عطارد في وجه الشمس: العبور الكوكبي النادر

يقع هذا الحدث ما يقرب مرة أو أكثر في كل عقد، والفرصة التالية لرؤيته هي يوم الاثنين 9 أيار/مايو. 


يمكن لمراقبي السماء أن يشاهدوا عطارد وهو يمر بين الأرض والشمس في حدث فلكي نادر يسمى العبور الكوكبي، حيث سيظهر عطارد كنقطة سوداء صغيرة بينما يعبر أمام قرص الشمس المتوهج خلال فترة تمتد 7 ساعات ونصف، وستقوم ثلاثة أقمار صناعية تابعة لناسا بتزويدنا بصور لهذا العبور، وأحد هذه الأقمار سيكون في تغطية شبه مباشرة للحدث.



العبور الكوكبي لعطارد عام 2016 (بصورة تخيلية هنا) الذي سيحدث بين 07:12 صباحاً و 02:42 بعد الظهر بالتوقيت الشرقي الصيفي في التاسع من أيار/مايو.
مصدر الصورة ناسا

 

رغم أن عطارد يكمل دورته حول الشمس كل 88 يوماً، فإن الأرض والشمس و عطارد نادراً ما يصدف تراصها معاً لأن عطارد يدور في مستوى مائل عن مدار الأرض، فهو غالباً ما يتحرك أعلى أو أسفل خط رؤيتنا للشمس، ونتيجة لذلك فعبور عطارد يحدث فقط حوالي 13 مرة كل 100 عام.


تقدم هذه العبورات فرصة مهمة لدراسة كيفية حركة الكواكب والنجوم في الفضاء، وهي المعلومات التي استُخدمت لعقود من أجل فهمٍ أفضل لنظامنا الشمسي، ومازالت تساعد العلماء اليوم لمعايرة أدواتهم. وستقوم ثلاثة تلسكوبات شمسية تابعة لناسا برصد العبور الكوكبي لذاك السبب فقط.


سيحدث عبور كوكب عطارد بين 07:12 صباحاً و 02:42 بعد الظهر بالتوقيت الصيفي الشرقي للولايات المتحدة. لا يمكن رؤية عطارد من دون تكبير لكونه صغير جداً نسبة إلى الشمس، لكن يمكن رؤيته باستخدام تلسكوب أو منظار مزودين بفلتر شمسي لأنه ليس بإمكانك أن تنظر للشمس مباشرةً.


يقول لويس مايو Louis Mayo مدير البرنامج في مركز غودارد لأبحاث رحلات الفضاء في غرينبيلت التابع لناسا: "يتحمس علماء الفلك عندما يقترب شيئان من بعضهما في السماء" ويضيف: "إنه شأن عظيم بالنسبة لنا".


لعبت عبوارت عطارد دوراً أساسياً ساعد علماء الفلك عبر التاريخ. ففي عام 1631 رصد العلماء أول عبور عطارد للمرة الأولى، وهذه الأرصاد سمحت لعلماء الفلك بقياس الحجم الظاهري لقرص عطارد، كما ساعدتهم في تقدير المسافة بين الشمس والأرض. 


قال مايو: "بالعودة إلى عام 1631 كان العلماء يقومون فقط بالرصد البصري على تلسكوبات صغيرة جداً مقارنة بالتلسكوبات القياسية في يومنا هذا". ومنذ ذلك الحين، سمحت لنا التطورات التكنولوجية بدراسة الشمس والعبورات الكوكبية بتفاصيل أكبر وبالمقابل ستساعدنا العبورات باختبار مراكبنا الفضائية و معداتنا.


سينشأ تعاون لدراسة العبور بين كل من علماء المرصد الشمسي وغلافها Solar and Heliospheric Observatory أو اختصاراً سوهو SOHO (والذي تشغله بشكل مشترك كل من ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية) وعلماء المرصد الديناميكي الشمسي Solar Dynamics Observatory أو اختصاراً SDO. 


كما سترصد مهمة هينود الشمسية Hinode أيضاً هذا الحدث، وهينود هي مهمة تعاون مشترك بين وكالات الفضاء في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأوروبا، تقودها وكالة استكشاف الفضاء اليابانية.



مرصد سوهو . رصد عطارد عندما عبر من أمام قرص الشمس خلال آخر عبور له في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2006 كما يظهر في هذا الفيلم. سيرصد سوهو أيضاً هذا العبور في التاسع من أيار/مايو 2016.
مصدر الصورة: ناسا

 

انطلق مرصد سوهو في كانون الأول/ديسمبر عام 1995 وعلى متنه 12 أداة لدراسة الشمس بدءاً من مركز الشمس العميق وصولاً إلى تأثير الشمس على باقي النظام الشمسي. تم إيقاف اثنين من أدواتها منذ خمس سنوات وسيعاد الآن وضعهما في إطار العمل الكامل بهدف أخذ القياسات خلال العبور. وهناك أمر آخر سيقيسه وهو محور دوران الشمس باستخدام صور التقطت من قبل المركبة الفضائية.


قال عالم مشروع سوهو جوزيف غورمان Joseph Gurman: "تستخدم الأدوات على متن SOHO و SDO خطوطاً طيفية مختلفة وأطوالاً موجية متنوعة ويتمتعان بخواص بصرية متمايزة قليلاً لدراسة التذبذب الشمسي". ويتابع: "ستساعدنا قياسات العبور لنحدد محور دوران الشمس بشكل أفضل". تمثل هذه البيانات جزءاً من مسيرة رصد طويلة ستساعدنا بمجملها لفهم كيفية تغير الشمس خلال ساعات وأيام وأعوام وعقود.

يقول غورمان: "كان من الصعب رصد العبور، فإذا كنت على سبيل المثال في مكان ذي طقس سيء فإنك ستكون قد فوتّ فرصتك وعليك الانتظار حتى المرة القادمة. ستساعدنا هذه الأدوات لنقوم بالرصد على الرغم من أي عوائق أرضية".

سيكون مرصد SDO قادراً على استخدام العبور ليساعد في اصطفاف الأدوات لأن العلماء يعلمون بدقة أين سيكون عطارد بالنسبة للشمس، وسيتمكنون من استخدامه كمَعلم لضبط أجهزتهم بدقة إلى الجهة التي يجب أن تتجه بها. يمكن استخدام العبور أيضاً ليساعد في ضبط أجهزة الفضاء كما يؤمّن الظلام الكلي للكوكب فرصة لدراسة التأثيرات على رصد الأشعة الشاردة ضمن الجهاز.

يجب أن يظهر الوجه الخلفي لعطارد أسود اللون بينما يعبر وجه الشمس لكن بما أن الأدوات تسبب تبعثر بعض الضوء فسيظهر عطارد مضاءً بشكل خفيف. يقول دين بيزنيل Dean Pesnell عالم مشروع SDO: "يشبه الأمر إلى حد ما الإصابة بإعتام عدسة العين حيث سترى نجوماً و أطيافاً تحيط بضوء ساطع كما لو كنت تنظر عبر زجاج متسخ أو ضبابي، وتلك هي ذات المشكلة التي نواجهها مع أجهزتنا". 

يخضع العلماء الصور لبرنامج حاسوبي لتقليل ذلك التأثير و محاولة إزالة كل الضوء المتبعثر. أما بالنسبة لنا نحن سكان الأرض، يستحق الأمر أن نبحث عن ناد فلكي محلي لديه تلسكوب شمسي لنرى إذا كان بإمكاننا أن نشهد هذا الحدث النادر. أما إن لم تستطع يمكنك بدلاً من ذلك أن تشاهد التغطية شبه المباشرة التي تقدمها صور مرصد SDO. على الرابط هنا
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات