957، حيث أُطلق أكثر من 2200 قمرٍ صناعيٍّ حتى الآن.

إنّ هذه الأقمار الصناعية -إلى جانب مكونات مركبة الإطلاق والحطام الناتج عن التفكك الميكانيكي والاصطدام والانفجارات– قد أدّت إلى ملء المنطقة حاليا بـ "ضباب" من الحطام الفضائي.

وقد أصبحت أكثر ازدحاماً بعد أن أطلقت شركة سبيس إكس SpaceX في الأسابيع القليلة الماضية 60 قمراً صناعيّاً جديداً كجزء من برنامج ستارلينك Starlink، وبذلك يصل الإجمالي إلى 400 قمرٍ صناعيٍّ تقريبا من نوع ستارلينك في المدار المنخفض للأرض كجزء من برنامج يهدف إلى توفير وصول الإنترنت إلى الجميع بكلفةٍ رخيصة عبر الأقمار الصناعيّة. يمكن لهذا البرنامج في نهاية المطاف وضع ما يقارب 12,000 قمرٍ صناعيٍّ في المدار حول الأرض.

وبانضمام شركتي أمازون Amazon وتيليسات Telesat الكنديّة وغيرها من كوكبات الأقمار الصناعية ذات الحجم المماثل، فإنَّ مدار الأرض المنخفض يزداد ازدحاماً.



يتراوح حجم الحطام من بضعة ميكرونات إلى عدة أمتار. أعطى ستيوارت جراي Stuart Grey، مهندس الطيران في جامعة ستراثكلايد، تصوراً مذهلاً يسلط الضوء على أكثر من 20,000 جرمٍ يزيد حجمها عن 10 سنتيمترات تدور الآن حول الأرض، ولكن هناك ملايين الأجرام التي يبلغ حجمها مليمتراً واحداً وأصغر.

إغلاق نافذتنا المطلة على الكون؟


يعبر علماء الفلك الهواة عن قلقهم إزاء العدد المتزايد من الأجرام الساطعة والمتحركة في سماء الليل، ولكن القلق ربما يكون أكبر بكثير بالنسبة للمحترفين منهم.

يحمل ازدحام المدار المنخفض للأرض عواقب حتميّة بالنسبة لعلماء الفلك الأرضي؛ فمن الممكن أن تعكس الأسطح الساطعة على الأقمار الصناعيّة أشعة الشمس مما يؤدي إلى اندفاعٍ شديدٍ لأشعة الشمس الموجهة نحو سطح الأرض.

تعتبر مثل هذه الاندفاعات الشديدة للضوء أقوى بكثير من مصادر الضوء الضعيفة التي يلاحظها الفلكيون عادةً، كما أنها سوف تعوق رصد الأجرام البعيدة في الفضاء.

لقد أُنفقت المليارات على التلسكوبات البصرية الموجودة، وسَتُنفق المزيد من المليارات على برامجَ جديدةٍ في العِقد المقبل، مثل التلسكوب الأوروبي فائق الكبر الذي يُبنى على هضبة أتاكاما في تشيلي.

إن هناك منافسةً شديدةً على مدة الرصد في هذه الموارد، لذلك يجب أن يؤخذ أي تهديد محتمل من انعكاسات الأقمار الصناعيّة على محمل الجد؛ لأنه قد يجعل بعض عمليات الرصد التي تقودنا لفهم تطور الكون مستحيلة.

أكدت سبيس إكس للجمهور أن أقمار ستارلينك الصناعيّة لن تشارك في هذه المشكلة، وتقول إنها تتخذ خطوات للتخفيف من آثار أقمارها الصناعية على عمليات الرصد الفلكيّة -حتى أنها ستقوم باختبار ما إذا كان وضع طلاء أسود على أقمارها الصناعية يمكن أن يقلل من رؤيتها، إضافة إلى تعديل بعض مدارات الأقمار الصناعيّة إذا لزم الأمر.

مع إطلاق 3% تقريبا من الكوكبة المخطط لها، فإن شركة سبيس إكس على الأقل تستجيب للمخاوف التي أثارها علماء الفلك. نأمل أيضاً أن تكون الوكالات الأخرى التي تخطط لإطلاق كوكبة الأقمار الصناعيّة مقدمة في خططها هدفاً لتقليل هذه المشكلة الخطيرة لعمليات الرصد الفلكيّة.

إنّ للازدحام في المدار المنخفض للكرة الأرضية عواقبَ على الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية الأخرى، بما في ذلك تلك المصممة لنقل البشر.

تسعى الأقمار الصناعية كذلك إلى تحقيق التوازن بين سرعتها وتأثير جاذبية الأرض عليها من أجل الوصول إلى المدار. تعتمد السرعة التي يجب أن يتحرك بها القمر الصناعي لتحقيق هذا التوازن على مدى ارتفاعه فوق الأرض، فكلما كانت الأرض أقرب كانت السرعة المدارية أسرع.

إن السرعة المدارية المطلوبة على ارتفاع 124 ميلاً (200 كيلومتر) هي أكثر بقليل من 17,000 ميلٍ في الساعة (حوالي 7.4 كيلومتر/ثانية). وسيحافظ أيّ جسمٍ يسقط بواسطة قمر صناعي أو مركبة أخرى في المدار على سرعته المدارية ذاتها، ولذلك يمكن أن تحدث الاصطدامات بين هذه الأجسام بسرعات متداخلة تصل إلى 34,000 ميلٍ في الساعة على ارتفاع 124 ميلاً (في حال كانت وجهاً لوجه). يمكن أن تكون نتائج هذه التأثيرات خطيرة على روّاد الفضاء والمحطات الفضائية –مثلما حصل أثناء المشهد الافتتاحي الدرامي لفيلم Gravity لعام 2013.

تمتلك الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية غطاء حماية من الصدمات صُمم لمنع الأجسام الأصغر من 1 سم من الاصطدام بها. سيضمن غطاء الحماية ذلك في أفضل الأحوال-على الرغم من أنّ الاندفاع الكهرومغناطيسي الناتج عن ذلك قد يتداخل مع الأنظمة الإلكترونية.
أما في أسوأ الأحوال، فيمكن أن تخترق قطع كبيرة من النفايات الفضائية المركبات، مما يمكن أن يؤدي إلى أضرار داخلية وحدوث تفكك من شأنه تهديد سلامة البعثة.

ولذلك فقد وضعت وكالات الفضاء مثل وكالة ناسا NASA ووكالة الفضاء الأوروبية ESA برامج بحثية للحطام المداري لرصد مثل هذا الحطام، ووضع استراتيجيات للسيطرة على آثاره.

ليس هناك شك في أن الاستخدام المتزايد للفضاء والمتاجرة به يزيد من خطر حصول الأحداث الكارثية المرتبطة بالحطام المداري، ولذلك يتوجب على الوكالات الحكومية والتجارية على حد سواء الاعتراف بذلك ودعم الجهود المبذولة لتقليل احتمالية حدوث مثل هذه الأحداث من خلال اتخاذ خطوات لإزالة الحطام الموجود وتقليل الجهد الذي يمكن أن يسبب المزيد من الحطام وذلك عن طريق إزالة الأقمار الصناعية الزائدة والمركبات الفضائية الأخرى. على سبيل المثال، يستخدم القمر الصناعي Remove DEBRIS حربة على متن السفينة لالتقاط القمامة.

سيصبح كل من نافذتنا المطلة على الفضاء وطريقنا إليه مفتوحين كليّاً فقط حين نحل مشكلة النفايات الفضائية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الجاذبية (gravity): قوة جذب فيزيائي متبادلة بين جسمين.

اترك تعليقاً () تعليقات