ثورة تقنية في علم الأعصاب

تظهر تقنية جديدة طورت في جنيف Geneva الأصول الجينية للأعصاب الدماغية حديثة التكوين.

يؤوي الدماغ أنواعاً مختلفةً من الخلايا العصبية، تحمل كل منها إشارات جينية مميزة لها وتحدد وظائفها. 
تُشتق الخلايا العصبية من خلايا سليفة، وهي خلايا جذعية متخصصة تملك القدرة على الانقسام لتعطي الخلايا العصبية. 


يسعى علماء الأعصاب في كلية الطب من جامعة جنيف the Faculty of Medicine at Geneva University - UNIGE حالياً، إلى إلقاء مزيد من الضوء على الآليات التي تتبعها الخلايا السليفة لتكوّن الخلايا العصبية، وبابتكارهم للتقنية المعروفة باسم FlashTag -والتي تمكن العلماء من عزل وتصوير الخلايا العصبية- تمكن العلماء من فك مغالق الشيفرة الوراثية الأساسية التي تحكم تكون الخلايا العصبية. 


يمكّن هذا الاكتشاف -والذي تم نشره في دورية Science- العلماء من فهم تطور وتشكل الدماغ، وليس هذا فحسب، وإنما يمكنهم أيضاً من استخدام تلك الشيفرة في إعادة تشكيل وبناء الخلايا العصبية من الخلايا الجذعية، كما يأمل الباحثون أن يصبحوا أكثر قدرةً على فهم الآليات التي تقبع خلف الإصابة ببعض الاختلالات العصبية، كالتوحد autism والفصام Schizophrenia.

في مشروعٍ قاده عالم الأعصاب دينيس جابودون Denis Jabaudon من قسم علم الأعصاب في كلية الطب في جامعة جنيف، وهو طبيب أعصاب في مستشفى جامعة جنيف University Hospitals Geneva - HUG، تمكن الباحثون من تطوير تقنيةٍ أسموها FlashTag، تمكنهم من تصوير وإظهار الخلايا العصبية لحظة تولدها، حيث يتم تعليم الخلايا السليفة ليتم تعقبها لاحقاً بواسم متألق flourescent marker، يدوم هذا الواسم في الخلايا الناتجة عن انقسام الخلايا السليفة، مما يمكن العلماء من عزل وتصوير الخلايا العصبية الناتجة، مما يساعد في تحديد الجينات التي يتم التعبير عنها في الساعات الأولى من تشكل الخلايا العصبية. 
ومع تقدم الوقت، سيتمكن العلماء من دراسة تطور الخلايا العصبية والتغيرات الحادثة في التعابير الجينية فيها.

يقول دينيس جابودون: "في السابق، كنا نملك القليل من الصور لتتبع سجل الخلايا العصبية التاريخي، مما ترك المجال للكثير من التخمين، وبفضل تقنية FlashTag، فقد أصبح لدينا الآن شريطاً جينياً سينيمائياً يظهر أمام أعيننا كل لحظة من تشكل الخلايا العصبية، مما يمكننا من فهم المراحل التطورية وسماتها العامة، وتفاعلاتها، والبواعث المحركة لها".

تمكن العلماء من تحديد الجينات المفتاحية الأساسية التي تحكم التطور العصبي، من خلال العمل على القشرة المخية للفئران، وأظهروا أن تلك التعابير الجينية تمثل القوى المحركة لتطور الدماغ بشكلٍ طبيعي.

إيقاع بدائي غاية في الدقة


يمكن هذا الاكتشاف العلماء من تحديد الشيفرات البدائية التي تحكم تكوين الخلايا العصبية، مما يساعدهم في فهم آلية عملها في أدمغة البالغين، كما يبدو أن العديد من تلك الجينات البدائية مرتبطةٌ بالتطور العصبي وأمراض التنكس العصبي التي قد تحدث في السنوات اللاحقة، مما يشير إلى وجود ميلٍ أو نزعةٍ للإصابة بتلك الأمراض العصبية لحظة تشكل الخلايا العصبية، والعوامل البيئية التي قد تؤثر في تطور المرض لاحقاً. 


كما يأمل العلماء من خلال فهم هذا الإيقاع الجيني للخلايا العصبية عن طريق مراقبة سلوك الجينات منذ لحظة تولد الخلية العصبية، أن يحددوا احتمالية أي شذوذ قد ينتهي بمرضٍ عصبي.

تشير الصورة إلى التعابير الجينية خلال الساعات الأولى من تولد الخلايا العصبية، وتشير كل دائرة إلى مرحلة تطورية (الساعة السادسة، الساعة الثانية عشر، والساعة الرابعة والعشرين) ،كما تشير النقاط الملونة داخل كل دائرة إلى مستوى التعبير الجيني.  حقوق الصورة: Jabaudon Lab, UNIGE.
تشير الصورة إلى التعابير الجينية خلال الساعات الأولى من تولد الخلايا العصبية، وتشير كل دائرة إلى مرحلة تطورية (الساعة السادسة، الساعة الثانية عشر، والساعة الرابعة والعشرين) ،كما تشير النقاط الملونة داخل كل دائرة إلى مستوى التعبير الجيني. حقوق الصورة: Jabaudon Lab, UNIGE.


سيتمكن العلماء بعد النجاح في قراءة الشيفرة الوراثية من إعادة برمجتها في الخلايا العصبية حديثة التولد. 
وبتعديل تعبير بعض الجينات، قد يتمكن العلماء من تسريع نمو الخلايا العصبية، وبالتالي تعديل المخطوطة التطورية. 
كما أصبح الآن ممكناً، مع تقنية FlashTag، عزل وإعادة تشكيل الدوائر المخية مخبرياْ، مما يمكن العلماء من اختبار وظائفها وتطوير علاجاتٍ للأمراض العصبية.

موقع إلكتروني مفتوح للجميع


نشر فريق جامعة جنيف موقعاً إلكترونياً يتم فيه وضع اسم الجين، ثم مراقبة كيف يتم التعبير عنه وكيف يتفاعل مع الجينات الأخرى، و يركز دينيس جابودون قائلاً: "سيتمكن كل فريقٍ بحثيٍّ من التركيز على بضعة جيناتٍ في الوقت الواحد، بينما يحتوي الجينوم على قرابة 20,000 جين، لذلك قمنا بتطوير هذه الأداة لتكون تحت تصرف الباحثين بشكلٍ مفتوح".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات