علماء يعيدون خلق الشعلة الأولى للحياة

على الرغم من أنَّنا قد لا نعرف أبداً كيفية بدء الحياة على الأرض، إلا أنه لدى عدد من العلماء، أفكار مختلفة تُحاول الإجابة عن هذا السؤال المذهل والمعقَّد أيضاً.

يعتقد البعض أن كويكباً أو مذنباً قام بصدم الأرض الأولية، وربما قدم لها الشروط الملائمة من أجل إيقاد عملية تشكل لِبنَات البناء الكيميائية اللازمة للحياة. واليوم؛ حصل العلماء على أدلة محيرة تعود إلى هذه الفكرة.

باستخدام الليزر عالي الطاقة من أجل محاكاة التصادم، خلق علماء من أكاديمية العلوم في جمهورية التشيك أربعة مكونات أساسية موجودة في الحمض النووي الريبي (RNA) المرتبط بالـ DNA؛ وتم الأمر بالاعتماد على حساء كيميائي.

في الوقت الذي لا يُمكن فيه لهذا العمل إثبات كيفية بدء الحياة على الأرض، إلا أنها المرة الأولى التي يتم فيها صناعة هذه المكونات الأربع بوجود مجموعة من الشروط التجريبية. وقد نُشر العمل في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

لطالما استعصى لغز ظهور الحياة وانبعاثها من مواد غير حية على العلماء. اليوم تمكن العلماء من إعادة خلق البيئة القديمة التي وُجدت في المراحل المبكرة من عمر الأرض، جراء الفهم الذي نملكه عن تلك الظروف التي كانت موجودة؛ ومكنهم هذا الأمر من معرفة فيما إذا كان بإمكانهم إعادة إنتاج بعض الجزيئات التي قادت إلى الحياة.


ظهرت الحياة على كوكبنا قبل حوالي 4 مليار عام؛ وهي الفترة التي تزامنت مع عصر من حياة الأرض وُجدت بعد 150 مليون سنة على ولادتها ويُعرف بـعصر القصف الشديد المتأخر (Late Heavy Bombardment)؛ في هذه الفترة كانت الأرض تتعرض للتصادم المكثف مع الكثير من الحطام الموجود في جوارها. وفي الوقت الذي يعتقد فيه بعض العلماء بأن هذه التصادمات قد أدت إلى إفناء أولى أشكال الحياة على الأرض، يعتقد قسم آخر منهم بأن تلك التصادمات قدمت الظروف الضرورية من أجل الوصول إلى لبنات البناء اللازمة من أجل ولادة الحياة.

من أجل محاكاة تصادم فضائي مع صخرة كبيرة، أطلق العلماء شعاعاً ليزرياً عالي الطاقة نحو حساء كيميائي يحتوي على طين وجزيء يُعرف بالفورماميد (formamide).


الفورماميد عبارة عن مركب كيميائي بسيط ويتكون عندما يتفاعل سيانيد الهيدروجين مع الماء –اقترح باحثون إيطاليون بأن هذا المركب عبارة عن المركب الأب المحتمل للجزيئات الأخرى اللازمة للحياة للمرة الأولى في العام 2001.

كان هذا المركب متاح بشكلٍ وفير في المراحل المبكرة من عمر الكرة الأرضية، وتم تحديد وجوده أيضاً في أذيال المذنبات. وأكثر من ذلك، أوضحت التجارب السابقة أنه من الممكن خلق لبنات البناء الجينية باستخدام هذا الجزيء مع عناصر أخرى.

ولّدت نبضات الليزر ضغطاً شديداً ودرجات حرارة فاقت 4200 درجة سيلسيوس بالإضافة إلى أشعة اكس وفوق بنفسجية –وهو نوع الظروف التي يُمكن أن يتوقعها الشخص فيما لو حصل تصادم مع حطام فضائي. عندما فحص الباحثون الجزيئات الناتجة، وجدوا أربعة مواد كيميائية ناتجة وتدخل في تركيب لبنات بناء الـ RNA وهي: الأدينين (adenine) والجوانين (guanine) والسيتوزين (cytosine) واليوراسيل (uracil) –الثلاث الأولى موجودة في الـ DNA أيضاً. على الرغم من كون جزيء الـ DNA هو جزيء الحياة على الأرض، يعتقد الكثيرون بأن الـ RNA قد كان الجزيء الأول الذي قام بتشفير المعلومات الوراثية.

في الوقت الذي يُعتبر فيه هذا العمل مهم جداً، لا يقتنع الجميع بارتباطه بالسؤال؛ وجادل البعض بأن الفورماميد النقي ما كان ليُوجد في مرحلة التكون الجنيني للأرض؛ في حين يقترح علماء آخرون وجود الكثير من المياه في تلك المرحلة مما سمح بالحصول على أحواض غنية بالفورماميد.

أكثر من ذلك، لا يُمكن للتجارب أن تُخبرنا عن كيفية اتحاد لبنات البناء تلك مع الجزيئات الأخرى الموجودة في الـ RNA؛ لكن العلماء يُدركون ذلك ويُخططون لإجراء المزيد من التجارب، لمعرفة فيما إذا كان بالإمكان صناعة عناصر RNA أخرى بوجود ظروف وشروط مشابهة. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات