تغيرات سريعة تشير إلى منشأ رياح فائقة السرعة في ثقب أسود

عملت تلسكوبات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA ووكالة الفضاء الأوروبية ESA على أدق عملية رصد تفصيلية لرياح فائقة السرعة تتدفق بالقرب من ثقب أسود بسرعة تعادل ربع سرعة الضوء.


يعتبر الغاز المتدفق سمة مشتركة بين الثقوب السوداء هائلة الحجم التي تقع في مركز المجرات الكبيرة. يصل حجم هذه الثقوب السوداء من مئات إلى مليارات أضعاف حجم الشمس، و تتغذى على الغاز المحيط بها والذي يدور حولها. تلتقط التلسكوبات الفضائية هذه الانبعاثات المشرقة، بما فيها الأشعة السينية، من أعمق جزء من القرص المحيط بالثقب الأسود.


أحيانا، تأكل الثقوب السوداء الكثير من الغاز المحيط، مما يؤدي إلى إخراج رياح فائقة السرعة. تعد هذه الرياح سمة مهمة للدراسة، لما قد تحمله من تأثير قوي على نسق نمو المجرة المضيفة، عن طريق إبعاد الغاز المحيط بها، وبالتالي إخماد ولادة النجوم.


باستخدام تلسكوب وكالة الفضاء الأوروبية XMM-Newton وتلسكوب وكالة الفضاء الأمريكية NuStar ، قام العلماء بأدق عملية رصد تفصيلية حتى الآن لمثل هذا التدفق، القادم من مجرة نشطة تدعى IRAS 13224–3809. بلغت سرعة الرياح المسجلة المتدفقة من الثقب الأسود 71000 كيلومتر في الثانية، أي ما يعادل 0.24 مرة من سرعة الضوء. مما وضعها في مقدمة أسرع 5% من رياح الثقوب السوداء المعروفة.


ركز تلسكوب XMM-Newton على الثقب الأسود لمدة 17 يوما متواصلا، كاشفاً بذلك عن الطبيعة شديدة التغيّر للرياح. يقول مايكل باركر Michael Parker من معهد الفلك Institute of Astronomy في جامعة كامبريدج Cambridge في المملكة المتحدة، و المؤلف الرئيسي للورقة البحثية التي نشرت في مجلة نيتشرNature هذا الأسبوع والتي تصف النتيجة الجديدة: "نحن غالباً عندما نرصد شيئاً ما نرصده لمرة واحدة، وبعد عدة شهور أو ربما سنوات نرصده مرة أخرى لملاحظة إذا ما كان ثمة أي تغيير".


و يضيف "بفضل حملة الرصد الطويلة هذه، تمكنّا لأول مرة من رصد تغيّرات في الرياح بمعدل زمني أقل من ساعة" تمت رؤية التغيّرات عن طريق ازدياد درجة حرارة الرياح، وهي دليل على استجابتها للانبعاثات المتزايدة من الأشعة السينية التي تنطلق من القرص القريب من الثقب الأسود.


إضافة إلى ذلك، فقد كشفت حملة الرصد عن تغير في البصمة الكيميائية للغاز المتدفق، فكلما ازداد انبعاث الأشعة السينية، تتجرّد الإلكترونات في الرياح من ذراتها، وتمحو بذلك بصمة الرياح التي ظهرت في البيانات. ويقول المؤلف المشارك أندرو فابيان Andrew Fabian من معهد الفلك و الباحث الرئيسي للمشروع: "تغيرت بصمة الرياح الكيميائية مع قوة الأشعة السينية في أقل من ساعة، وهي أسرع بمئات المرات من أي وقت شوهدت فيه".


ويضيف: "إنها تسمح لنا بربط انبعاثات الأشعة السينية الناتجة عن المواد الساقطة في الثقب الأسود مع تغيرات الرياح المتدفقة بعيداً". ويضيف نوربرت شارتل Norbert Schartel عالم مشروع ESA’s XMM-Newton: "إن العثور على مثل هذا التباين، وإيجاد أدلة لهذا الارتباط، هو خطوة رئيسية في فهم الطريقة التي تنطلق فيها هذه الرياح وتتسارع، وهذا بدوره جزء أساسي في فهم قدرتها على إبطاء تشكّل النجوم في المجرة المضيفة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات