توضح الصورة: هيكل الكوارك في البروتون. هناك كواركان من نوع علوي، وواحد سفلي. وتُربط هذه الكواركات معاً بقوة شديدة من قبل الغلونات "التي تظهر بشكل متموج". لدى القوة الشديدة ثلاثة أنواع من الشحنات، تُسمى بالحمراء والخضراء والزرقاء. لاحظ أن اختيار اللون الأخضر للكوارك السفلي عشوائي؛ والفكرة أن "لون الشحنة" يتم تداوله بين الكواركات الثلاثة.
لثلاثة عقود تقريباً، لم يكن الفيزيائيون قادرين على إجابة سؤال يبدو بسيطاً: من أين يأتي غزل (سبين) البروتون؟
مجموع سبينات الكواركات الثلاثة المكونة للبروتون يبدو واضحاً من حيث المبدأ، لكن واجه الفيزيائيون خللاً معيناً يبدو عنيداً. في عام 1988، صُدم مجتمع الفيزياء بإعلان تعاون ميون الأوروبي EMC في سيرن CERN، أن مجموع سبينات الكوراكات الثلاثة المكونة للبروتون أقل بكثير من سبين البروتون نفسه. شكك هذا الاكتشاف في الفكرة الأساسية في الفيزياء القائلة أن مقدار أي كمية فيزيائية على الجانب الأول من المعادلة يجب أن يساوي الجانب الآخر.
اكتشف الباحثون في EMC أن مجموع السبين للكواركات يشكل فعلياً ما لا يزيد عن 24% من سبين البروتون، وحتى يمكن أن يساهم بكمية قليلة تصل إلى 4، بعبارة أخرى لاشيء عملياً.
أثار هذا الاكتشاف بداية "أزمة السبين". يتذكر جيرهارد مالوت Gerhard Mallot وهو فيزيائي كبير في سيرن، كيف كان الناس قلقين وكيف خمّنوا أن التجربة كانت خاطئة أو حتى أن النظرية التي قامت عليها التجربة والمعروفة باسم الكروموديناميكا كمومية (quantum chromodynamics) أو اختصاراً (QCD)، قد لا تكون صحيحة.
في نهاية المطاف، أكدت تجارب التشتيت في مركز المسرع الخطي في ستانفورد SLAC وفي سيرن ومختبر DESY في ألمانيا، أن سبين الكوارك يساهم بـ30% (مع زيادة أو نقصان 5%) من سبين البروتون الكلي، لكن هذا يترك 56-70% من عزم البروتون غير معروف المصدر.
في عدد يونيو/حزيران 2015 من مجلة Physics World، يصف الكاتب العلمي إدوين كارتليدج Edwin Cartlidge كيف كرّس الباحثون طاقتهم لإيجاد مصادر بديلة محتملة لسبين البروتون، منها أن الكواركات والغلونات –الجسيمات التي تربط الأنواع المختلفة من الكواركات بقوى نووية قوية– تكتسب العزم أثناء دورانها حول محور دوران البروتون، أو ربما من سبين الغلونات نفسها.
يدور النقاش الساخن بين العلماء النظريين فقط حول مقدار مساهمة كلٍّ من هذه المكونات في سبين البروتون الكلي، وتقترح أحدث دفعة من البيانات من مصادم الأيونات الثقيلة بسرعات النسبية (Relativistic Heavy Ion Collider) أو اختصاراً (RHIC) في مختبر بروكهافن الوطني في لونغ أيلاند-نيويورك، أن سبين الغلونات قد يكون المتهم الرئيسي.
يقول العالم النظري في جامعة توبنجن بألمانيا فيرنر فوغيلسانغ Werner Vogelsang أن هذه النتائج والتي تثبت أن سبين الغلونات يساهم بـ40% أزاحت "وضع الأزمة" المحيط بعملية البحث عن السبين المفقود.
مع قدوم هذه التقديرات الموثوقة، قد يظن المرء أنه لم يتبقى سوى ثلث قيمة السبين غير معروفة المصدر، لكن يعتقد بعض الفزيائيين أن مشكلة السبين بعيدة كل البعد عن أن تكون قد حُلَّت، ويدعون إلى جهاز جديد وهو مصادم إلكترون-أيون (EIC)، والذي سيجمع بين تجارب حزم البروتون مع دقة الإلكترونات ويصل إلى طاقات تصادم تصل إلى 140 جيجا إلكترون فولت.
يشير فوغيلسانغ إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من البيانات لتسوية الخلاف، ويضيف أن "الشيء الوحيد الذي يجب فعله هو دفع التجارب نحو هذه النطاقات ورؤية ماذا يحدث هناك، فقد تكون هناك مفاجآت لا تزال مختبئة".