كوكب يدور حول أقرب نجم يمكن أن يكون صالحا للسكن!

نرى في هذه الصورة المتخيلة أحد المناظر التي تُظهر سطح الكوكب بروكسيما ب Proxima b، الذي يدور حول أقرب نجم إلى نظامنا الشمسي، وهو قزم أحمر يدعى بروكسيما سنتوري Proxima Centauri. يتصف الكوكب بروكسيما ب بأنه أكثر ضخامة من الأرض، فضلاً عن كونه يدور في المنطقة القابلة للحياة حول النجم بروكسيما سنتوري، حيث تسمح درجات الحرارة الملائمة هناك بوجود الماء السائل على سطح الكوكب. 

حقوق الصورة: ESO/M. Kornmesser


اكتشف فلكيون مؤخراً وجود كوكب صخري خارج المجموعة الشمسية، لديه كتلة مقاربة لكتلة الأرض، ويدور حول النجم بروكسيما سنتوري Proxima Centauri، الذي يعد أقرب النجوم إلى شمسنا. وأطلق العلماء على هذا الكوكب اسم بروكسيما ب Proxima b، وهو يقع في مدار ضمن درجات حرارة ملائمة تسمح بوجود الماء السائل على سطحه، مما يثير التكهنات حول مدى قابليته للسكن.

 

وفي هذا الصدد، استطاع باحثون في مختبر الفيزياء الفلكية في مرسيليا تحديد أبعاد الكوكب وخصائص سطحه، ورجحت نتائجهم أن يكون الكوكب بالفعل قابلاً للسكن. وقد نشر الباحثون دراستهم العلمية في دورية الفيزياء الفلكية The Astrophysical Journal. 

يقول فريق الباحثين أنّ بروكسيما ب قد يكون ربما (كوكباً محيطاً)، وذلك نظراً لوجود محيط يغطي سطح الكوكب بأكمله. ويعتقد الباحثون أنّ الماء شبيه ربما بذلك الموجود في المحيطات الجوفية (تحت السطح)، والتي اكتشفت داخل الأقمار الجليدية التي تدور حول كوكبي زحل والمشتري. ويبين الباحثون أيضاً أنّ تكوين بروكسيما ب قد يكون مماثلاً لتكوين عطارد، وذلك على اعتبار أنّ النواة المعدنية تشكل نحو ثلثي كتلة الكوكب. وبالتالي تمنحنا هذه النتائج الأساس الذي ستنطلق منه الدراسات المستقبلية من أجل تحديد مدى قابلية الكوكب بروكسيما ب لدعم الحياة على سطحه. 

يعد النجم بروكسيما سنتوري أقرب النجوم إلى الشمس، ولديه نظام كوكبي مؤلف من كوكب واحد على الأقل. وتعمل الدراسة التي أجراها الباحثون على تحليل الأرصاد السابقة واستكمالها. ولذلك تظهر القياسات الجديدة أنّ كتلة الكوكب بروكسيما سنتوري ب، أو بروكسيما ب فحسب، متقاربة مع كتلة الأرض (1,3 من كتلة الأرض). ويدور الكوكب حول نجمه على مسافة تبلغ 0.05 وحدة فلكية (أي نحو عُشر المسافة الفاصلة بين الشمس وعطارد).

 

وبخلاف ما يمكن للمرء تصوره، لا تقتضي هذه المسافة القريبة إلى الشمس أن تكون درجات الحرارة على سطح بروكسيما ب مرتفعة للغاية. ويعود تفسير هذا الأمر إلى كون النجم المضيف، بروكسيما سنتوري، قزمًا أحمرا ذا كتلةٍ ونصفِ قطرٍ يقدران بنحو عُشر كتلة الشمس ونصف قطرها، فضلًا عن كون سطوعه أضعف بألف مرة من سطوع الشمس. وبناء على ذلك يمكن القول بأنّ الكوكب بروكسيما ب موجود في المنطقة القابلة للسكن ضمن نطاق نجمه، وربما يحتوي سطحه على مياه سائلة. 

بالرغم مما سبق، لا يمتلك العلماء سوى قدر ضئيل من المعلومات حول الكوكب بروكسيما ب، ولا سيما فيما يتعلق بنصف قطره. ولذلك يبدو من المستحيل معرفة شكل الكوكب، أو ماهية تكوينه. وكما هو معلوم، يقيس العلماء عادة نصف قطر الكواكب الخارجية (خارج المجموعة الشمسية) أثناء عبورها أمام نجومها المضيفة، وقيامها بحجب الضوء الصادر عنها. ولكنّ العلماء يجهلون فيما إذا كان بروكسيما ب كوكباً عابراً. 


بالطبع ثمة طريقة أخرى لتقدير نصف القطر لكوكب ما، فالعلماء يستطيعون محاكاة سلوك المواد المكونة للكوكب إذا علموا مقدار كتلته. ويستخدم هذه الطريقة فريق الباحثين الفرنسيين والأمريكيين لدى مختبر الفيزياء الفلكية في مرسيليا، وقسم الفلك في جامعة كورنيل. فقد استعان الباحثون بنموذج خاص بالبنية الداخلية لبروكسيما ب، وعملوا على فحص عمليات التكوين المختلفة المتعلقة بالكوكب، ومن ثم استخرجوا القيم المقابلة لنصف قطر الكوكب.

 

واقتصر الباحثون في دراستهم على الكواكب التي من المحتمل أن تكون قابلة للسكن، وعكفوا على محاكاة الكواكب الصلبة والكثيفة، التي تتكون من نواة معدنية ووشاح صخري (rocky mantle)، مثلما هو الحال في الكواكب الأرضية داخل نظامنا الشمسي. وأجازوا أيضا إدراج كتلة كبيرة من الماء ضمن تكوين الكوكب في المحاكاة. 

وتقدم كل هذه الافتراضات للعلماء مجموعة واسعة ومتنوعة من عمليات التكوين المختلفة للكوكب بروكسيما ب، فقد يتراوح نصف قطر الكوكب بين 0.94 إلى 1.40 من نصف قطر الأرض (أي ما يعادل 3,959 ميلا، أو 6,371 كم). وتبين الدراسة أنّ نصف قطر الكوكب بروكسيما ب لا يقل عن 3,722 ميلا (5,990 كم). وبالتالي لكي تكون هذه القيمة صحيحة لا بد أن يكون الكوكب كثيفا للغاية، ومؤلفا من نواة معدنية ذات كتلة تعادل نحو 65% من كتلة الكوكب، في حين يشكل الوشاح الصخري باقي النسبة (وهو متكون من السيليكات).

 

وتقع المنطقة الفاصلة بين النواة والوشاح على عمق يبلغ 932 ميلا (1،500 كم)، ويمكن القول وفقا لمثل هذا التكوين بأنّ بروكسيما ب شبيه جدا بكوكب عطارد، الذي يتمتع أيضا بنواة معدنية صلبة للغاية. وبناء على هذه المحاكاة، لا يوجد أي مانع يحول دون وجود الماء على سطح الكوكب، وخاصة أنّ المسطح المائي على الأرض لا تتعدى نسبته ما يقدر بنحو 0.05 % من كتلتها. 


وفي المقابل، يمكن أيضا أن يبلغ نصف قطر بروكسيما ب نحو 5,543 ميلا (8,920 كم)، شريطة أن تكون نسبة كل من الطبقة الصخرية والماء متساوية (أي يتكون من طبقة صخرية تقدر نسبتها بـ 50%، ومحاطة بالماء الذي تقدر نسبته بـ 50% أيضا). ووفقا لهذا الاحتمال، سيكون الكوكب بروكسيما ب مغطى بمحيط من الماء السائل، يصل عمقه إلى 124 ميلا (200 كم).

 

وبالتالي، سيكون الضغط قويا جدا في المناطق التي يزيد عمقها عن 124 ميلا، مما سيؤدي إلى تحول الماء السائل إلى طبقات جليدية ذات ضغط عالٍ، وذلك قبل أن تصل المنطقة الفاصلة مع الوشاح إلى عمق 1,926 ميلا (3100 كم). وفي هذه الاحتمالات القصوى، قد يكون الكوكب مغطى بطبقة رقيقة من الغلاف الجوي الغازي، مثلما هو الحال على كوكب الأرض، مما يشير إلى كون بروكسيما ب على الأرجح قابلا للسكن. 

وتوفر مثل هذه النتائج معلومات مهمة جدا تضاف إلى سيناريوهات التكوين المحتملة التي اقترحها العلماء فيما يتعلق بالكوكب بروكسيما ب. وتشير بعض السيناريوهات إلى كون الكوكب جافا تماما، في حين يسمح بعضها الآخر بوجود كمية كبيرة من الماء في تكوينه. وبالطبع، انطوى عمل الباحثين على تقديم تقدير لنصف قطر الكوكب في كل واحد من هذه السيناريوهات.

 

وبالمثل، سيؤدي هذا الأمر إلى الحد من كمية المياه المتاحة على بروكسيما ب، نظرا لأنه سيكون عرضة للتبخر بفعل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية المنبعثة من النجم المضيف، والتي تتميز بكونها أكثر عنفا وقوة من تلك الأشعة الصادرة عن الشمس.

وبطبيعة الحال، ستضفي الدراسات المستقبلية مزيدا من التحسينات على هذه الدراسة. وعلى وجه الخصوص، سيقلل قياس الكميات المتاحة من العناصر الثقيلة التي تبعثها النجوم، مثل المغنيزيوم والحديد والسيليكون،من عدد عمليات التكوين الممكنة بشأن الكوكب بروكسيما ب، مما يسمح للعلماء بتحديد نصف قطره على نحو أكثر دقة. 


بوسعكم الحصول على مزيد من المعلومات حول الكواكب الخارجية عند زيارة الرابط التالي

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات