علماءٌ يحولون خلايا جذعيّة جينيّة من فئران، لحيوانات منويّة. تُسهِم في إنتاج نسلٍ صحيٍّ وخصِب

بالنسبةِ للأنواعِ التي تعتمدُ على التكاثرِ الجنسيّ -بما في ذلك الفئران والبشر- يتشكّلُ الجنينُ فقط لدى تخصيبِ الحيوانِ المنويّ الذكريّ للبويضةِ الأنثويّة.

أظهرتْ دراسةٌ جديدةٌ بقيادةِ باحثين من معهدِ الدراسات المتقدِّمة لبيولوجيا الإنسان ASHBI، أن الخلايا الجذعيّة متعددةُ القدرات لدى إناث الفئران، يمكن أن تتمايزَ إلى حيواناتٍ منويّة وظيفية.

استخدمت هذهِ الحيواناتُ المنويّة بنجاحٍ، لإنتاجِ نسلٍ صحيٍّ وخصِب وقدَّمت لنا النموذجَ الأفضلَ لتطويرِ خلايا جنسيّة ذكريّة ضِمن أنبوب الاختبار.

سَمَحَت الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات للعلماءِ بدراسةِ كيفيَّة تكوّن كلّ خليَّة في الجسم.

حيث تُعَد خلايا الدِّماغ، خلايا القلب وخلايا الكبد مُجرّد أمثلةٍ على أنواعِ الخلايا المتشكِّلة من الخلايا الجذعيّة والتي تُستخدم الآن كعلاجات تجريبيّة للخلايا عند المرضى.

ومع ذلك، لا يزالُ من الصّعب تكوين بعضِ أنواعِ الخلايا من الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات، وخاصة الحيواناتِ المنويّة.

حيثُ تُعتَبَر الخلايا الجنسيّة التي تُنتج الحيواناتِ المنويّة فريدةً لأسباب عديدة.

أولاً: وعلى عكسِ جميع الخلايا الأخرى التي تحمِلُ 46 كروموسوماً، تحتوي الخلايا الجنسيّة على 23 كروموسوماً فقط، حيث تحتوي البويضة على جميعِ الكروموسومات من الأم، بينما تحتوي الحيوانات المنويّة على جميعِ الكروموسومات من الأب.

علاوةً على ذلك، فهي الخلايا الوحيدة التي ينقلها الآباءُ بالفعل إلى أولادهم، مما يجعلها وفقاً لمدير ASHBI "ميتينوري سايتو Mitinori Saitou"، أحد المشاركين في الدراسة: "القوَّة الدَّافعة التي تُحافِظ على الأنواعِ وتطوُّرِها".

قَطَع العلماءُ خطوات كبيرة في إنتاجِ الحيوانات المنويّة من الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات، حيث تنقسمُ هذه العمليّة عموماً إلى ثلاثِ مراحل تُحاكي التطوُّر الطبيعي.

أولاً، تتمايزُ الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات إلى خلايا جنسيّة بدائيّة، ثم إلى خلايا جذعيّة للحيوانات المنويّة، وأخيراً الحيوانات المنويّة.

الخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة هي التي تسمحُ للذكور بإنتاجِ الحيوانات المنويّة مدى الحياة، ولكن ثَبُتَ أن هذه المرحلة الثانية، هي الأصعبُ من حيثُ إعادةِ إنشائِها في المُختبر.

ولهذا السبب لخَّصت الدكتورة "يوكيكو إيشيكورا Dr. Yukiko Ishikura"، إحدى المشاركين في الدراسة العملية: " إنه أمرٌ صعب ولكنه ليس مستحيلاً حيثُ يمكن تصنيعُ الخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة من الفئران الإناث، ولكن يجب تحسينُ عمليّة التمايز للخلايا الجذعيّة متعددة القدرات."

بدءاً من الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات للفئران الإناث، استطاعت الدكتورة إيشيكورا وزملاؤها إنتاجَ خلايا جنسيّة بدائيّة وفحصوا أكثر من 10000 منها في 8 حالات مختلفة، باستخدامِ ما يسمونه "طريقة الخصية الجديدة المُعاد تشكيلها"، للتحقُّقِ من تواجُدٍ أفضل للظروف لتصنيعِ الخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة، تم التأكيد على أنّ هذه الخلايا الجنسيّة البدائيّة الناتجة، تشترك في العديدِ من الخصائصِ مع تلك الموجودةِ في خصية الفأرِ الذكر، بما في ذلك الجينات الرئيسيّة، علم الوراثة اللاجيني، والتنظيمُ العابر للناقلاتِ العكسيّة، وهو ما لم يكن سايتو يتوقعهُ بشكلٍ خاص.

وقال: "تمت استعادةُ السيطرةِ على الناقلاتِ العكسيّة حيث أن تنظيمَ الناقلات العكسيّة هو آليةٌ للتحكم في تأثيراتِ الناقلات العكسيّة على الجينات الرئيسيّة من خلال تكرارِ تنظيمها بشكلٍ عشوائي".

كانت الوراثةُ اللاجينيةُ المتطابقةُ حاسمةً أيضًا، بينما تتكون الجينات من الحمضِ النووي الجيني، فإن تعبيراتِها تعتمدُ على العواملِ اللاجينية، مثل مثيلاتِ الحمضِ النووي الجيني.

حيث تُظهرُ الخلايا الجنسيّة البدائيّة أنماطاً مثيلة متميّزة من الحمض النووي أثناءَ نموّها، وهي أنماطٌ تعتبر حاسمةً لقدرة الخلايا الجنسيّة على إنتاج النسل.

وللتأكُّد أكثر أن الخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة الناتجة من الخلايا الجنسيّة البدائية تتصرف مثل تلك التي يتمُّ إنتاجها في الجِسم، قام الباحثون بحقنِ الخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة التي صنعوها من الفئران الإناث -حيث سُمِح للخلايا الجذعيّة للحيوانات المنويّة بالتطورِ إلى حيوانات منويّة- ثم أُخذَت هذه الحيواناتُ المنويّة وحُقنَت في البويضات لتنمو الأجنَّة، ثم أُعيدَت الأجنَّة لرحمِ فئران أخرى، والتي أعطت أجنّة سليمة وصحيّة قادرة أيضاً على الإنجاب.

وقال سايتو: "هذه الدراسةُ تُعيد تكوينَ الحيوانات المنويّة الوظيفية من الخلايا الجذعيّة متعددة القدرات في الفئران في أنبوب اختبار، وهذا يفتحُ إمكانياتٍ جديدة لتمايُزِ الخلايا الجنسيّة الذكريّة عند الإنسان".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات