استخدام مُسرِّع الجسيمات لإظهار الخصائص النانوية لبعض المواد الإلكترونية

استخدم العلماء في جامعة كاليفورنيا السيكلوترون (TRI) الموجود في جامعة ميزون، أو (TRIUMF) الموجود في جامعة كولومبيا.
Credit: TRIUMF


ابتكر باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس UCLA تقنية جديدة ستساعد العلماء على إدراك العنصر الصغير والمهم في صناعة الجيل الجديد من الأجهزة الإلكترونية.

في محاولةٍ منهم لتحسين أداء أنصاف النواقل (semiconductors) التي تُشغل الأجهزة الإلكترونية، يركز العلماء جهودهم على استخدام تكنولوجيا جديدة تقوم على مبدأ اللف الذاتي للإلكترونات (spintronics) "الإلكترونيات السبينية "؛ وذلك باعتبارها مجالاً واعداً وجديراً بالاهتمام والدراسة. فعلى عكس الأجهزة التقليدية التي تعمل بمبدأ الشحنات الإلكترونية، يُولد سبين الإلكترونات الطاقة اللازمة لعمل أجهزة الإلكترونيات السبينية. اُستخدِمت هذه التكنولوجيا في الأقراص الصلبة للحاسوب وفي تطبيقاتٍ أخرى، ويؤمن العلماء بإمكانية استخدامها أخيراً في الحواسيب الكمية (quantum computers)، التي تُعد الجيل الجديد من الآلات والأجهزة التي تستخدم ميكانيكا الكم (quantum mechanics) لحل المسائل المعقدة بسرعةٍ عاليةٍ جداً.

أظهرت الدراسات الحديثة أن المفتاح لتحقيق تحسن كبير في أداء الأجهزة السبينية يكمن في استخدام مجموعة من المواد تُدعى "العوازل الطوبولوجية" (topological insulators). فعلى عكس أغلبية المواد التي تكون إما عازلةً للكهرباء أو ناقلةً لها، تؤدي العوازل الطوبولوجية الوظيفتين معاً بشكلٍ متزامن؛ فهي تعتبر من الداخل عازلةً للكهرباء بينما تكون ناقلةً لها ضمن طبقتها الخارجية.


لكن تعاني العوازل الطوبولوجية من بعض العيوب والنواقص التي تعيق استخدامها في بعض التطبيقات العملية. لأنها صغيرة جداً، لم يتمكن العلماء حتى الآن من فهم كيف تؤثر هذه العيوب على وظائفها وعملها.

تمكن العلماء في جامعة كاليفورنيا UCLA من التغلب على هذه المشكلة باستخدام نهجٍ جديد يقوم على تصوير وإظهار العوازل الطوبولوجية على مقياس النانو، وقد سلطت المقالة الضوء على هذه الطريقة التي قاد عملية البحث فيها كل من لويس بوشارد Louis Bouchard، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية، وديميتريوس كومولييس Dimitrios Koumoulis، طالب أبحاث ما بعد الدكتوراه، وقد نُشرت المقالة على الانترنت على موقع Proceedings of the National Academy of Sciences.

شهد هذا البحث الجديد أول استخدام لجهاز الرنين المغناطيسي النووي للكشف عن أشعة بيتا (beta detected nuclear magnetic resonance)، حيث اُستخدم لتحديد مدى تأثير هذه العيوب على الخصائص الفيزيائية للعوازل الطوبولوجية.

تنطوي هذه التقنية على تصويب تيارٍ عالي التركيز من الأيونات على العوازل الطوبولوجية، وبغية توليد شعاع الأيونات استخدم الباحثون مُسرِّع الجسيمات الكبير المسمى "سيكلوترون"، الذي يُسرِع حركة البروتونات من خلال مسارٍ حلزونيٍ داخل الجهاز مُجبراً إياها على التصادم مع مادة مصنوعة من عنصر التنتالوم (tantalum)، ليَنتج عن هذا التصادم ذرات ليثيوم-8 (lithium-8) المتأينة، والتي تباطأت سرعتها إلى مستوى الطاقة المطلوب حتى يتم زرعها في العوازل الطوبولوجية.

في عملية الرنين المغناطيسي النووي للكشف عن أشعة بيتا، تُزرع الأيونات -ذرات ليثيوم 8 في هذه الحالة- ذات الطاقات المختلفة في المادة المطلوب دراستها -العوازل الطوبولوجية- وذلك بهدف توليد إشاراتٍ عبر طبقات تلك المادة، ويقول بوشارد أن هذه العملية أو الطريقة مناسبة على وجه الخصوص لدراسة وسبر مناطق بالقرب من الأسطح والواجهات البينية بين المواد المختلفة.

في بحث جامعة كاليفورنيا، لعبت الحساسية العالية لجهاز الرنين المغناطيسي النووي للكشف عن أشعة بيتا وقدرته العالية على سبر المواد دوراً مهماً في نجاح العملية؛ حيث سمح للعلماء بأن يروا ما تتركه عيوب العوازل الطوبولوجية من تأثيراتٍ عليها عن طريق مشاهدة الخصائص المغناطيسية والإلكترونية الموجودة داخل المادة.

ختاماً يجدر التنويه إلى أن الباحثين استخدموا في تجربتهم سيكلوترون (TRIUMF)، الموجود في جامعة كولومبيا في فانكوفر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • العوازل الطوبولوجية (Topological insulators): هي نوع من المواد الغريبة التي تكون عازلة كهربائية من الداخل ولكنها موصلة للكهرباء على سطحها.
  • الحواسيب الكمومية (Quantum computers): هي الحواسيب التي تعتمد على مبادئ ميكانيك الكم وظواهره مثل التراكب الكمي والتشابك الكمي لمعالجة البيانات. تُقاس البيانات في الحواسيب التقليدية بواحدة البت، أما في الحواسيب الكمومية فتقاس بالكيوبت Qubit
  • أشباه الموصلات (أو أنصاف النواقل) (semiconductor): وهي مواد ذات مقاومة كهربائية ديناميكية بمجال بين مقاومة الموصلات ومقاومة العوازل، بحيث ينتقل التيار الكهربائي فيها عبر تدفق الالكترونات إلى القطب الموجب وتدفق للثقوب باتجاه القطب السالب (الثقب هنا موضع لإلكترون متحرّر)، من أهم تطبيقاتها: الترانزستور والثنائيات الباعثة للضوء

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات